حديث: حج النبي ثلاث حجج حجتين قبل الهجرة وحجة بعدها

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في عدد حجّات النبيّ ﷺ -

عن جابر بن عبد الله، أنّ النبيّ ﷺ حجّ ثلاث حجج، حجّتين قبل أن يهاجر، وحجّة بعدما هاجر، ومعها عمرة. فساق ثلاثة وستين بدنة، وجاء عليٌّ من اليمن ببقيتها، فيها جمل لأبي جهل في أنفه بُرّة من فضّة، فنحرها رسول الله ﷺ، وأمر رسول الله ﷺ من كلّ بدنة ببعضه، فطُبختْ وشرب من مرقها.

صحيح: رواه الترمذي (٨١٥)، وابن ماجه (٣٠٧٦)، وصحّحه ابن خزيمة (٣٥٠٦) كلهم من حديث سفيان الثوريّ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، فذكره.

عن جابر بن عبد الله، أنّ النبيّ ﷺ حجّ ثلاث حجج، حجّتين قبل أن يهاجر، وحجّة بعدما هاجر، ومعها عمرة. فساق ثلاثة وستين بدنة، وجاء عليٌّ من اليمن ببقيتها، فيها جمل لأبي جهل في أنفه بُرّة من فضّة، فنحرها رسول الله ﷺ، وأمر رسول الله ﷺ من كلّ بدنة ببعضه، فطُبختْ وشرب من مرقها.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث النبوي الشريف الذي رواه الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما:

نص الحديث:


عن جابر بن عبد الله، أنّ النبيّ ﷺ حجّ ثلاث حجج، حجّتين قبل أن يهاجر، وحجّة بعدما هاجر، ومعها عمرة. فساق ثلاثة وستين بدنة، وجاء عليٌّ من اليمن ببقيتها، فيها جمل لأبي جهل في أنفه بُرّة من فضّة، فنحرها رسول الله ﷺ، وأمر رسول الله ﷺ من كلّ بدنة ببعضه، فطُبختْ وشرب من مرقها.


1. شرح المفردات:


● حجّ: أدى مناسك الحج.
● حجّتين قبل أن يهاجر: أي قبل الهجرة إلى المدينة المنورة.
● حجّة بعدما هاجر: وهي حجة الوداع.
● ومعها عمرة: أي أن الحجة التي بعد الهجرة كانت مقترنة بعمرة (قارن بينهما).
● ساق: أهدى وأخرج معه.
● بدنة: ناقة أو بقرة تُهدى للهدمي (الهدي).
● بُرّة: حلقة أو خزامة توضع في أنف الجمل للزينة.
● نحرها: ذبحها.
● مرقها: الماء الذي طُبخ فيه اللحم.


2. شرح الحديث:


يخبرنا الصحابي جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم حج ثلاث مرات في حياته:
- حجتان قبل الهجرة من مكة إلى المدينة، وكان ذلك في فترة الدعوة السرية والجهرية قبل الهجرة.
- وحجة واحدة بعد الهجرة، وهي حجة الوداع التي كانت في السنة العاشرة للهجرة، وقد قارن فيها بين الحج والعمرة (أي أدى العمرة والحج في سفر واحد بإحرام واحد).
وفي حجة الوداع هذه، ساق النبي صلى الله عليه وسلم معه ثلاثة وستين بدنة (ناقة) كهدي، وذلك بعدد سنوات عمره الشريف صلى الله عليه وسلم، حيث بلغ ثلاثًا وستين سنة.
وجاء علي بن أبي طالب رضي الله عنه من اليمن ومعه بقية الهدي، فكان مجموع الهدي مائة بدنة (أي أضاف عليٌّ سبعًا وثلاثين بدنة إلى الثلاثة والستين التي ساقها النبي صلى الله عليه وسلم، فصارت مائة بدنة).
ومن بين هذه الإبل التي جاء بها عليٌّ رضي الله عنه، كان هناك جمل كان ملكًا لأبي جهل (عدو الله وعدو الرسول)، وكان في أنفه حلقة من فضة (بُرة) للزينة، ومع ذلك لم يتردد النبي صلى الله عليه وسلم في نحرها وإهدائها لله تعالى، إظهارًا للتوحيد وإهانةً للشرك وأهله.
ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤخذ جزء من كل بدنة (قطعة من لحمها) فتُطبخ جميعًا في قدر واحدة، ثم شرب من مرقها (الماء الذي طُبخ فيه اللحم) ليتبرك به، ويأكل من لحمها، ليكون ذلك بركة وشُكرًا لله على نعمته.


3. الدروس المستفادة منه:


1- بيان عدد حجات النبي صلى الله عليه وسلم: حيث حج حجتين قبل الهجرة وحجة واحدة بعدها (حجة الوداع)، مما يدل على أن الحج فُرض قبل الهجرة، ولكن كان على التخيير بينه وبين العمرة، ثم أصبح فرضًا مرة واحدة في العمر.
2- فضل الهدي والإطعام في الحج: حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الهدي تقربًا إلى الله تعالى.
3- إهانة الشرك وأهله: حيث نحر النبي صلى الله عليه وسلم جمل أبي جهل مع أنه كان مزينًا بالفضة، ليدل على أن الزينة المادية لا تغني عن الإيمان، وأن الكفر والخيلاء لا قيمة لهما عند الله.
4- التبرك بآثار الطاعات: حيث أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأخذ جزء من كل بدنة وطبخها وشرب مرقها، وهذا من التبرك المشروع بآثار العبادة والطاعة.
5- التواضع وعدم الترفع عن مشاركة الناس: حيث شرب من المرق مثل أي شخص عادي، مع أنه نبي الله وخاتم المرسلين.
6- بيان كمال نصح النبي صلى الله عليه وسلم لأمته: حيث بين لهم سنن الحج وأعماله عمليًا.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- حجة الوداع هي الحجة الوحيدة التي أدّاها النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة، وقد بين فيها كثيرًا من مناسك الحج.
- العدد 63 بدنة يوافق عمر النبي صلى الله عليه وسلم، مما قد يكون إشارة إلى شكر الله على بلوغ هذا العمر بأتم الصحة وأكمل الإيمان.
- جاء في روايات أخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتوزيع لحم الهدي على الفقراء، وهذا من كمال شكر النعمة وإظهار الشعيرة.

أسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا، وأن يوفقنا لاتباع سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذي (٨١٥)، وابن ماجه (٣٠٧٦)، وصحّحه ابن خزيمة (٣٥٠٦) كلهم من حديث سفيان الثوريّ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، فذكره. واختصره ابن خزيمة. هذا الحديث علّله الترمذيّ بعلّتين:
إحداهما: أنه لم يرو هذا الحديث إلا زيد بن الحباب، عن سفيان الثوريّ.
والثانية: نقل عن البخاريّ أنه لا يعرف حديث الثوري عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، عن النبيّ ﷺ، ولا يرى هذا الحديث محفوظًا. وقال: «إنّما يروى عن الثوري، عن أبي إسحاق، عن مجاهد مرسلًا».
قال الأعظمي: فأما العلة الأولى بأنه لا يروى هذا الحديث إلّا عن زيد بن الحباب. فأقول: زيد بن الحباب ثقة، وثّقه ابن المديني، والعجلي، والدارقطني، وابن حبان. وقال أبو حاتم: «صدوق صالح». ولكن قال ابن معين: كان يقلب حديث الثوريّ ولم يكن به بأس.
وقال ابن عدي: «له حديث كثير، وهو من أثبات مشائخ الكوفة، ممن لا يشك في صدقه. والذي قاله ابن معين عن أحاديثه عن الثوري إنما له أحاديث عن الثوري يستغرب بذلك الإسناد، وبعضها يتفرد برفعه، والباقي عن الثوري وغير الثوري مستقيمة كلها».
قال الأعظمي: وملخص هذا الكلام أنه إذا انفرد برواية حديث عن الثوري، ولم يتابع عليه، فقد يكون أخطأ فيه.
وقد وجدنا لزيد بن الحجاب متابعًا، وهو ما رواه ابن ماجه (٣٠٧٦) عن القاسم بن محمد بن عبّاد بن عبّاد المهلّبي، قال: حدّثنا عبد الله بن داود، قال: حدّثنا سفيان، قال (فذكر الحديث). قيل له: من ذكره؟ قال: جعفر، عن أبيه، عن جابر.
وعبد الله بن داود هذا هو الهمداني أبو عبد الرحمن الخريبي، ثقة فاضل. وهي متابعة قوية لزيد ابن الحباب.
والعلة الثانية: كونه روي عن الثوريّ، عن أبي إسحاق، عن مجاهد مرسلًا. فلا يضر من رواه موصولًا من وجه آخر، وهو ما سبق؛ وعدم العلم ليس بعلم كما يقال.
قال ابن خزيمة بعد ذكر الحديث من طريق زيد بن الحباب، عن الثوريّ: «ذكر الدليل على صحة هذا المتن، والبيان أنّ النبيّ ﷺ قد حجّ قبل هجرته إلى المدينة، لا كما من طعن في الخبر، وادَّعى أنّ هذا الخبر لم يروه غير زيد بن الحباب».
ثم أخرج حديث جبير بن مطعم قال: رأيت رسول الله ﷺ قبل أن ينزل عليه، وإنه لواقف على بعير له بعرفات مع الناس يدفع معهم منها». وسبق تخريجه في الوقوف بعرفات.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 563 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: حج النبي ثلاث حجج حجتين قبل الهجرة وحجة بعدها

  • 📜 حديث: حج النبي ثلاث حجج حجتين قبل الهجرة وحجة بعدها

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: حج النبي ثلاث حجج حجتين قبل الهجرة وحجة بعدها

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: حج النبي ثلاث حجج حجتين قبل الهجرة وحجة بعدها

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: حج النبي ثلاث حجج حجتين قبل الهجرة وحجة بعدها

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب