حديث: من وقي بطانة السوء فقد وقي

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الحث على اتخاذ البطانة الصالحة

عن أبي أيوب أنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «ما بعث من نبي ولا كان بعده من خليفة إلا وله بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، وبطانة لا تألوه خبالا، فمن وقي بطانة السوء فقد وقي».

صحيح: رواه النسائي (٤٢٠٣)، والطحاوي في شرح المشكل (٢١١٢)، والطبراني في الكبير (٤/ ١٥٦) من طرق عن الليث - هو ابن سعد - عن عبيد الله بن أبي جعفر عن صفوان - هو ابن سُليم عن أبي سلمة، عن أبي أيوب .

عن أبي أيوب أنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «ما بعث من نبي ولا كان بعده من خليفة إلا وله بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، وبطانة لا تألوه خبالا، فمن وقي بطانة السوء فقد وقي».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، يضع لنا قاعدة مهمة في الحياة، خاصة لمن كان له ولاية أو مسؤولية عن الناس. وها هو الشرح المفصل له:

الحديث بلفظه:


عن أبي أيوب رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «مَا بُعِثَ مِنْ نَبِيٍّ وَلَا كَانَ بَعْدَهُ مِنْ خَلِيفَةٍ إِلَّا وَلَهُ بِطَانَتَانِ: بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَاهُ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَبِطَانَةٌ لَا تَأْلُوهُ خَبَالًا، فَمَنْ وَقِيَ بِطَانَةَ السُّوءِ فَقَدْ وُقِيَ».


1. شرح المفردات:


● بُعِثَ مِن نَبِيٍّ: أُرسل من الأنبياء.
● خَلِيفَةٍ: من يخلف النبي في قيادة الأمة وحكمها.
● بِطَانَتَانِ: (مفردها: بطانة) وهي الجماعة المقربة من الإنسان، والناصحون له، والخاصة من أصحابه الذين يطلعهم على أموره ويستشيرهم.
● تأْلُوهُ: تقصِّر في حقه، أو تُفسد عليه أمره. (مأخوذة من قولهم: لا آلويك جهداً، أي لا أقصر في نصحك).
● خَبَالًا: الإفساد والشر والفساد. والخبال: اختلال العقل والرأي، ويُقصد به هنا الإفساد في الأمور.
● وَقِيَ: حُفظ وحُمي من الشر.
● فَقَدْ وُقِيَ: فقد نجا وحُفظ من البلاء والهلاك.


2. شرح الحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بحقيقة كونية وسنة إلهية جارية، وهي أنه ما من نبي مرسل ولا حاكم أو خليفة جاء بعده، إلا وحوله صنفان من المقربين:
● البطانة الصالحة (بطانة الخير): وهم الذين يقومون بواجب النصيحة، يأمرونه بالمعروف وهو كل ما أمر الله به ورسوله، وينهونه عن المنكر وهو كل ما نهى الله عنه ورسوله. هم يعينونه على الطاعة، ويذكّرونه إذا نسي، وينصحونه إذا أخطأ، ويكونون ستراً له وعوناً على الخير.
● البطانة الفاسدة (بطانة السوء): وهم الذين لا يقصرون في إفساد أمره، يزينون له الباطل، ويحثونه على الهوى، ويبعدونه عن الحق، ويشجعونه على الظلم والفساد. وهم سبب هلاكه وهلاك من تحت ولايته.
ثم يختم النبي صلى الله عليه وسلم الحديث ببيان عاقبة من حفظه الله من شر هذه البطانة السيئة، فيقول: «فمن وقي بطانة السوء فقد وقي»، أي أن من عصمه الله وحفظه من تأثير هؤلاء المقربين الفاسدين، وجعله يحيط نفسه بأهل الصلاح والنصح، فقد حفظه من أعظم أسباب الهلاك والدمار في دينه ودنياه.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- الحث على اختيار الصالحين للأصحاب والمستشارين: الحديث يوجه كل إنسان، وخاصة ذوي المسؤوليات والولاة، إلى ضرورة انتقاء من يحيطون بهم، فكما قيل: "قل لي من تصاحب أقل لك من أنت".
2- النصيحة أمانة: على المقربين من الحكام والعلماء وكل صاحب شأن أن يتقوا الله ويؤدوا الأمانة في النصيحة، ولا يغتروا بالمنصب أو يخافوا في الله لومة لائم.
3- سنة إلهية: وجود هذين الصنفين حول أصحاب القرار هو سنة من سنن الله في خلقه، وهو اختبار للولي، هل يختار طريق الناصحين أم طريق المفسدين.
4- الاستعاذة من بطانة السوء: على المسلم أن يدعو الله دائماً أن يعيذه من بطانة السوء، وأن يوفقه لصحبة الصالحين الناصحين.
5- النجاة في التوقي: النجاة والسلامة ليست في عدم وجود بطانة السوء (فهذا قد لا يكون)، ولكن في التوقي منها وعدم الانصياع لها، والتمييز بينها وبين بطانة الخير.


4. معلومات إضافية:


● الراوي: هو أبو أيوب خالد بن زيد الأنصاري رضي الله عنه، من كبار الصحابة، وهو الذي نزل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قدم المدينة مهاجراً.
● مصدر الحديث: أخرجه الإمام أحمد في مسنده، والبخاري في "الأدب المفرد"، والحاكم في المستدرك، وقال عنه الحاكم: صحيح على شرط مسلم. وهو حسن.
● الحديث ينطبق على كل أحد: وإن كان سياقه في الأنبياء والخلفاء، إلا أن معناه يعم كل إنسان له ولاية، كبيرها وصغيرها، كالأب في أسرته، والمعلم في فصله، والمدير في عمله، فلكل منهم بطانة تؤثر فيه.
نسأل الله أن يجعلنا من الناصحين لأولي الأمر وللمسلمين، وأن يقينا شر بطانة السوء، وأن يحيطنا بأهل الخير والصلاح.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه النسائي (٤٢٠٣)، والطحاوي في شرح المشكل (٢١١٢)، والطبراني في الكبير (٤/ ١٥٦) من طرق عن الليث - هو ابن سعد - عن عبيد الله بن أبي جعفر عن صفوان - هو ابن سُليم عن أبي سلمة، عن أبي أيوب .. فذكره.
وإسناده صحيح. وقد اختلف فيه على أبي سلمة، فرواه بعضهم عنه عن أبي أيوب. وبعضهم عنه عن أبي هريرة، وبعضهم عنه عن أبي سعيد. وقد قال الدارقطني في العلل (٦/ ١١٧ - ١١٨)
بعد ذكر الاختلاف: «ولا يدفع حديث صفوان لجواز أن يكون أبو سلمة حفظه عن أبي أيوب، وعن أبي سعيد، وعن أبي هريرة والله أعلم».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 114 من أصل 132 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من وقي بطانة السوء فقد وقي

  • 📜 حديث: من وقي بطانة السوء فقد وقي

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من وقي بطانة السوء فقد وقي

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من وقي بطانة السوء فقد وقي

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من وقي بطانة السوء فقد وقي

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب