اتق اللَّه وأمسك عليك زوجك

حديث: اتق اللَّه وأمسك عليك زوجك

عن أنس قال: جاء زيد بن حارثة يشكو فجعل النبي ﷺ يقول له: «اتق اللَّه وأمسك عليك زوجك» قالت عائشة: لو كان رسول اللَّه ﷺ كاتمًا شيئًا لكتم هذه. قال: فكانت زينب تفخر على أزواج النبي ﷺ تقول: زوجكن أهاليكن، وزوجني اللَّه تعالى من فوق سبع سماوات.

صحيح: رواه البخاري في التوحيد (٧٤٢٠)، عن أحمد، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، حدثنا حماد بن زيد، عن ثابت، عن أنس، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أما بعد، فهذا الحديث الذي أشرتم إليه حديث صحيح رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من الأحاديث التي تتعلق بجانب من سيرة النبي ﷺ الشخصية وتشريعات الأسرة في الإسلام. وإليكم الشرح الوافي له على النحو التالي:

1. شرح المفردات:

● يشكو: يشتكي ويخبر بما يؤلمه أو يزعجه.
● اتق الله: اخش الله وامتثل أوامره واجتنب نواهيه.
● أمسك عليك زوجك: احتفظ بزوجتك ولا تطلقها.
● كاتمًا شيئًا: إذا كان يخفي أمرًا أو يخفيه عن الناس.
● تفخر: تتباهى وتعتز.
● زوجكن أهاليكن: تزوجنَّ بترتيب من أهلكنَّ أو باختيار بشري.
● من فوق سبع سماوات: بإرادة الله تعالى وتشريعه مباشرة، مما يدل على التشريف والتكريم.

2. شرح الحديث:

هذا الحديث يرويه أنس بن مالك رضي الله عنه، ويحكي قصة زيد بن حارثة رضي الله عنه، الذي كان قد تبناه النبي ﷺ قبل الإسلام، ثم أبطل الإسلام التبني. وكان زيد متزوجًا من زينب بنت جحش رضي الله عنها، وهي ابنة عمة النبي ﷺ، وكانت من أشراف النساء وأكرمهن نسبًا.
جاء زيد إلى النبي ﷺ يشكو من خلافات زوجية مع زينب، ويبدو أنه كان يميل إلى فراقها due to بعض المشاكل بينهما. فقال له النبي ﷺ: «اتق اللَّه وأمسك عليك زوجك»، أي نصحه بالصبر والاحتفاظ بزوجته والتقوى في معاملتها، لأن الإسلام يحث على الإصلاح بين الزوجين والصبر على بعض المصاعب في الحياة الزوجية.
ثم قالت عائشة رضي الله عنها: «لو كان رسول اللَّه ﷺ كاتمًا شيئًا لكتم هذه»، يعني أن النبي ﷺ كان صادقًا وواضحًا لا يكتم شيئًا من الوحي أو الحق، حتى لو كان الأمر يخصه شخصيًا. فقد كان يعلم بوحي من الله أن زيدًا سيفارق زينب وأن النبي ﷺ سيتزوجها، ولكنه لم يخف هذا بل نصح زيدًا بالصبر إظهارًا للتقوى واتباعًا للأخلاق الإسلامية.
بعد ذلك، طلق زيد زينب، وتزوجها النبي ﷺ بأمر من الله تعالى في القرآن، حيث قال الله: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37]. وهذا الزواج كان تشريعيًا لعدة حكم، منها إبطال عادة التبني الجاهلية، حيث كانوا يقولون لليدعى: "ابن فلان"، فأراد الله أن يبين أن الزوجية بعد الطلاق حلال، وأن الأدعياء ليسوا أبناء حقيقيين.
ثم كانت زينب رضي الله عنها تفخر على أزواج النبي ﷺ الأخريات، فتقول: «زوجكن أهاليكن، وزوجني اللَّه تعالى من فوق سبع سماوات»، أي أن زواجها كان بتقدير إلهي مباشر، عبر الوحي، مما يدل على فضلها ومنزلتها عند الله تعالى.

3. الدروس المستفادة منه:

● الصبر في الحياة الزوجية: النبي ﷺ نصح زيدًا بالصبر والتقوى، مما يدل على أهمية الصبر والإصلاح بين الزوجين، وعدم الاستعجال في الطلاق.
● صدق النبي ﷺ وشفافيته: الحديث يبرز أن النبي ﷺ كان أمينًا لا يكتم شيئًا من الوحي، حتى لو كان الأمر شخصيًا، مما يظهر كمال أخلاقه وصدقه.
● إبطال التبني: الزواج من زينب كان لهدف تشريعي، وهو بيان أن الأدعياء ليسوا أبناءً حقيقيين، فلا تحرم زوجة الابن بالتبني بعد الطلاق.
● التفاخر بالطاعة والتقوى: تفاخر زينب كان بما أكرمها الله به من زواج تشريعي، لا بمتاع الدنيا، مما يعلمنا أن المفاخرة يجب أن تكون بالتقوى والطاعة.
● مكانة زينب رضي الله عنها: كانت من النساء الصالحات، وفضلها الله بهذا الزواج التشريعي، مما يدل على أن الله يختار من يشاء لتكون عبرة للأمة.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث جزء من قصة زواج النبي ﷺ من زينب بنت جحش، التي ذكرت في سورة الأحزاب، وهي من الزوجات اللاتي دافعن عن النبي ﷺ وكان لهن فضل كبير في نقل السنة.
- الزواج كان في السنة الخامسة للهجرة، وكان له أثر كبير في تغيير عادات الجاهلية.
- زينب رضي الله عنها كانت تسمى "أم المساكين" لكرمها وعطفها على الفقراء، وتوفيت في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
- الحديث يرد على من يتهم النبي ﷺ بأنه كان يخفي أمورًا شخصية، بل كان واضحًا شفافًا في كل شيء.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يجعلنا من المتقين الصابرين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في التوحيد (٧٤٢٠)، عن أحمد، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، حدثنا حماد بن زيد، عن ثابت، عن أنس، فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 215 من أصل 360 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اتق اللَّه وأمسك عليك زوجك

📜 حديث: اتق اللَّه وأمسك عليك زوجك

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: اتق اللَّه وأمسك عليك زوجك

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: اتق اللَّه وأمسك عليك زوجك

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: اتق اللَّه وأمسك عليك زوجك

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية