حديث: من أهدى هديًا لم يحرم عليه ما يحل له حتى ينحر الهدي

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب تقليد الهدي لا يوجب إحرامًا لمن بعث بها إلى الحرم

عن عمرة بنت عبد الرحمن، أنّ زياد بن أبي سفيان كتب إلى عائشة زوج النبيّ ﷺ أن عبد الله بن عباس، قال: من أهدى هديًا حَرُم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر الهدى، وقد بعثت بهديي فاكتبي إليَّ بأمركِ، أو مُري صاحب الهدي. قالت
عمرة: قالت عائشة: ليس كما قال ابن عباس! أنا فتلتُ قلائد هدي رسول الله ﷺ بيديّ، ثم قلَّدها رسول الله ﷺ بيده، ثم بعث بها رسول الله ﷺ مع أبي، فلم يحرُم على رسول الله ﷺ شيء أحلَّه الله له حتى نُحر الهدي.

متفق عليه: رواه مالك في الحج (٥١) عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد، عن عمرة بنت عبد الرحمن، أنها أخبرته، أنّ زياد بن أبي سفيان، (فذكرته).

عن عمرة بنت عبد الرحمن، أنّ زياد بن أبي سفيان كتب إلى عائشة زوج النبيّ ﷺ أن عبد الله بن عباس، قال: من أهدى هديًا حَرُم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر الهدى، وقد بعثت بهديي فاكتبي إليَّ بأمركِ، أو مُري صاحب الهدي. قالت
عمرة: قالت عائشة: ليس كما قال ابن عباس! أنا فتلتُ قلائد هدي رسول الله ﷺ بيديّ، ثم قلَّدها رسول الله ﷺ بيده، ثم بعث بها رسول الله ﷺ مع أبي، فلم يحرُم على رسول الله ﷺ شيء أحلَّه الله له حتى نُحر الهدي.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الذي ذكر حديث عظيم، رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، وفيه بيان لمسألة فقهية مهمة تتعلق بالإحرام بالحج والعمرة وهدي التمتع، وردّ من السيدة عائشة أم المؤمنين على قول ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين.

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● عمرة بنت عبد الرحمن: هي ثقة فقيهة، من كبار التابعيات، تلميذة السيدة عائشة رضي الله عنها وناقلة لعلمها.
● زياد بن أبي سفيان: هو والي العراق في عهد معاوية بن أبي سفيان.
● هديًا: ما يذبح من الإبل أو البقر أو الغنم تقرباً إلى الله في الحج.
● حَرُم عليه ما يحرم على الحاج: أي دخل في أحكام الإحرام من تحريم الطيب والنساء والصيد وغيرها.
● فتلتُ قلائد: أي صنعتُ وربطت الخيوط أو الجلود التي تُجعل علامة على أن البعير هدي.
● قلَّدها: علق عليها العلامة (القلادة) التي تدل على أنها هدي.

ثانيًا. شرح الحديث:


يخبرنا الحديث أن زياد بن أبي سفيان، وهو والي العراق، كتب إلى السيدة عائشة رضي الله عنها يسألها عن مسألة فقهية: فقد بلغه أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يفتي بأن من أرسل هدياً (مثل من كان متمتعاً بالعمرة إلى الحج وأرسل هدياً من بلده) فإنه بمجرد إرسال الهدي يحرم عليه ما يحرم على المحرم (من الطيب والنساء وغير ذلك)، حتى ينحر هديه في منى.
وكان زياد قد أرسل هدياً، فطلب من السيدة عائشة أن توضح له الحكم، أو أن تأمر من伴随 الهدي (صاحب الهدي) بما تراه.
فأجابته السيدة عائشة رضي الله عنها رداً على قول ابن عباس، موضحة أن هذا القول ليس صحيحاً، واستدلت بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قالت: "أنا فتلت قلائد هدي رسول الله ﷺ بيديَّ" (أي هي من صنعت العلامات التي توضع على الإبل المهداة)، ثم قلّدها النبي صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة، ثم أرسلها مع أبيها (أبي بكر الصديق) في حجة الوداع.
والأهم هنا: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحرم عليه شيء كان حلالاً له (مثل الجماع والطيب ولبس المخيط) بمجرد إرسال الهدي، بل بقي على إحلاله حتى أحرم هو نفسه للحج في اليوم الثامن من ذي الحجة (يوم التروية).
فهذا الفعل النبوي يدل على أن الإحرام لا يبدأ بمجرد إرسال الهدي، بل يبدأ بنية الدخول في النسك والتلبية.

ثالثًا. الدروس المستفادة والفقه في المسألة:


1- الراجح في المسألة: الذي عليه جمهور العلماء (المالكية والشافعية والحنابلة) هو ما رجحته السيدة عائشة رضي الله عنها، وهو أن الإحرام لا يتحقق بمجرد إرسال الهدي، بل لا بد من النية والتلبية. وهذا هو القول الصحيح الموافق لفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
2- فضل السيدة عائشة وعلمها: الحديث يدل على مكانة السيدة عائشة رضي الله عنها العلمية الفقهية، وقدرتها على مناقشة كبار الصحابة مثل ابن عباس الذي هو حبر الأمة، واستدلالها بالسنة العملية للنبي صلى الله عليه وسلم. وهي التي قال فيها أبو موسى الأشعري: "ما أشكل علينا أصحاب رسول الله ﷺ حديث قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علماً".
3- الرد بالحكمة والبيان: لم ترد السيدة عائشة على ابن عباس بغلظة، بل بينت الخطأ بدليل عملي من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، مما يعلمنا أدب الخلاف في الرأي بين العلماء.
4- الأخذ بالسنة: الحديث يدل على وجوب الرجوع إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم الفعلية والقولية لفهم الدين فهمًا صحيحًا، وهي الحَكَم في caso اختلاف الآراء.
5- حرص الصحابة على العلم: حرص زياد بن أبي سفيان -وهو والٍ- على سؤال أهل العلم والتثبت في أمور الدين، وكذلك حرص عمرة بنت عبد الرحمن على نقل العلم بدقة.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث هو جزء من مناظرة فقهية مشهورة بين السيدة عائشة وابن عباس رضي الله عنهم، وكان كل منهما يرى رأياً، ولكنهما كانا يتناقشان بأدب واحترام.
- في روايات أخرى، أن ابن عباس رضي الله عنهما رجع عن قوله لما بلغه حديث عائشة، وقال: "فانظروا إلى قول عائشة فائتموا به"، مما يدل على تواضعه وقبوله للحق.
- المسألة تخص المتمتع في الحج الذي يرسل هديه من بلده قبل أن يحرم هو نفسه، فالحكم أنه لا يدخل في الإحرام إلا بنيته وتلبية.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في الحج (٥١) عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد، عن عمرة بنت عبد الرحمن، أنها أخبرته، أنّ زياد بن أبي سفيان، (فذكرته).
ورواه البخاري في الحج (١٧٠٠)، ومسلم في الحج (١٣٢١: ٣٦٩) كلاهما من طريق مالك، به، مثله.
وروياه من حديث الليث، عن ابن شهاب، عن عروة وعمرة بنت عبد الرحمن، أن عائشة، قالت: «كان رسول الله ﷺ يُهدي من المدينة، فأفتل قلائد هديه، ثم لا يجتنب شيئًا مما يجتنبه المحرم». البخاريّ (١٦٩٨)، ومسلم (١٣٢١: ٣٥٩).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 629 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من أهدى هديًا لم يحرم عليه ما يحل له حتى ينحر الهدي

  • 📜 حديث: من أهدى هديًا لم يحرم عليه ما يحل له حتى ينحر الهدي

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من أهدى هديًا لم يحرم عليه ما يحل له حتى ينحر الهدي

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من أهدى هديًا لم يحرم عليه ما يحل له حتى ينحر الهدي

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من أهدى هديًا لم يحرم عليه ما يحل له حتى ينحر الهدي

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب