حديث: ننزل غدًا إن شاء الله بخيف بني كنانة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب مكان نزول النبيّ ﷺ مكة بعد رجوعه من منى

عن أبي هريرة، عن رسول الله ﷺ أنه قال: «ننزل غدًا إن شاء الله بخيف بني كنانة، حيث تقاسموا على الكفر».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الحج (١٥٨٩)، ومسلم في الحجّ (١٣١٤) كلاهما من حديث ابن شهاب الزهريّ، قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي هريرة، فذكره، واللفظ لمسلم.

عن أبي هريرة، عن رسول الله ﷺ أنه قال: «ننزل غدًا إن شاء الله بخيف بني كنانة، حيث تقاسموا على الكفر».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي طلبت شرحه هو حديث عظيم، رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال: «ننزل غدًا إن شاء الله بخيف بني كنانة، حيث تقاسموا على الكفر».
وفي رواية للبخاري: «... وَهُوَ الْحَذْيَفَةُ بْنُ أَسِيدٍ الْغِفَارِيُّ، وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: خَيْفُ بَنِي كِنَانَةَ».

### أولاً. شرح المفردات
● ننزل: أي نحط الرحال ونعسكر. والمقصود أن النبي ﷺ كان في سفر (غزوة أو عمرة) وأخبر أصحابه بمكان نزولهم في اليوم التالي.
● غدًا: اليوم التالي لليوم الذي قال فيه النبي ﷺ هذه الكلمة.
● بخيف: الخيف في اللغة: هو ما انحدر من الجبل وارتفع عن مستوى الوادي. وهو اسم لمكان معروف قرب مكة.
● بني كنانة: هي قبيلة عربية كبيرة، وكانت من القبائل التي حوصرت قريشٌ بها وحالفتها ضد النبي ﷺ في غزوة الأحزاب.
● تقاسموا: أي تعاهدوا وتحالفوا وأقسموا فيما بينهم.
● على الكفر: أي على محاربة الإسلام والكفر بالله ورسوله.

### ثانياً. شرح الحديث
كان النبي ﷺ في طريق عودته من إحدى الغزوات (قيل هي غزوة حنين أو غيرها)، فأخبر أصحابه أنهم سينزلون في اليوم التالي في مكان يسمى "خيف بني كنانة".
ولم يكتفِ ﷺ بتسمية المكان، بل ربطه بحادثة تاريخية ذات مغزى عظيم، فقال: «حيث تقاسموا على الكفر».
المقصود بـ "التقاسم على الكفر":
يشير هذا إلى حلف تاريخي وقع قبل البعثة النبوية، تعاهدت فيه قبائل قريش وقبيلة كنانة (وبعض الروايات تذكر خزاعة أيضًا) في هذا المكان (الخيف) على ألا ينصروا المظلوم، بل يتعاونون على الظلم ويمنعون أي شخص يطلب ثأرًا أو حقًا، حتى ولو كان من خارج مكة. وكان هذا الحلف ضد مبادئ العدالة والإنسانية، وسُمي "حلف الفضول" أو "حلف الأحلاف"، ولكنه كان حلفًا ظالمًا، فوصفه النبي ﷺ بأنه "تقاسم على الكفر".
إشارة النبي ﷺ إلى هذا المكان لها عدة حكم ودلالات:
1- إظهار نعمة الله: فالنبي ﷺ ينزل هو وأصحابه المؤمنون الموحدون في نفس المكان الذي حلف فيه أسلافهم على الكفر والظلم. فهذا مشهد يعكس انتصار الحق على الباطل، والإيمان على الكفر.
2- التذكير بتقلب الأحوال: فالأماكن تتغير معانيها بأهلها. فالمكان الذي شهد كفرًا وظلمًا أصبح يشهد نزول النبي ﷺ وصحابته الكرام، مما يطهره ويعليه بذكر الله.
3- التعليم العملي: كان النبي ﷺ يستغل كل فرصة لتعليم أصحابه التاريخ والعبرة منه، ليعرفوا جذور الصراع بين الحق والباطل.
4- إثبات علم الغيب لله تعالى: فقد أخبر النبي ﷺ عن مكان نزولهم في المستقبل (غدًا) وهو من علم الغيب الذي أطلعه الله عليه.

### ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر
1- عزة الإسلام والمسلمين: يشير الحديث إلى التحول الكبير الذي أحدثه الإسلام، حيث أصبح المسلمون هم الأقوى والأعز، ينزلون في أماكن كانت معاقل للكفر.
2- التاريخ مدرسة العبر: على المسلم أن يعرف تاريخ أمته، لا ليتفاخر به فحسب، بل ليعرف حجم النعمة التي أنعم الله بها بالإسلام، وليعتبر بمصير الأمم السابقة.
3- ربط الأماكن بالمعاني: ينبغي للمسلم أن يربط الأماكن التي يمر بها بالحوادث والعبر، فهذا يزيد إيمانه ويقوي صلته بتاريخ دينه.
4- التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب: قال النبي ﷺ: «إن شاء الله»، فهي سنة الأنبياء والمرسلين في الجمع بين التوكل على الله والأخذ بالأسباب.
5- بيان حقيقة الأحلاف الجاهلية: التي كانت تقوم على العصبية القبلية والظلم، مقابل حلف الإسلام الذي يقوم على التقوى والبر والعدل.

### رابعاً. معلومات إضافية
● موقع خيف بني كنانة: يقع هذا المكان في منى، قرب جمرة العقبة الكبرى، وهو معروف ومحدد.
● حلف الفضول (الخير) مقابل حلف الكفر: من المهم التفريق بين هذا الحلف الظالم، وبين "حلف الفضول" المشهور الذي حضرَه النبي ﷺ قبل البعثة، والذي كان حلفًا على نصرة المظلوم وإرجاع الحقوق لأهلها، وأثنى عليه النبي ﷺ بعد البعثة.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يعتبر بآياته وأخباره، ويتعظ بمواعظه وحكمه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
هذا والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الحج (١٥٨٩)، ومسلم في الحجّ (١٣١٤) كلاهما من حديث ابن شهاب الزهريّ، قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي هريرة، فذكره، واللفظ لمسلم.
وزاد البخاري في أول الحديث: «حين أراد قدوم مكة، أي حين رجوعه من منى».
جاء التصريح بذلك في الرواية التي بعدها (١٥٩٠)، وفيه: قال النبيّ ﷺ من الغد يوم النحر وهو بمنى: «نحن نازلون غدًا بخيف بني كنانة، حيث تقاسموا على الكفر» يعني بذلك المحصب.
والخيف: هو ما ارتفع عن مجرى السيل، وانحدر عن غلظ الجبل، ومسجد مني يسمي مسجد الخيف؛ لأنه في سفح جبلها. النهاية (٢/ ٩٣).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 564 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ننزل غدًا إن شاء الله بخيف بني كنانة

  • 📜 حديث: ننزل غدًا إن شاء الله بخيف بني كنانة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ننزل غدًا إن شاء الله بخيف بني كنانة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ننزل غدًا إن شاء الله بخيف بني كنانة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ننزل غدًا إن شاء الله بخيف بني كنانة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب