حديث: أشد الناس عذابا أشدهم عذابا في الدنيا للناس

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب مناصحة الحاكم باللِّيْنِ والحكمة والموعظة

عن شريح بن عبيد الحضرمي، وغيره، قال: جلد عياض بن غنم صاحب دارا حين فُتحتْ، فأغلظ له هشام بن حكيم القول حتى غضب عياض، ثم مكث ليالي، فأتاه هشام بن حكيم فاعتذر إليه، ثم قال هشام لعياض: ألم تسمع النبي ﷺ يقول: «إن من أشد الناس عذابا أشدهم عذابا في الدنيا للناس»؟ فقال عياض بن غنم: يا هشام بن حكيم، قد سمعنا ما سمعتَ، ورأينا ما رأيتَ، أو لم تسمع رسول الله ﷺ: «من أراد أن ينصح لسلطان بأمر، فلا يبد له علانية، ولكن ليأخذ بيده، فيخلو به، فإن قبل منه فذاك، وإلا كان قد أدى الذي عليه له»، وإنك يا هشام لأنت الجريء، إذ
تجترئ على سلطان الله، فهلا خشيت أن يقتلك السلطان، فتكون قتيل سلطان الله تبارك وتعالى.

حسن: رواه أحمد (١٥٣٣٣) عن أبي المغيرة، حدثنا صفوان، حدثنا شريح بن عبيد الحضرمي وغيره .

عن شريح بن عبيد الحضرمي، وغيره، قال: جلد عياض بن غنم صاحب دارا حين فُتحتْ، فأغلظ له هشام بن حكيم القول حتى غضب عياض، ثم مكث ليالي، فأتاه هشام بن حكيم فاعتذر إليه، ثم قال هشام لعياض: ألم تسمع النبي ﷺ يقول: «إن من أشد الناس عذابا أشدهم عذابا في الدنيا للناس»؟ فقال عياض بن غنم: يا هشام بن حكيم، قد سمعنا ما سمعتَ، ورأينا ما رأيتَ، أو لم تسمع رسول الله ﷺ: «من أراد أن ينصح لسلطان بأمر، فلا يبد له علانية، ولكن ليأخذ بيده، فيخلو به، فإن قبل منه فذاك، وإلا كان قد أدى الذي عليه له»، وإنك يا هشام لأنت الجريء، إذ
تجترئ على سلطان الله، فهلا خشيت أن يقتلك السلطان، فتكون قتيل سلطان الله ﵎.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث النافع الذي رواه الإمام أحمد في مسنده وغيره:

أولاً. شرح المفردات:


● جلد عياض بن غنم صاحب دارا: أي قام بعقوبة جلدية لشخص من أهل مدينة "دارا" بعد فتحها.
● أغلظ له هشام بن حكيم القول: أي تكلم معه بكلام قوي وعنيف.
● اعتذر إليه: طلب منه العفو والصفح.
● الجريء: الشخص الشجاع الذي يتجرأ على مواجهة السلطان.
● تجترئ على سلطان الله: تتجرأ وتتحدى الحاكم الذي ولاه الله أمر المسلمين.


ثانيًا. شرح الحديث:


يحكي هذا الحديث قصة حدثت بين صحابيين جليلين هما عياض بن غنم (قائد عسكري ووالي) وهشام بن حكيم (صحابي معروف بغيرته على الدين)، وذلك بعد فتح مدينة "دارا".
● الموقف الأول: قام عياض بن غنم بجلد رجل من أهل المدينة المفتوحة، فغضب هشام بن حكيم من هذا الفعل وواجه عياضًا بكلام قاسٍ وعنيف، مما أدى إلى غضب عياض.
● الموقف الثاني: بعد أيام، أدرك هشام أن طريقته في النصيحة كانت خاطئة، فذهب إلى عياض واعتذر منه، ثم استشهد بحديث النبي ﷺ الذي يحذر من تعذيب الناس في الدنيا بدون حق.
● الرد الحكيم من عياض: رد عليه عياض بن غنم موافقًا على حديث النبي ﷺ، ولكنه ذكّره أيضًا بحديث آخر فيه توجيه نبوي مهم في كيفية نصح الحكام والولاة، وهو أن النصيحة يجب أن تكون سرًا بين الناصح والسلطان، وليس أمام الملأ.
● تحذير عياض لهشام: حذره من التجرؤ على السلطان علانية، لأن ذلك قد يعرضه للعقاب أو القتل، مع أن نيته كانت حسنة.


ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- وجوب النصيحة للحكام: النصيحة لولاة الأمر من حقوق المسلمين عليهم، ولكن يجب أن تكون بالحكمة والموعظة الحسنة.
2- آداب النصيحة: من أهم آداب النصيحة – خاصة للسلطان – أن تكون سرًا وليس علانية، حتى لا تسبب فتنة أو استخفافًا بالسلطة.
3- الاعتراف بالخطأ: هشام بن حكيم اعتذر عندما أدرك أنه أخطأ في طريقته، وهذا يدل على تواضعه وقبوله للحق.
4- الحكمة في التعامل مع الولاة: يجب على المسلم أن يكون حكيمًا في نصحه، وأن يحرص على عدم إثارة الفتنة أو التمرد.
5- الخوف من عاقبة التسرع: التسرع في مواجهة الحكام قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، حتى لو كان القصد هو النصيحة.


رابعًا. معلومات إضافية:


● الحديث المذكور في النصيحة للسلطان رواه الإمام أحمد وغيره، وهو حديث صحيح المعنى يؤكد على الحكمة في الدعوة والنصيحة.
● عياض بن غنم من قادة الفتوحات الإسلامية وكان واليًا على بعض المناطق، وهو معروف بعدله وشجاعته.
● هشام بن حكيم من الصحابة الأخيار الذين عُرفوا بالغيرة على دين الله.


الخلاصة:


هذا الحديث يعلمنا كيف نتعامل مع ولاة الأمر، وأن النصيحة يجب أن تكون بحكمة ورفق، وليس بالعنف والمواجهة العلنية، حتى لا تؤدي إلى فتنة أو ضرر. وهو يجمع بين الغيرة على الدين والحكمة في التطبيق.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (١٥٣٣٣) عن أبي المغيرة، حدثنا صفوان، حدثنا شريح بن عبيد الحضرمي وغيره .. فذكروه.
قال الهيثمي في المجمع (٥/ ٢٢٩): «رواه أحمد ورجاله ثقات، إلا أني لم أجد لشريح من عياش وهشام سماعا وإن كان تابعيا».
قال الأعظمي: ذكر ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٦/ ٤٠٧) عن أبيه في ترجمة عياض بن غنم أنه ممن روى عنه شريح بن عبيد. ولم يعرف شريح بالتدليس، فمثله يُحمل على الاتصال.
وقد روي أن الواسطة بين شريح وعياض بن غنم جبير بن نفير وفي إسناده مقال. وللحديث طرق أخرى في السنة لابن أبي عاصم (١١٣٢)، والمستدرك (٣/ ٢٩٠)، والبيهقي (٨/ ١٦٤) وهي لا تخلو من مقال، لكن بعضد بعضها بعضا وهذا رسم الحديث الحسن.
ومنهج أهل السنة والجماعة مناصحة ولاة الأمراء سرا ولا يكون ذلك على المنابر والمجامع.
فقد كان الصحابة ينصحون الولاة سرا، وقد قيل لأسامة بن زيد: ما يمنعك أن تدخل على عثمان، فتكلمه فيما يصنع؟، فقال أسامة: إنكم لترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم، إني أكلمه في السر دون أن أفتح بابا لا أكون أول من فتحه. رواه البخاري (٣٢٦٧)، ومسلم (٢٩٨٩).
وقال سعيد بن جُمهان لعبد الله بن أبي أوفى: إن السلطان يظلم الناس، ويفعل بهم. قال سعيد: فتناول يدي فغمزها بيده غمزة شديدة ثم قال: ويحك يا ابن جُمهان عليك بالسواد الأعظم، عليك بالسواد الأعظم - يعني جماعة المسلمين - إنْ كان السلطان يسمع منك فأْته في بيته، فأخبره بما تعلم. فإن قبل منك وإلا فدَعْهُ فإنك لست بأعلم منه. رواه أحمد (١٩٤١٥) بإسناد حسن.
قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: «ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة، وذكر ذلك على المنابر؛ لأن ذلك يفضي إلى الانقلابات، وعدم السمع والطاعة في المعروف، ويفضي إلى الخروج الذي يضر ولا ينفع، ولكن الطريقة المتبعة عند السلف النصيحة فيما بينهم وبين السلطان، والكتابة إليه، أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يوجه إلى الخير.
وإنكار المنكر يكون من دون ذكر الفاعل، فينكر الزنى وينكر الخمر وينكر الربا من دون ذكر من فعله، ويكفي إنكار المعاصي والتحذير منها من غير ذلك أن فلانا يفعلها لا حاكم ولا غير حاكم.
ولما وقعت الفتنة في عهد عثمان قال بعض الناس لأسامة بن زيد رضي الله عنه ألا تنكر على عثمان؟، قال: أُنكر عليه عند الناس؟ لكن أنكر عليه بيني وبينه، ولا أفتح باب شر على الناس.
ولما فتحوا الشر في زمن عثمان رضي الله عنه وأنكروا على عثمان جهرة تمت الفتنة والقتال والفساد الذي لا يزال الناس في آثاره إلى اليوم، حتى حصلت الفتنة بين علي ومعاوية، وقتل عثمان وعلي
بأسباب ذلك، وقتل جمٌّ كثير من الصحابة وغيرهم بأسباب الإنكار العلني وذكر العيوب علنًا، حتى أبغض الناس ولي أمرهم، وحتى قتلوه نسأل الله العافية». اهـ حقوق الراعي والرعية (ص ٢٧ - ٢٨) فتوى الشيخ في آخر الرسالة المذكورة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 84 من أصل 132 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أشد الناس عذابا أشدهم عذابا في الدنيا للناس

  • 📜 حديث: أشد الناس عذابا أشدهم عذابا في الدنيا للناس

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أشد الناس عذابا أشدهم عذابا في الدنيا للناس

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أشد الناس عذابا أشدهم عذابا في الدنيا للناس

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أشد الناس عذابا أشدهم عذابا في الدنيا للناس

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب