من عصم الله تعالى فهو المعصوم

حديث: من عصم الله تعالى فهو المعصوم

عن أبي سعيد الخدري، عن النبي ﷺ قال: «ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف، وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر، وتحضه عليه، فالمعصوم من عصم الله تعالى».

صحيح: رواه البخاري في الأحكام (٧١٩٨) عن أصبغ، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن أبي سعيد الخدري .

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد، فسأشرح هذا الحديث الشريف شرحًا وافيًا مستندًا إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة، مع بيان فوائده ودروسه.

الحديث:

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: «ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف، وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر، وتحضه عليه، فالمعصوم من عصم الله تعالى».

1. شرح المفردات:

● بَطَانَةٌ: هم المقربون من الإنسان، الذين يطلعون على أسراره ويستشيرهم في أموره، وسُمُّوا بذلك لِقُرْبِهِمْ منه كالبِطَانَةِ للثَّوْبِ.
● تَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ: تدله على الخير وتأمره به.
● تَحُضُّهُ عَلَيْهِ: تحثه وتشجعه على فعله.
● تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ: تدله على السوء والمنكر.
● تَحُضُّهُ عَلَيْهِ: تحثه وتغريه بفعله.
● الْمَعْصُومُ: المحفوظ من الوقوع في الخطأ والضلال.
● مَنْ عَصَمَ اللَّهُ تَعَالَى: من حفظه الله ورعاه بتوفيقه ولطفه.

2. شرح الحديث:

يخبرنا النبي ﷺ في هذا الحديث بحقيقة واقعية تصاحب كل من يتحمل مسؤولية القيادة والرياسة، سواء كان نبيًا مرسلاً أو خليفةً يحكم الأمة.
فكل قائد يحيط به صنفان من الناس:
● البطانة الصالحة: وهم المستشارون والأصحاب الأخيار، الذين ينصحون له، ويأمرونه بالمعروف والخير، ويحثونه على فعل الطاعات والفضائل، ويصدقونه القول، ويخافون عليه من الزلل. هؤلاء هم عون له على الخير، وزين له في دينه ودنياه.
● البطانة الفاسدة: وهم المقربون السوء، الذين يزينون له الشر والمنكر، ويحثونه على اتباع الهوى والظلم والبغي، ويشجعونه على الشهوات والمحرمات، وقد يخدعونه بمدحه والثناء عليه بما ليس فيه. هؤلاء هم وبال عليه، وهم من أعظم الفتن التي تُعْرَض على القادة.
ثم يختم النبي ﷺ الحديث بقوله: «فالمعصوم من عصم الله تعالى»، أي أن النجاة من فتنة البطانة السيئة والوقوع في شركها ليس بالأمر الهين، بل هو محض توفيق من الله وعصمة منه سبحانه. فمن وفقه الله لاختيار الصالحين وأعانه على سماع النصيحة وقبول الحق، فقد عصمه الله من الضلال. وأعلى درجات هذه العصمة للأنبياء والرسل، فهم معصومون من الخطأ في التبليغ عن الله، ويحفظهم الله من أن تنطلي عليهم حيل البطانة السيئة في أمور الدين.

3. الدروس المستفادة والعبر:

● أهمية اختيار الصاحب والجليس: الحديث تحذير شديد للمسلم عامة، و للقادة خاصة، من مجالسة أهل السوء والفساد والاستماع إليهم.
● ضرورة مشورة أهل الصلاح والعلم: على القائد أن يحرص على إحاطة نفسه بأهل الدين والخبرة والصدق، ويجعلهم مستشاريه المقربين.
● التفريق بين النصيحة والمدح المخادع: على المسلم أن يتعلم كيف يميز بين من ينصحه بحب وإخلاص، ومن يمدحه طمعًا أو خداعًا.
● التوكل على الله والاستعانة به: النجاة من الفتن لا تكون بالقوة الذاتية فقط، بل بتوفيق الله وعصمته، فيجب على المسلم أن يلجأ إلى الله دائمًا أن يعصمه من فتنة الأشرار ومنكرات الأمور.
● مسؤولية الأمة: يجب على الرعية أن تساعد قادتها بانتخاب الصالحين لهم ومجالستهم، ونصحهم بطريقة حسنة.

4. معلومات إضافية:

- هذا الحديث رواه الإمام البخاري في "صحيحه" وهو من الأحاديث الصحيحة المتينة.
- قال أهل العلم: "فيه الحث على مصاحبة الأخيار، والتحذير من مصاحبة الأشرار، وأنه ينبغي للإنسان أن يجتهد في معرفة من يصاحبه ويخالطه".
- ينطبق هذا المعنى ليس فقط على القادة، بل على كل إنسان في اختيار أصدقائه وجلسائه الذين يؤثرون فيه سلبًا أو إيجابًا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الأحكام (٧١٩٨) عن أصبغ، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن أبي سعيد الخدري .. فذكره.
وقال البخاري عقبه: وقال سليمان: عن يحيى، أخبرني ابن شهاب بهذا.
وعن ابن أبي عتيق، وموسى عن ابن شهاب مثله.
وقال شعيب: عن الزهري، حدثني أبو سلمة، عن أبي سعيد قوله.
وقال الأوزاعي ومعاوية بن سلام: حدثني الزهري، حدثني أبو سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ.
وقال ابن أبي حسين وسعيد بن زياد: عن أبي سلمة، عن أبي سعيد قوله.
وقال عبيد الله بن أبي جعفر: حدثني صفوان، عن أبي سلمة، عن أبي أيوب قال: سمعت النبي ﷺ.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 113 من أصل 132 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من عصم الله تعالى فهو المعصوم

📜 حديث: من عصم الله تعالى فهو المعصوم

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من عصم الله تعالى فهو المعصوم

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من عصم الله تعالى فهو المعصوم

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من عصم الله تعالى فهو المعصوم

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية