حديث: أزواج النبي يرسلن فاطمة يسألن العدل في ابنة أبي قحافة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب جواز حب الرجل بعض زوجاته أكثر من بعض

عن عائشة زوج النبي ﷺ قالت: أرسل أزواج النبي ﷺ فاطمة بنت رسول اللَّه ﷺ إلى رسول اللَّه ﷺ. فاستأذنت عليه وهو مضطجع معي في مِرْطي. فأذن لها. فقالت: يا رسول اللَّه، إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قُحافة، وأنا ساكتة قالت: فقال لها رسول اللَّه ﷺ: «أي بنية، ألست تحبين ما أحب؟»
فقالت: بلى، قال: «فأحبي هذه» قالت: فقامت فاطمة حين سمعت ذلك من رسول اللَّه ﷺ. فرجعت إلى أزواج النبي ﷺ فأخبرتهن بالذي قالت، وبالذي قال لها رسول اللَّه ﷺ. فقلت لها: ما نراك أغنيتِ عنا من شيء. فارجعي إلى رسول اللَّه ﷺ فقولي له: إن أزواجك ينشدنك العدل في ابنة أبي قُحافة. فقالت فاطمة: واللَّه، لا أكلمه فيها أبدا. قالت عائشة: فأرسل أزواج النبي ﷺ زينب بنت جحش، زوج النبي ﷺ وهي التي كانت تُساميني منهن في المنزلة عند رسول اللَّه ﷺ. ولم أر امرأة قط خيرا في الدين من زينب، وأتقى للَّه، وأصدقَ حديثا، وأوصلَ للرحم، وأعظمَ صدقة، وأشدَّ ابتذالا لنفسها في العمل الذي تصدق به، وتقرب به إلى اللَّه تعالى، ما عدا سورةً من حدَّةٍ كانت فيها تُسرع منها الفَيْئة. قالت: فاستأذنت على رسول اللَّه ﷺ ورسول اللَّه ﷺ مع عائشة في مِرطها، على الحالة التي دخلت فاطمة عليها وهو بها. فأذن لها رسول اللَّه ﷺ فقالت: يا رسول اللَّه، إن أزواجك أرسلْنَني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قُحافة. قالت ثم وقعت بي، فاستطالتْ علي، وأنا أرقب رسول اللَّه ﷺ، وأرقب طرفه، هل يأذن لي فيها. قالت: فلم تبرحْ زينب حتى عرفتُ أن رسول اللَّه ﷺ لا يكره أن أنتصر. قالت: فلما وقعتُ بها لم أنشبها حين أنحيتُ عليها قالت: فقال رسول اللَّه ﷺ: وتبسم: «إنها ابنة أبي بكر».

صحيح: رواه مسلم في فضائل الصحابة (٢٤٤٢) من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثني أبي، عن صالح، عن ابن شهاب، أخبرني محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن عائشة، فذكرته.

عن عائشة زوج النبي ﷺ قالت: أرسل أزواج النبي ﷺ فاطمة بنت رسول اللَّه ﷺ إلى رسول اللَّه ﷺ. فاستأذنت عليه وهو مضطجع معي في مِرْطي. فأذن لها. فقالت: يا رسول اللَّه، إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قُحافة، وأنا ساكتة قالت: فقال لها رسول اللَّه ﷺ: «أي بنية، ألست تحبين ما أحب؟»
فقالت: بلى، قال: «فأحبي هذه» قالت: فقامت فاطمة حين سمعت ذلك من رسول اللَّه ﷺ. فرجعت إلى أزواج النبي ﷺ فأخبرتهن بالذي قالت، وبالذي قال لها رسول اللَّه ﷺ. فقلت لها: ما نراك أغنيتِ عنا من شيء. فارجعي إلى رسول اللَّه ﷺ فقولي له: إن أزواجك ينشدنك العدل في ابنة أبي قُحافة. فقالت فاطمة: واللَّه، لا أكلمه فيها أبدا. قالت عائشة: فأرسل أزواج النبي ﷺ زينب بنت جحش، زوج النبي ﷺ وهي التي كانت تُساميني منهن في المنزلة عند رسول اللَّه ﷺ. ولم أر امرأة قط خيرا في الدين من زينب، وأتقى للَّه، وأصدقَ حديثا، وأوصلَ للرحم، وأعظمَ صدقة، وأشدَّ ابتذالا لنفسها في العمل الذي تصدق به، وتقرب به إلى اللَّه تعالى، ما عدا سورةً من حدَّةٍ كانت فيها تُسرع منها الفَيْئة. قالت: فاستأذنت على رسول اللَّه ﷺ ورسول اللَّه ﷺ مع عائشة في مِرطها، على الحالة التي دخلت فاطمة عليها وهو بها. فأذن لها رسول اللَّه ﷺ فقالت: يا رسول اللَّه، إن أزواجك أرسلْنَني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قُحافة. قالت ثم وقعت بي، فاستطالتْ علي، وأنا أرقب رسول اللَّه ﷺ، وأرقب طرفه، هل يأذن لي فيها. قالت: فلم تبرحْ زينب حتى عرفتُ أن رسول اللَّه ﷺ لا يكره أن أنتصر. قالت: فلما وقعتُ بها لم أنشبها حين أنحيتُ عليها قالت: فقال رسول اللَّه ﷺ: وتبسم: «إنها ابنة أبي بكر».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن هذا الحديث العظيم الذي رواه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها يروي قصة ذات دلالات عميقة في بيان مكانة الصدق والإيمان، وتواضع النبي ﷺ وحكمته في التعامل مع أمور بيته. وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا مستعينًا بالله تعالى:

أولاً. شرح المفردات:


● مِرْطي: كساء من صوف أو خزّ.
● ابنة أبي قحافة: هي السيدة عائشة رضي الله عنها، وأبو قحافة هو والد أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
● تُساميني: تعادلني وتشابهني في المنزلة.
● أشد ابتذالاً لنفسها: أكثر تواضعًا وإخلاصًا في العمل.
● سورة من حدة: غضب سريع.
● تسرع منها الفيئة: تعود سريعًا إلى الرأي السليم والرفق.
● لم تبرح: لم تزل ولم تفارق المكان.
● لم أنشبها: لم أتركها.
● أنحيت عليها: بالغت في الرد عليها.


ثانيًا. شرح الحديث:


1- السياق العام: أرسلت زوجات النبي ﷺ السيدة فاطمة رضي الله عنها لتطلب من النبي العدل في معاملة السيدة عائشة، ظنًا منهن أنها حظيت بميزة خاصة.
2- رد النبي ﷺ لفاطمة: لم يغضب أو يرفض، بل خاطبها بحكمة وبأسلوب عاطفي: «ألست تحبين ما أحب؟» يعني: ألست تريدين ما أريد؟ فلما أجابت بالإيجاب، قال: «فأحبي هذه» أي أحبي عائشة، لأنه يحبها لحبها لله ورسوله وإيمانها.
3- موقف زينب بنت جحش: عندما أرسلن زينب - وكانت من أقربهن منزلة - دخلت وواجهت عائشة بشدة، لكن النبي ﷺ ابتسم وقال: «إنها ابنة أبي بكر»، يعني: إنها قوية عفيفة صادقة مثل أبيها في قوة الحق والصدق.


ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- العدل بين الزوجات: النبي ﷺ كان المثل الأعلى في العدل، لكن حبه لعائشة كان لما فيها من فضائل إيمانية، لا محاباة.
2- الحكمة في الرد: النبي ﷺ علمنا كيف نرد على الانتقاد بلطف وحكمة، دون غضب أو تجريح.
3- قوة الشخصية مع الحق: موقف السيدة زينب رضي الله عنها يظهر أن قوة المرأة في الحق وصدقها من أعظم الخصال.
4- التواضع والاعتراف بالفضل: اعتراف عائشة بفضائل زينب رغم ما جرى بينهما يدل على سماحة الإسلام ونبل الصحابيات.
5- الابتسامة في المواقف الصعبة: تبسم النبي ﷺ في الموقف يعلمنا أن الهدوء والابتسامة يخففان من حدة الموقف.


رابعًا. فوائد إضافية:


- الحديث رواه البخاري ومسلم، وهو من الأحاديث الصحيحة.
- فيه بيان لمكانة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، حيث أشاد النبي ﷺ ببنته لكونها من أسرة الصدق والإيمان.
- يعلمنا كيف نتعامل مع الغيرة بين الأهل بالحكمة لا بالعنف.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في فضائل الصحابة (٢٤٤٢) من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثني أبي، عن صالح، عن ابن شهاب، أخبرني محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن عائشة، فذكرته. وصالح هو: ابن كيسان.
وكذلك رواه مسلم أيضًا من حديث يونس، كلاهما عن الزهري موصولا. إلا أن البخاري يُعِلّه بانقطاع في الحديث الآتي: عن عائشة ﵂: أن نساء رسول اللَّه ﷺ كن حزبين، فحزب فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة، والحزب الآخر أم سلمة وسائر نساء رسول اللَّه ﷺ وكان المسلمون قد علموا حُبَّ رسول اللَّه ﷺ لعائشة، فإذا كانت عند أحدهم هدية، يريد أن يهديها إلى رسول اللَّه ﷺ أخرها، حتى إذا كان رسول اللَّه ﷺ قال في بيت عائشة بعث صاحب الهدية إلى رسول اللَّه ﷺ في بيت عائشة، فكلم حزب أم سلمة، فقلن لها: كلمي رسول اللَّه ﷺ يكلم الناس، فيقول: من أراد أن يهدي إلى رسول اللَّه ﷺ هدية فليهده إليه حيث كان في بيوت نسائه، فكلمته أم سلمة بما قلن، فلم يقل لها شيئًا،
فسألنها، فقالت: ما قال لي شيئًا، فقلن لها: فكلميه، قالت: فكلمته حين دار إليها أيضًا فلم يقل لها شيئًا، فسألنها فقالت: ما قال لي شيئًا، فقلت لها: كلميه حتى يكلمك، فدار إليها فكلمته، فقال لها: «لا تؤذيني في عائشة، فإن الوحي لم يأتني وأنا في ثوب امرأة إلا عائشة». قالت: فقالت: أتوب إلى اللَّه من أذاك يا رسول اللَّه، ثم إنهن دعون فاطمةَ بنت رسول اللَّه ﷺ فأرسلت إلى رسول اللَّه ﷺ تقول: إن نساءك ينْشدنَك اللَّه العدل في بنت أبي بكر، فكلمته فقال: «يا بنية، ألا تحبين ما أحب؟» قالت: بلى، فرجعت إليهن فأخبرتهن فقلت لها: ارجعي إليه، فأبت أن ترجع، فأرسلن زينب بنت جحش، فأتته فأغلظت، وقالت: إن نساءك ينشدنك اللَّه العدل في بنت ابن أبي قحافة، فرفعت صوتها حتى تناولت عائشة وهي قاعدة فسبتها، حتى إن رسول اللَّه ﷺ لينظر إلى عائشة هل تكلم؟ قال: فتكلمت عائشة ترد على زينب حتى أسكتتها، قالت: فنظر النبي ﷺ إلى عائشة، وقال: «إنها بنت أبي بكر».
صحيح: رواه البخاري في الهبة (٢٥٨١) عن إسماعيل، قال حدثني أخي، عن سليمان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة فذكرته.
قال البخاري: الكلام الأخير قصة فاطمة يُذكر عن هشام بن عروة، عن رجل، عن الزهري، عن محمد بن عبد الرحمن، وقال أبو مروان، عن هشام، عن عروة: كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة. وعن هشام، عن رجل من قريش، ورجل من الموالي، عن الزهري، عن محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، قالت عائشة: كنت عند النبي ﷺ فاستأذنت فاطمة.
كذا أعله البخاري حديث عائشة في قصة فاطمة، بالانقطاع، وقد صح موصولًا في رواية مسلم السابقة من وجهين.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 205 من أصل 360 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أزواج النبي يرسلن فاطمة يسألن العدل في ابنة أبي قحافة

  • 📜 حديث: أزواج النبي يرسلن فاطمة يسألن العدل في ابنة أبي قحافة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أزواج النبي يرسلن فاطمة يسألن العدل في ابنة أبي قحافة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أزواج النبي يرسلن فاطمة يسألن العدل في ابنة أبي قحافة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أزواج النبي يرسلن فاطمة يسألن العدل في ابنة أبي قحافة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب