رسول الله ﷺ يهل بالحج ويتوجه إلى منى يوم التروية

حديث: رسول الله ﷺ يهل بالحج ويتوجه إلى منى يوم التروية

عن جابر بن عبد الله قال: فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج وركب رسول الله ﷺ فصلّي به الظّهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم مكث
قليلا حتى طلعت الشمس وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة، فسار رسول الله ﷺ ولا تشكّ قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام -كما كانت قريش تصنع في الجاهليّة-، فأجاز رسول الله ﷺ حتى أتي عرفة فوجد القبّة قد ضُربت له بنمرة فنزل بها.

صحيح: رواه مسلم في الحج (١٢١٨) من طريق حاتم بن إسماعيل المدني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، فذكر بطوله في حجّة النبيّ ﷺ.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أهلاً وسهلاً بك، وأسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه والعمل بها.
هذا الحديث الشريف رواه الإمام مسلم في صحيحه عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنه، وهو يصف لنا بدقة وإتقان كيف أدى رسول الله ﷺ حجة الوداع، والتي كانت المرة الوحيدة التي حج فيها بعد الهجرة، فكانت بمثابة الدرس العملي للأمة في مناسك الحج.

أولاً. شرح المفردات:

● يوم التروية: هو اليوم الثامن من شهر ذي الحجة، وسُمي بذلك لأن الحجاج كانوا يتروون فيه من الماء ويستقونهُ لمنى وعرفة حيث لا ماء فيهما.
● توجهوا إلى منى: ذهبوا وقهروا إليها. ومنى منطقة بين مكة وعرفة.
● أهلوا بالحج: رفعوا أصواتهم بالتلبية قائلين: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك..."، معلنين بدء نسك الحج وإحرامهم له.
● بنمرة: مكان قريب من عرفة، وليس جزءاً من عرفة نفسها، بل هو خارج حدودها.
● المشعر الحرام: هو مزدلفة، وكان يُسمى في الجاهلية بـ "المشعر الحرام".

ثانياً. شرح الحديث:

يصف لنا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أحداث اليوم الثامن من ذي الحجة (يوم التروية) في حجة النبي ﷺ:
1- الخروج إلى منى والإهلال بالحج: خرج النبي ﷺ وأصحابه من مكة متوجهين إلى منى بعد صلاة الظهر، وأحرم بالحج هناك (أي أدى صلاة الظهر في مكة ثم خرج محرماً)، وصلّى في منى خمس صلوات: الظهر والعصر والمغرب والعشاء وصلاة الفجر من اليوم التاسع. وهذا بيان لسنة المبيت بمنى في يوم التروية.
2- الانتظار حتى طلوع الشمس: بعد صلاة الفجر، انتظر النبي ﷺ قليلاً حتى طلعت الشمس. وهذا من هديه ﷺ، حيث كان لا يخرج إلى عرفة مبكراً جداً، بل يخرج بعد طلوع الشمس بسكينة ووقار.
3- إمراره بقبة من شعر في نمرة: أمر ﷺ أن تُنصب له خيمة (قبة) من صوف في مكان called "نمرة" ليرتاح فيها قبل الوقوف بعرفة.
4- مخالفة سنن الجاهلية: كان من عادة قريش في الجاهلية ألا يقفوا بعرفة، بل كانوا يقفون عند حدود الحرم في مكان يسمى "المشعر الحرام" (مزدلفة) ويقولون: "نحن أهل الحرم، فلا نخرج منه"، وكانوا يسمون أنفسهم "الحُمْس". فسار النبي ﷺ متجاوزاً مزدلفة، فظنّت قريش أنه سيفعل كما كانوا يفعلون ويقف عند المشعر الحرام، لكنه ﷺ أجاز (تجاوز) مزدلفة تماماً متوجهاً إلى عرفة، ليُظهر مخالفة باطل الجاهلية ويُثبت أن الوقوف بعرفة هو الركن الأعظم للحج، كما في الحديث: «الحَجُّ عَرَفَةُ».
5- النزول في القبة بنمرة: وصل النبي ﷺ إلى عرفة، فوجد الخيمة قد نُصبت له في "نمرة" (وهو مكان خارج حدود عرفة)، فنزل بها للاستراحة حتى زوال الشمس (وقت الظهيرة)، ثم خرج منها وواصل سيره حتى وصل إلى بطن الوادي ( inside عرفة) ووقف هناك، وبهذا أكمل ﷺ الركن الأعظم للحج.

ثالثاً. الدروس المستفادة والفقه:

1- مشروعية المبيت بمنى في يوم التروية: وهو سنة مؤكدة عند جمهور العلماء.
2- استحباب عدم التسرع في الخروج إلى عرفة: يُستحب الخروج بعد طلوع الشمس بسكينة ووقار، مخالفة للمشركين الذين كانوا يخرجون بسرعة وعجلة.
3- إبطال عادات الجاهلية: من أعظم مقاصد الشريعة إبطال الشركيات والبدع والعادات الجاهلية. وقوف النبي ﷺ في عرفة وليس في مزدلفة كقريش، هو تصحيح لعقيدة التوحيد وإتمامٌ للملة، وإعلان أن الدين لله وحده، لا لعادات القبائل.
4- بيان أن الوقوف بعرفة هو ركن الحج الأعظم: بتجاوزه ﷺ للمشعر الحرام وتوجهه إلى عرفة، بيّن للأمة مكان وقوفهم ووقته، وهو ما يُكَمل به الحج.
5- التيسير على الناس: نزول النبي ﷺ في الخيمة بنمرة للاستراحة من حر الشمس قبل الوقوف، يدل على مراعاة الشريعة لأحوال الناس ورفع الحرج عنهم.

رابعاً. فوائد إضافية:

- في هذا الحديث بيان شامل لهدي النبي ﷺ العملي في الحج، وهو أفضل ما يُقتدى به.
● التلبية والإهلال بالحج يستمر من حين الإحرام إلى بدء رمي جمرة العقبة يوم النحر.
● نمرة ليست من عرفة، والسنة أن يقف الحاج داخل حدود عرفة المعروفة، وليس في نمرة.
أسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، وأن يبلغنا حج بيته الحرام، وأن نتبع سنة نبيه ﷺ حق الاتباع.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الحج (١٢١٨) من طريق حاتم بن إسماعيل المدني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، فذكر بطوله في حجّة النبيّ ﷺ.
قوله: «نمرة» هي موضع بجنب عرفات وليس من عرفات.
أما قوله: «حتى أتى عرفة، فوجد القبة قد ضربت له بنمرة» ففيه تجوّز، والمراد قارب عرفات. انظر شرح مسلم للنوويّ (٨/ ١٨٠).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 372 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: رسول الله ﷺ يهل بالحج ويتوجه إلى منى يوم التروية

📜 حديث: رسول الله ﷺ يهل بالحج ويتوجه إلى منى يوم التروية

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: رسول الله ﷺ يهل بالحج ويتوجه إلى منى يوم التروية

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: رسول الله ﷺ يهل بالحج ويتوجه إلى منى يوم التروية

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: رسول الله ﷺ يهل بالحج ويتوجه إلى منى يوم التروية

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية