إذ انبعث أشقاها مثل أبي زمعة

حديث: إذ انبعث أشقاها مثل أبي زمعة

عن عبد الله بن زمعة أنه سمع النبي ﷺ يخطب وذكر الناقة، والذي عَقَر، فقال رسول الله ﷺ ﴿إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا﴾ [الشمس: ١٢] انبعث لها رجل عزيز عارم منيع في رهطه، مثل أبي زمعة، وذكر النساء فقال: «يعمد أحدكم يجلد امرأته جلد العبيد، فلعله يُضاجعها من آخر يومه» ثم وعظهم في ضحكهم من الضرطة وقال: «لم يضحك أحدكم مما يفعل».

متفق عليه: رواه البخاري في التفسير (٤٩٤٢) ومسلم في كتاب الجنة (٢٨٥٥) كلاهما من حديث هشام، عن أبيه، عن عبد الله بن زمعة فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث الشريف الذي رواه عبد الله بن زمعة رضي الله عنه:

الحديث:

عن عبد الله بن زمعة أنه سمع النبي ﷺ يخطب وذكر الناقة، والذي عَقَر، فقال رسول الله ﷺ: ﴿إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا﴾ [الشمس: ١٢] انبعث لها رجل عزيز عارم منيع في رهطه، مثل أبي زمعة، وذكر النساء فقال: «يعمد أحدكم يجلد امرأته جلد العبيد، فلعله يُضاجعها من آخر يومه» ثم وعظهم في ضحكهم من الضرطة وقال: «لم يضحك أحدكم مما يفعل».

1. شرح المفردات:

● انبعث: خرج مسرعًا ومتحمسًا للفعل.
● أشقاها: أشقى القوم، وهو الذي جاء بعقر الناقة.
● عزيز: ذو مكانة وشرف في قومه.
● عارم: شديد القوة والبأس.
● منيع: ذو حماية ومنعة في قومه، لا يُقهر بسهولة.
● رهطه: قبيلته وعشيرته.
● مثل أبي زمعة: تشبيه للرجل الذي عقر الناقة بأبي زمعة (وهو والد الراوي) في صفاته من الشرف والقوة.
● يجلد امرأته جلد العبيد: يضربها ضربًا شديدًا كما يُضرب العبد.
● يُضاجعها: يجامعها ويبيت معها.
● الضرطة: خروج الريح (الريح التي تخرج من الدبر).

2. شرح الحديث:

هذا الحديث جزء من خطبة للنبي ﷺ، تناول فيها ثلاثة مواضيع:
الموضوع الأول: قصة عقر ناقة صالح عليه السلام:
- استشهد النبي ﷺ بالآية الكريمة ﴿إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا﴾ التي تصف الرجل الذي قام بعقر ناقة النبي صالح عليه السلام، وهو فعل أدى إلى هلاك قومه.
- وصف النبي ﷺ هذا الرجل بأنه كان "عزيزًا عارمًا منيعًا في رهطه"، أي أنه لم يكن شخصًا ضعيفًا أو هامشيًا، بل كان ذا مكانة وقوة، وشبهه بأبي زمعة (والد الراوي) في هذه الصفات، مما يدل على أن الشر قد يصدر من أصحاب النفوذ والمنزلة.
● العبرة: التحذير من الغرور بالقوة والمكانة، وأن الكبر والطغيان قد يؤديان إلى الهلاك، كما حدث لقوم ثمود.
الموضوع الثاني: النهي عن ضرب النساء:
- قال النبي ﷺ: «يعمد أحدكم يجلد امرأته جلد العبيد، فلعله يُضاجعها من آخر يومه».
- هذا توجيه نبوي كريم بالرفق بالزوجة وعدم إهانتها أو ضربها ضربًا مبرحًا.
- التعبير «جلد العبيد» يشير إلى أن بعض الركان كانوا يضربون نساءهم كما يضربون العبيد، وهو أمر مُنكر شرعًا.
- ثم يذكر النبي ﷺ المفارقة العجيبة: كيف يضربها ثم يجامعها في نفس اليوم؟! وهذا توبيخ لاذع للرجل الذي يفعل ذلك، لأنه يجمع بين القسوة والإيلام ثم يطلب الألفة والمودة.
الموضوع الثالث: النهي عن الضحك من خروج الريح:
- قال النبي ﷺ: «لم يضحك أحدكم مما يفعل»، أي لا ينبغي للإنسان أن يضحك من صوت "الضرطة" (خروج الريح) لأنه أمر طبيعي يحدث لكل إنسان، والضحك منه يدل على قلة الأدب وعدم الاحترام.
- هذا من الأدب النبوي في التعامل مع الأمور الطبيعية التي قد تسبب الإحراج، فينبغي تجاهلها وعدم التعليق عليها أو السخرية منها.

3. الدروس المستفادة:

1- التحذير من الكبر والطغيان: قصة عقر ناقة صالح تذكرنا بأن القوة والمكانة لا تبرر الظلم أو المعصية.
2- الرفق بالزوجة: الإسلام يحث على معاملة الزوجة بالحسنى والرفق، وعدم التعنيف أو الضرب المبرح.
3- التأدب في التعامل مع الأمور الطبيعية: لا يجوز السخرية من الآخرين لأمور فطرية لا دخل لهم فيها.
4- التناصح والتوجيه في الخطبة: النبي ﷺ جمع في خطبته بين التذكير بالقصص والعبر، والتوجيه الأخلاقي، والإرشاد الاجتماعي.

4. معلومات إضافية:

- الحديث رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
- القصة المذكورة في الحديث هي قصة نبي الله صالح مع قوم ثمود، الذين كذبوه وعقروا الناقة التي كانت معجزة من الله، فأهلكهم الله بسبب ذلك.
- التشبيه بأبي زمعة ليس ذمًا له، بل لبيان صفات الرجل الذي عقر الناقة، وكان أبو زمعة معروفًا بشجاعته ومكانته.
- النهي عن ضرب النساء ليس مطلقًا، بل الضرب غير المبرح جائز في حال النشوز و بعد استنفاذ وسائل الإصلاح الأخرى (كما في قوله تعالى: ﴿وَاضْرِبُوهُنَّ﴾ [النساء: 34])، ولكن النبي ﷺ هنا ينبه إلى أن بعض الرجال يسيئون استخدام هذا الحق فيضربون ضربًا مفرطًا.

أسأل الله أن يفقهنا في ديننا، وأن يجعلنا من المتأدبين بآداب النبي ﷺ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في التفسير (٤٩٤٢) ومسلم في كتاب الجنة (٢٨٥٥) كلاهما من حديث هشام، عن أبيه، عن عبد الله بن زمعة فذكره. واللفظ للبخاري، وفي لفظ مسلم: «إلام يجلد أحدكم امرأته؟» وفي رواية: «جلد الأمة».
وأبو زمعة: هو الأسود بن المطلب بن أسد، مات على الكفر، وابنه زمعة قتل يوم بدر، وعبد الله بن زمعة هو ولده.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 225 من أصل 360 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إذ انبعث أشقاها مثل أبي زمعة

📜 حديث: إذ انبعث أشقاها مثل أبي زمعة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إذ انبعث أشقاها مثل أبي زمعة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إذ انبعث أشقاها مثل أبي زمعة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إذ انبعث أشقاها مثل أبي زمعة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية