أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذها جعفر فأصيب

حديث: أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذها جعفر فأصيب

عن أنس بن مالك قال: خطب النبي ﷺ، فقال: «أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب، ثم أخذها خالد بن الوليد عن غير إمرة ففتح له»، وقال: «ما يسرنا أنهم عندنا» - قال أيوب أو قال: «ما يسرهم أنهم عندنا» - وعيناه تذرفان.

صحيح: رواه البخاري في الجهاد والسير (٢٧٩٨) عن يوسف بن يعقوب الصفار، حدثنا إسماعيل ابن علية، عن أيوب، عن حميد بن هلال، عن أنس بن مالك فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه، يروي لنا موقفاً مؤثراً من مواقف النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يذكر أصحابه الشهداء في غزوة مؤتة. ودعنا نتفقه في شرحه جزءاً جزءاً:

أولاً. شرح المفردات:

● أخذ الراية: حمل لواء القتال وقاد الجيش.
● فأصيب: استشهد في سبيل الله.
● عن غير إمرة: دون أن يكون معيناً قائداً أساسياً من قبل النبي صلى الله عليه وسلم، بل تولى القيادة بشكل تلقائي بعد استشهاد القادة.
● ففتح له: نصر الله على يديه.
● ما يسرنا أنهم عندنا: أي أننا لا نفضل أن يكونوا أحياء عندنا على ما هم فيه من الشهادة والكرامة عند الله.
● وعيناه تذرفان: عيناه تفيضان دموعاً حزناً عليهم وحباً لهم.

ثانياً. شرح الحديث:

يحدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس، فذكر قصة غزوة مؤتة التي وقعت في السنة الثامنة للهجرة، حيث أرسل النبي صلى الله عليه وسلم جيشاً لمواجهة الروم.
● "أخذ الراية زيد فأصيب": أول من عينه النبي صلى الله عليه وسلم قائداً للجيش كان زيد بن حارثة رضي الله عنه (مولى النبي وحبيبه)، فقاتل حتى استشهد.
● "ثم أخذها جعفر فأصيب": ثم تولى القيادة جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه (ابن عم النبي)، فقاتل ببسالة نادرة حتى قطعت يمينه فأخذ الراية بشماله، فقطعت شماله فاحتضن الراية بعضديه حتى استشهد. وقد عوضه الله عن يديه بجناحين في الجنة يطير بهما حيث يشاء، فكان يسمى "جعفر الطيار".
● "ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب": ثم تولى القيادة عبد الله بن رواحة رضي الله عنه (شاعر النبي)، فتردد لحظة ثم向前 فقاتل حتى استشهد.
● "ثم أخذها خالد بن الوليد عن غير إمرة ففتح له": بعد استشهاد القادة المعينين، تولى القيادة بشكل تلقائي خالد بن الوليد رضي الله عنه (الذي كان حديث العهد بالإسلام)، فاستخدم مهارته الحربية الفذة، وأدار المعركة ببراعة، وانحاز بالجيش regressively، محافظاً على بقية الجنود، وكان هذا انتصاراً معنوياً.
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم "ما يسرنا أنهم عندنا"، أي: مع حبنا لهم وشوقنا إليهم، إلا أننا لا نتمنى أن يكونوا أحياء بيننا، لأن منزلتهم التي نالوا بها الشهادة أعظم وأعلى. وفي رواية: "ما يسرهم أنهم عندنا"، أي: هم أنفسهم لا يفضلون الحياة الدنيا على ما هم فيه من نعيم الجنة.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم "وعيناه تذرفان" يبكي حزناً على فراقهم، وحباً لهم، وإعجاباً بشجاعتهم وتضحيتهم.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- فضل الشهادة في سبيل الله: فهي من أعلى المراتب عند الله، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتمن عودة أصحابه منها إلى الدنيا.
2- التضحية والفداء: يجب على المسلم أن يكون مستعداً لبذل روحه في سبيل الله ونصرة دينه.
3- الحزن على الموتى لا ينافي الرضا بقضاء الله: فالبكاء على الميت جائز، ما دام ليس بكاءً مصحوباً بنياحة أو اعتراض على قدر الله.
4- الثناء على الشهداء والاعتراف بفضلهم: وهذا يرفع من همم الأحياء للاقتداء بهم.
5- الحكمة في القيادة: كما فعل خالد بن الوليد رضي الله عنه، حيث أنقذ ما تبقى من الجيش بحنكته العسكرية.
6- التدرج في القيادة واحترام النظام: حتى في أصعب الظروف، حيث انتقلت القيادة بشكل منظم حسب ما عينه النبي صلى الله عليه وسلم.

رابعاً. معلومات إضافية:

● غزوة مؤتة: كانت ضد الروم وقبائل العرب الموالية لهم في منطقة البلقاء (الأردن حالياً).
● سبب التسمية: سميت بـ "مؤتة" نسبة إلى المنطقة التي وقعت فيها.
● عدد الجيش الإسلامي: كان 3000 مقاتل، بينما كان جيش الأعداء يقدر بمئتي ألف.
● خالد بن الوليد: في هذه الغزوة أظهر براعته، فاستحق بعدها لقب "سيف الله المسلول".
اللهم ارزقنا الشهادة في سبيلك، وألحقنا بالصالحين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الجهاد والسير (٢٧٩٨) عن يوسف بن يعقوب الصفار، حدثنا إسماعيل ابن علية، عن أيوب، عن حميد بن هلال، عن أنس بن مالك فذكره.
قوله: «ما يسرهم أنهم عندنا» أي لما رأوا من الكرامة بالشهادة فلا يعجبهم أن يعودوا إلى الدنيا كما كانوا. الفتح (٦/ ١٧).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 205 من أصل 424 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذها جعفر فأصيب

📜 حديث: أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذها جعفر فأصيب

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذها جعفر فأصيب

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذها جعفر فأصيب

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذها جعفر فأصيب

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية