فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ شاة أو بدنة أو بقرة

حديث: فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ شاة أو بدنة أو بقرة

قال الله تعالى: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ [سورة البقرة: ١٩٦].
عن علي بن أبي طالب، قال: ﴿فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ شاة.
وعن عبد الله بن عمر، قال: ﴿فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ بدنة أو بقرة. رواه عنهما مالك في الموطأ. (١٥٨، ١٦٠).
قال تعالى: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ﴾ [الحج: ٣٦].
عن أبي جمرة، قال: سألتُ ابن عباس ﵄ عن المتعة فأمرني بها، وسألته عن الهدي فقال: «فيها جزور أو بقرة أو شاة أو شرك في دم» ، قال: وكأن ناسا كرهوها، فنمت فرأيت في المنام كأن إنسانا ينادي: حج مبرور، ومتعة متقبلة، فأتيت ابن عباس رضي الله عنهما فحدثته، فقال: «الله أكبر، سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم».

صحيح: رواه البخاريّ في الحجّ (١٦٨٨).

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن هذا الحديث يجمع بين آية كريمة من كتاب الله وأقوالًا مأثورة عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان حكم الهدي في حج التمتع، وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا بإذن الله.

أولاً. شرح المفردات:

● تمتع بالعمرة إلى الحج: أي أدى العمرة في أشهر الحج ثم أحرم بالحج في نفس السنة قبل أداء طواف الإفاضة.
● فما استيسر من الهدي: أي ما تيسر من بهيمة الأنعام التي تُهدى إلى الحرم.
● شاة: أي خروف أو معز.
● بدنة: ناقة أو بقرة.
● شرك في دم: أي المشاركة في جزور أو بقرة؛ حيث يجوز أن يشترك سبعة أشخاص في بدنة أو بقرة.

ثانيًا. شرح الحديث:

جاءت الآية الكريمة من سورة البقرة لتبين حكم من تمتع بالعمرة إلى الحج، أي أحرم بالعمرة في أشهر الحج ثم تحلل منها، ثم أحرم بالحج في نفس السنة، فهذا يجب عليه أن يذبح هديًا. ثم اختلف الصحابة رضي الله عنهم في مقدار هذا الهدي:
1- قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: يرى أن الهدي الواجب هو شاة، وهذا قولٌ استناده ظاهر الآية حيث قال تعالى: "فما استيسر من الهدي"، والشاة هي أيسر الهدي وأقلّه.
2- قول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: يرى أن الهدي بدنة أو بقرة، وهذا يستند إلى عموم الهدي في القرآن والسنة، حيث ذكر الله البدن في سورة الحج بقوله: "والبُدْن جعلناها لكم من شعائر الله".
3- قول ابن عباس رضي الله عنهما: جمع بين الأقوال وبين الأمر، فذكر أن الهدي يجوز أن يكون جزورًا (بدنة) أو بقرة أو شاة، أو حتى شركًا في دم (أي المشاركة في بدنة أو بقرة). وهذا الجمع هو الراجح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من تمتع بالهدي، ولم يحدد قدرًا معينًا، بل قال: "فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم".
ثم ذكر أبو جمرة أنه رأى رؤيا تؤيد قول ابن عباس، وأنها سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال ابن عباس: "الله أكبر، سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم"، تأكيدًا على أن هذا هو الصواب الموافق لهدي النبي صلى الله عليه وسلم.

ثالثًا. الدروس المستفادة:

1- سعة رحمة الله تعالى: حيث جعل الهدي على المقدرة، فمن استطاع ذبح بدنة أو بقرة فهذا أفضل، ومن لم يستطع فشاة، ومن لم يجد فصيام.
2- اجتهاد الصحابة رضي الله عنهم: فهم تلامذة النبي صلى الله عليه وسلم، واختلافهم رحمة للأمة، وكلٌ مجتهدٌ مأجور.
3- التيسير في الشرع: فالشريعة الإسلامية جاءت بالتيسير ورفع الحرج، كما قال تعالى: "وما جعل عليكم في الدين من حرج".
4- الأخذ بالرؤيا الصالحة: إذا كانت موافقة للشرع، كما في قصة أبي جمرة مع ابن عباس، حيث اعتبر الرؤيا تأييدًا للقول الصواب.

رابعًا. معلومات إضافية:

- حج التمتع هو أحد أنواع النسك الثلاثة (تمتع، قران، إفراد).
- الهدي الواجب على المتمتع والقارن هو واجب عند جمهور العلماء، وليس شرطًا لصحة الحج.
- يجوز الاشتراك في الهدي إذا كان من الإبل أو البقر، أما الشاة فلا يجوز الاشتراك فيها.
أسأل الله تعالى أن يتقبل منا الصيام والقيام، وأن يبلغنا حج بيته الحرام، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الحجّ (١٦٨٨).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 611 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ شاة أو بدنة أو بقرة

📜 حديث: فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ شاة أو بدنة أو بقرة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ شاة أو بدنة أو بقرة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ شاة أو بدنة أو بقرة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ شاة أو بدنة أو بقرة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية