أقد جاءك شيطانك؟

حديث: أقد جاءك شيطانك؟

عن عائشة، أن رسول اللَّه ﷺ خرج من عندها ليلا قالت: فغرتُ عليه فجاء فرأى ما أصنع فقال: «مالكِ؟ يا عائشة؟ أغرتِ؟» فقلت: وما لي لا يُغار مثلي على مثلك؟ فقال رسول اللَّه ﷺ: «أقد جاءك شيطانكِ؟» قالت: يا رسول اللَّه، أو معي شيطان؟ قال: «نعم» قلت: ومع كل إنسان؟ قال: «نعم». قلت: ومعك يا رسول اللَّه؟ قال: «نعم، ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم».

صحيح: رواه مسلم في صفة القيامة والجنة والنار (٢٨١٥) عن هارون بن سعيد الأيلي، حدثنا ابن وهب، أخبرني أبو صخر، عن ابن قسيط، حدثه أن عروة، حدثه أن عائشة زوج النبي ﷺ
حدثته فذكرته.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث العظيم رواه الإمام مسلم في صحيحه، وفيه دروس وعبر عظيمة. سأشرحه لك جزءاً جزءاً مستعيناً بالله ثم بكتب الشرح المعتمدة مثل شرح النووي على صحيح مسلم وغيره.

أولاً. شرح المفردات:

● خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا لَيْلًا: ترك بيتها وخرج في وقت الليل.
● فَغِرْتُ عَلَيْهِ: شعرت بالغيرة عليه، والغيرة هنا طبيعة بشرية سليمة، وهي غير الغيرة المذمومة التي تصل إلى درجة سوء الظن.
● أَقَدْ جَاءَكِ شَيْطَانُكِ؟: الاستفهام هنا للتقرير، أي: هل حضرك شيطانك الذي يوسوس لك؟
● حَتَّى أَسْلَمَ: حتى صار مسلماً لي، أي منقاداً طائعاً لا يستطيع إغوائي أو إضلالي.

ثانياً. شرح الحديث:

يحدثنا هذا الحديث عن موقف إنساني رقيق بين النبي صلى الله عليه وسلم وزوجته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
1- الموقف: خرج النبي صلى الله عليه وسلم من عند عائشة ليلاً لأمر من الأمور، فغلبت عليها طبيعة الغيرة الطبيعية التي جبلت عليها النساء، فظهرت عليها آثار الغضب أو الانزعاج.
2- سؤال النبي ورحمته: عندما عاد النبي صلى الله عليه وسلم ولاحظ ما هي عليه، لم يعنفها أو يزجرها، بل سألها بلطف ورحمة: (مَالِكِ يَا عَائِشَةُ؟ أَغِرْتِ؟). وهذا من أدبه وحسن خلقه في معاملة أهله.
3- رد عائشة الصادق: ردت عليه ببراءة وصدق يعبر عن محبتها الشديدة له، وقالت: (وَمَا لِي لَا يُغَارُ مِثْلِي عَلَى مِثْلِكَ؟)، أي كيف لا أغار وأنا امرأة تحب زوجها وهو أفضل الخلق؟
4- التوجيه النبوي والتعليمي: هنا جاء الرد النبوي الحكيم الذي يحول الموقف الشخصي إلى درس عقدي مهم. قال لها: (أَقَدْ جَاءَكِ شَيْطَانُكِ؟). أي أن هذا الوسواس والشعور السلبي المبالغ فيه هو من إيحاء الشيطان وتزيينه.
5- استفهام عائشة التعجبي: استغربت عائشة رضي الله عنها من هذا الخبر، وسألت: (يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَ مَعِي شَيْطَانٌ؟)، ظناً منها أن المؤمن قد يعافى من الشيطان.
6- التعليم النبوي الجلي: فأخبرها النبي صلى الله عليه وسلم بحقيقة عظيمة، وهي أن (نَعَمْ) كل إنسان له شيطان يوسوس له، وهذا شامل لجميع بني آدم.
7- سؤالها العفوي النابع عن حبها للنبي: سألت أعظم سؤال: (وَمعَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟)، أي هل أنت أيضاً معك شيطان يوسوس لك كما يوسوس لنا؟
8- الإجابة المحكمة التي تبين فضل النبي: أجابها صلى الله عليه وسلم: (نَعَمْ، وَلَكِنْ رَبِّي أَعَانَنِي عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ). أي نعم لي شيطان كما لكم، ولكن الله تعالى منَّ عليَّ بنصرة خاصة، فلم يستطع شيطاني أن يضلني أو يأمرني بمعصية، بل صار مسلماً (منقاداً) لا يستطيع إلا أن يأمرني بالخير.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- الغيرة الطبيعية من الفطرة: الغيرة المعتدلة على الزوج من طبيعة المرأة السليمة، وهي غير مذمومة إذا لم تتجاوز حدها إلى سوء الظن أو الأذى.
2- حسن الخلق في المعاملة: أدب النبي صلى الله عليه وسلم في معاملة أهله، ورده باللطف واللين حتى في لحظات انزعاجهم.
3- الإيمان بقضية الوسوسة: الحديث يقرر حقيقة وجود الشيطان ووسوسته لكل إنسان، وهذا من الإيمان بالغيب.
4- أن النبي بشر يوسوس له: النبي صلى الله عليه وسلم بشر، وله شيطان يوسوس له، ولكن الله عصمه من أن يطيع وسوسته. وهذا رد على الغلاة الذين يرفعون النبي فوق منزلته البشرية.
5- عصمة الأنبياء: مع وجود الشيطان ووسوسته، فإن الله يعصم أنبياءه من الوقوع في المعاصي أو الكبائر، فوسوسته لهم لا تؤثر عليهم بسبب العصمة الإلهية.
6- فضل الله على نبيه
7- أهمية الاستعاذة من الشيطان: إذا كان الشيطان يحضرنا ويوسوس لنا، فيجب علينا دائمًا أن نستعيذ بالله منه ونحذر من إغوائه.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث أصل في إثبات أن لكل إنسان شيطاناً يزين له الشر، وهو ما يسمى بـ "قرينه من الجن".
- قوله "حتى أسلم" أي استسلم وانقاد، وليس المقصود الإسلام الديني، فالشيطان كافر لا يؤمن.
- يستفاد من الحديث أهمية التربية بالموقف، حيث حول النبي مو

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في صفة القيامة والجنة والنار (٢٨١٥) عن هارون بن سعيد الأيلي، حدثنا ابن وهب، أخبرني أبو صخر، عن ابن قسيط، حدثه أن عروة، حدثه أن عائشة زوج النبي ﷺ
حدثته فذكرته.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 210 من أصل 360 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أقد جاءك شيطانك؟

📜 حديث: أقد جاءك شيطانك؟

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أقد جاءك شيطانك؟

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أقد جاءك شيطانك؟

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أقد جاءك شيطانك؟

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية