حديث: إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله في النار
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء في خلافة قريش
صحيح: رواه البخاري في الأحكام (٧١٣٩) عن أبي اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال: كان محمد بن جبير بن مطعم يحدث .

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن هذا الحديث الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه يحمل في طياته دروسًا وعبرًا عظيمة، سأشرحها لكم وفقًا للمنهج العلمي المطلوب:
1. شرح المفردات:
● وفد من قريش: مجموعة من أشراف قريش ووجهائها.
● قحطان: قبيلة عربية معروفة، وهم من العرب العاربة.
● يحدثون أحاديث: يروون أخبارًا وأقوالاً.
● ليست في كتاب الله: لم ترد في القرآن الكريم.
● ولا توثر عن رسول الله ﷺ: ولم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم بسند صحيح.
● جهالكم: الذين يجهلون أحكام الدين ويقتحمون ما لا علم لهم به.
● الأماني التي تضل أهلها: الأهواء والآراء الشخصية التي لا تستند إلى دليل.
● كبه الله في النار على وجهه: ألقاه الله في النار منكوسًا على رأسه.
2. شرح الحديث:
يحدثنا هذا الحديث عن موقف مهم في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، حيث بلغه أن عبد الله بن عمرو بن العاص يحدث بأنه سيكون ملك من قحطان، فغضب معاوية من هذا الخبر، وقام خطيبًا في الناس محذرًا من رواية الأحاديث التي لا أصل لها في الكتاب والسنة.
ثم استشهد معاوية رضي الله عنه بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن هذا الأمر في قريش" أي أن الخلافة والإمارة تكون في قريش، "لا يعاديهم أحد إلا كبه الله في النار على وجهه" أي أن من عادى قريشًا في إمارتهم ولم يرض بحكمهم، فإن عقابه شديد، "ما أقاموا الدين" أي هذا الحكم مشروط بإقامتهم للدين وتحكيمهم لشرع الله.
3. الدروس المستفادة منه:
- وجوب التحري في رواية الأحاديث وعدم التحدث بما لا علم لنا به.
- التحذير من اتباع الأهواء والآراء الشخصية دون دليل شرعي.
- بيان أن الخلافة والإمارة في قريش، وهذا من خصائص هذه الأمة.
- وجوب طاعة أولي الأمر من المسلمين ما أقاموا الدين.
- التحذير من معاداة ولاة الأمر والخروج عليهم ما لم يخرجوا على الدين.
4. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث من الأحاديث الصحيحة التي اتفق عليها العلماء.
- اشتراط إقامة الدين في صحة إمارة قريش، فإذا تركوا الدين ولم يقيموه، سقطت عنهم هذه الخصوصية.
- ليس في الحديث منعٌ من انتقاد الحكام أو نصحهم، بل الواجب النصيحة بالحكمة والموعظة الحسنة.
- هذا الحكم خاص بالخلافة العامة، أما الولايات والإمارات الجزئية فليست مقصورة على قريش.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
لا خلاف بين أهل العلم من أهل السنة والجماعة أن الإمام الأعظم أقصد به الحاكم على جميع الأمصار الإسلامية - يشترط أن يكون قرشيا، ولكن النصوص الشرعية دلت على أن ذلك التقديم الواجب لهم في الإمامة مشروط بإقامتهم الدين وإطاعتهم الله ورسوله. فإن خالفوا أمر الله فغيرهم ممن يطيع الله تعالى، ويُنفذ أوامره ويُقيم حدوده أولى منه.
والشاهد على ذلك قوله ﷺ: «ما أقاموا الدين». لأن لفظة: «ما» مصدرية ظرفية مقيدة لقوله: إن هذا الأمر في قريش، وتقرير المعنى إن هذا الأمر يكون في قريش مدة إقامتهم الدين. مفهومه: أنهم إن لم يقيموا الدين لم يكن فيهم.
وقد روي عن ابن مسعود قال: «بينا نحن عند رسول الله ﷺ في قريب من ثمانين رجلا من قريش ليس فيهم إلا قرشي لا والله ما رأيت صفحة وجوه رجال قط أحسن من وجوههم يومئذ فذكروا النساء، فتحدثوا فيهن، فتحدث معهم حتى أحببت أن يسكت قال ثم أتيته فتشهد ثم قال: «أما بعد يا معشر قريش فإنكم أهل هذا الأمر ما لم تعصوا الله، فإذا عصيتموه بعث إليكم من يلحاكم كما يلحى هذا القضيب«لقضيب في يده ثم لحا قضيبه، فإذا هو أبيض بصلد».
رواه أحمد (٤٣٨٠) عن يعقوب، حدثنا أبي، عن صالح قال ابن شهاب: حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن ابن مسعود قال .. فذكره.
ورواه أبو يعلى (٥٠٢٤) من طريق مصعب بن عبد الله الزبيري، عن إبراهيم بن سعد، عن صالح (وهو ابن كيسان) ... فذكره. إلا أن فيه ثلاثين رجلا.
قال الحافظ في الفتح (١٣/ ١١٦): «رجاله ثقات إلا أنه من رواية عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن عم أبيه عبد الله بن مسعود ولم يدركه، وهذه رواية صالح بن كيسان عن عبيد الله. وخالفه حبيب بن أبي ثابت فرواه عن القاسم بن محمد بن عبد الرحمن عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي مسعود الأنصاري ولفظه: «لا يزال هذا الأمر فيكم وأنتم ولاته«الحديث أخرجه أحمد (١٧٠٦٩) وفي سماع عبيد الله من أبي مسعود نظر مبني على الخلاف في سنة وفاته.
قال: «وله شاهد من مرسل عطاء بن يسار أخرجه الشافعي وعنه البيهقي (٨/ ١٤٤) بسند صحيح إلى عطاء ولفظه قال لقريش: «أنتم أولى الناس بهذا الأمر ما كنتم على الحق إلا أن تعدلوا عنه فتلحون كما تلحى هذه الجريدة» اهـ.
فلو جاء رجل من قريش وقال: إنه أحق بالإمامة من غيره وهو فاسق فلا نقبل إمامته. فمن شرط الإمامة عند الابتداء أن يكون عدلا. ولكن لو أن أحدًا تغلب على الناس بالقوة سواء كان قرشيا أو عبدا حبشيا كأن رأسه زبية كما جاء في الحديث وجبت طاعته، ففرق بين الاختيار وبين الاستيلاء على الناس بالقوة فنسمع ونطيع، ولا ننابذ إلا أن نرى كفرا بواحا لا تأويل له.
أما في غير الإمام الأعظم فلا أعرف أحدا اشترط فيه أن يكون قرشيا، بل الأمر موكول إلى من غلب، فتولى الحكم، واستب الأمن فهو الإمام، تجب بيعته وطاعته وتحرم منازعته ومعصيته.
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى: «الأئمة مجمعون من كل مذهب على أن من تغلب على بلد أو بلدان له حكم الإمام في جميع الأشياء، ولولا هذا ما استقامت الدنيا، لأن الناس من زمن طويل قبل الإمام أحمد إلى يومنا هذا، ما اجتمعوا على إمام واحد،
ولا يعرفون أحدًا من العلماء ذكر أن شيئا من الأحكام، لا يصح إلا بالإمام الأعظم». الدرر السنية في الأجوبة النجدية (١٢/ ٥).
وقال الشوكاني رحمه الله تعالى: «وأما بعد انتشار الإسلام واتساع رقعته وتباعد أطرافه فمعلوم أنه قد صار في كل قطر أو أقطار الولايةُ إلى إمام أو سلطان وفي القطر الآخر أو الأقطار كذلك ولا ينفذ لبعضهم أمر ولا نهي في قطر الأخر وأقطاره التي رجعت إلى ولايته فلا بأس بتعدد الأئمة والسلاطين ويجب الطاعة لكل واحد منهم بعد البيعة له، على أهل القطر الذي ينفذ فيه أوامره ونواهيه وكذلك صاحب القطر الآخر فإذا قام من ينازعه في القطر الذي قد ثبتت فيه ولايته وبايعه أهله كان الحكم فيه أن يقتل إذا لم يتب». السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار (١/ ٩٤١).
ولذا لم نجد من زمن بعيد أن أحدًا من العلماء اعترض على حكم المغول والغزنويين، والمماليك والفاطميين والعثمانيين بأنهم ليسوا من قريش، بل أطاعوهم وجاهدوا معهم الكفار، وتولوا مناصب حساسة كالقضاء ونظارة الأوقاف وإدارة التعليم وغيرها.
وأما ما قيل: إن اشتراط القرشية في الإمام الأعظم يتضمن العصبية، وقد حارب الإسلام العصبية الجاهلية فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في فتاواه (٩/ ٤٢٩ - ٤٣٠): «هذا لا يعني - أي النهي عن العصبية - عدم التفضيل بين الأجناس، فإن جمهور العلماء على أن جنس قريش خير من غيرهم ولكن تفضيل الجملة لا يستلزم أن يكون كل فرد أفضل من كل فرد، فإن في غير العرب خلقا كثيرا خيرا من أكثر العرب، وفي غير قريش من المهاجرين والأنصار خير من قريش وهذا في أحكام الدنيا، وأما أحكام الآخرة من الثواب والعقاب والكرامة عند الله فهذا لا يؤثر فيه النسب، وإنما مرده إلى التقوى والعمل الصالح فحسب» اهـ.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 92 من أصل 132 حديثاً له شرح
- 67 مددت يدي إلى النبي وأنا غلام ليبايعني فلم يبايعني.
- 68 خلفاء يكثرون فُوا ببيعة الأول فالأول
- 69 ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم
- 70 المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها
- 71 ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة
- 72 من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا...
- 73 من قتل تحت راية عمية فقتلة جاهلية
- 74 من قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو إلى...
- 75 من فارق الجماعة واستذل الإمارة لقي الله ولا وجه له...
- 76 من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية
- 77 ثلاثة لا تسأل عنهم: رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات...
- 78 كنا نعد هذا نفاقا على عهد النبي ﷺ
- 79 أعانك الله من إمارة السفهاء
- 80 من لم يدخل على الأمراء ولم يعنهم على ظلمهم فهو...
- 81 هل بعد هذا الخير من شر؟
- 82 الدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم
- 83 ثلاث خصال لا يغل عليهن قلب مسلم أبدا
- 84 أشد الناس عذابا أشدهم عذابا في الدنيا للناس
- 85 من أراد أن يفرق أمر هذه الأمة فاضربوه بالسيف
- 86 من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته
- 87 إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما
- 88 أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يمرقون من الدين كما يمرق السهم
- 89 يخرجون على حين فرقة من الناس
- 90 بعث علي إلى النبي بذهيبة فقسمها بين الأربعة
- 91 يخرج قوم يقرؤون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم
- 92 إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه...
- 93 الناس تبع لقريش في هذا الأمر
- 94 الناس تبع لقريش في هذا الشأن
- 95 إن لي على قريش حقا وإن لقريش عليكم حقا
- 96 هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان
- 97 الناس تبع لقريش في الخير والشر
- 98 لا يزال أمر الناس ماض ما وليهم اثنا عشر رجلا
- 99 اثنا عشر خليفة كلهم من قريش
- 100 خلافة على منهاج النبوة بعد الملك العاض والجبرية
- 101 الأئمة من قريش إذا استرحموا رحموا
- 102 الأمراء من قريش ما عملوا فيكم بثلاث
- 103 الأئمة من قريش
- 104 خيار أئمة قريش خيار أئمة الناس
- 105 خلافة النبوة ثلاثون سنة ثم يؤتي الله الملك من يشاء
- 106 عمر بن الخطاب: وددت أني نجوت منها كفافا لا لي...
- 107 عَنْ ابْنِ عُمَرَ: إِنَّ اللَّهَ يَحْفَظُ وَإِنِّي لَئِنْ لَا أَسْتَخْلِفُ...
- 108 استأذن عمر بن الخطاب في الدفن مع صاحبيه
- 109 أبايعك على سنة الله ورسوله، والخليفتين من بعده
- 110 استأذن عمر بن الخطاب بعد وفاته للدخول على الصحابة
- 111 إن عجل بي أمر فالخلافة شورى بين هؤلاء الستة
- 112 لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتكها
- 113 من عصم الله تعالى فهو المعصوم
- 114 من وقي بطانة السوء فقد وقي
- 115 من ولي شيئا من أمور المسلمين فله بطانتان
- 116 إذا أراد الله بالأمير خيرا جعل له وزير صدق
معلومات عن حديث: إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله في النار
📜 حديث: إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله في النار
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله في النار
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله في النار
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله في النار
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, December 17, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








