إني رأيت رسول الله ﷺ واقفًا مع الناس بعرفة

حديث: إني رأيت رسول الله ﷺ واقفًا مع الناس بعرفة

عن جبير بن مطعم، قال: أضللتُ بعيرًا لي، فذهبتُ أطلبه يوم عرفة، فرأيتُ رسول الله ﷺ واقفًا مع الناس بعرفة. فقلتُ: واللهِ، إنّ هذا لمن الحمس، فما شأنه ههنا؟ وكانتْ قريش تُعدُّ من الحمس.

متفق عليه: رواه البخاريّ في الحج (١٦٦٤)، ومسلم في الحج (١٢٢٠) كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، حدثنا عمرو (هو ابن دينار)، حدثنا محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحًا وافيًا، مستندًا إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

نص الحديث:

عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: أضللتُ بعيرًا لي، فذهبتُ أطلبه يوم عرفة، فرأيتُ رسول الله ﷺ واقفًا مع الناس بعرفة. فقلتُ: واللهِ، إنّ هذا لمن الحمس، فما شأنه ههنا؟ وكانتْ قريش تُعدُّ من الحمس.

1. شرح المفردات:

* أضللتُ بعيرًا لي: أي فقدتُ بعيرًا من إبلي ولم أعرف مكانه.
* يوم عرفة: اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، وهو الركن الأعظم من أركان الحج.
* واقفًا مع الناس بعرفة: يقف النبي ﷺ مع الحجاج في صعيد عرفة لأداء الركن الرئيسي من الحج، وهو الوقوف بعرفة.
* الحمس: مفردها "أحمس"، وهو اسم أطلقه العرب في الجاهلية على قبيلة قريش وعدد من القبائل المتحالفة معها (وهم: قريش، وكنانة، وخزاعة). وسُمُّوا بذلك لشدة تمسكهم بدينهم وتشددهم فيه.
* فما شأنه ههنا؟: أي ما الذي جاء به إلى هنا؟ وهذا تعجب من جبير لرؤيته النبي ﷺ وهو من قريش (الحمس) واقفًا في عرفة مثل سائر الناس.

2. شرح الحديث:

يحكي الصحابي الجليل جبير بن مطعم رضي الله عنه، وكان لا يزال على دين قومه في الجاهلية وقتها، واقعة حدثت له قبل إسلامه.
* السياق التاريخي: كان هذا الحدث في حجة الوداع، سنة 10 هـ، وهي الحجة الوحيدة التي حجها النبي ﷺ بعد الهجرة.
* سبب دهشة جبير: في الجاهلية، كانت قبائل "الحمس" (ومنهم قريش) تتشدد في دينها وتعتقد أمورًا ليست من الدين الصحيح. ومن بدعهم التي اخترعوها في الحج أنهم كانوا يقولون: "لا نخرج من الحرم لتعظيم البيت"، فكانوا لا يقفون في عرفة مثل بقية العرب، بل كانوا يقفون عند حدود الحرم في مكان يسمى "المزدلفة" (وكانوا يسمونها "جمعًا") ويقولون: "نحن أهل الحرم، فلا نخرج منه". وكانوا يعدون وقوف غيرهم في عرفة خطأً ونقصًا في الحج.
* مصدر التعجب: لذلك، عندما رأى جبير بن مطعم – وهو من قريش – النبي محمدًا ﷺ (وهو من قريش أيضًا، وأشرفهم نسبًا) واقفًا في عرفة مع جميع الناس، تعجب كثيرًا وقال: "والله إن هذا لمن الحمس (أي من قريش المتشددين في هذا الأمر)، فما الذي جاء به إلى هنا؟!"، لأنه خالف عادة قومه وتقاليدهم الباطلة التي نشأ عليها.

3. الدروس المستفادة والعبر:

1- إبطال الشرك والبدع: جاء النبي ﷺ ليبطل جميع العادات الجاهلية والبدع المخالفة لشرع الله تعالى. فوقف في عرفة مثل كل المسلمين، مساويًا بين القرشي وغير القرشي، والعربي والعجمي، والأسود والأبيض، إلا بالتقوى، مظهرًا أن الحج هو عبادة لله على ملة إبراهيم عليه السلام، وليس تقليدًا لقبيلة أو عرفًا لقوم.
2- مخالفة أهل الباطل: الحديث دليل على وجوب مخالفة طريق المشركين والابتداع في الدين، ولو كان المتبعون له هم الأكثر عددًا أو النبلاء في القوم. فالحق لا يعرف بالرجال، وإنما يعرف الرجال بالحق.
3- إكمال الدين: موقف النبي ﷺ هذا في حجة الوداع كان جزءًا من بيانه ﷺ لمناسك الحج كما شرعها الله، حيث قال في ذلك اليوم: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ». فجعل وقوف الحجاج كلهم في عرفة، وألغى امتياز قريش الباطل.
4- الرسول القدوة: النبي ﷺ هو أول من يمتثل لأمر الله، فهو الذي كان بإمكانه أن يتمسك بامتياز قومه لو أراد، لكنه предفضّل طاعة الله واتباع الحق على كل شيء.
5- قوة تأثير المشاهدة: sometimes, رؤية الحق والتطبيق العملي له، كما رأى جبير النبي ﷺ في عرفة، لها أثر كبير في هداية القلوب، وقد كان هذا من الأسباب التي مهدت لإسلام جبير بن مطعم رضي الله عنه لاحقاً.

4. معلومات إضافية مفيدة:

* إسلام جبير بن مطعم: أسلم جبير رضي الله عنه بعد فتح خيبر سنة 7 هـ، وكان من فضلاء الصحابة.
* مصدر الحديث: أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من أصح الكتب بعد القرآن الكريم.
* الحكمة من الوقوف بعرفة: الوقوف بعرفة هو ركن الحج الأعظم، لقول النبي ﷺ: «الحَجُّ عَرَفَةُ». وفي هذا الموقف العظيم يتجلى معنى المساواة بين الخلق وافتقارهم جميعًا إلى ربهم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الحج (١٦٦٤)، ومسلم في الحج (١٢٢٠) كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، حدثنا عمرو (هو ابن دينار)، حدثنا محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، فذكره.
والتحقيق في هذا أن قصة جبير بن مطعم مع رسول الله ﷺ وقعت في الجاهلية. وأسلم جبير بن مطعم يوم الفتح وكان ذهابه إلى عرفة ليطلب بعيره الشارد لا ليقف بها.
ويؤكّد هذا ما رواه ابن خزيمة في صحيحه كما في الحديث الآتي.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 380 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إني رأيت رسول الله ﷺ واقفًا مع الناس بعرفة

📜 حديث: إني رأيت رسول الله ﷺ واقفًا مع الناس بعرفة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إني رأيت رسول الله ﷺ واقفًا مع الناس بعرفة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إني رأيت رسول الله ﷺ واقفًا مع الناس بعرفة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إني رأيت رسول الله ﷺ واقفًا مع الناس بعرفة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية