حديث: من إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب تحريم الغدر

عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله ﷺ: «أربع خلال مَنْ كنَّ فيه كان منافقا خالصا: من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر، ومن كانت فيه خصلة منهن، كانت فيه خصلة من النفاق حتَّى يدعها».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الجزية والموادعة (٣١٧٨)، ومسلم في الإيمان (٥٨) كلاهما من طريق الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله بن عمرو فذكره.

عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله ﷺ: «أربع خلال مَنْ كنَّ فيه كان منافقا خالصا: من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر، ومن كانت فيه خصلة منهن، كانت فيه خصلة من النفاق حتَّى يدعها».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من الأحاديث التي تحذر من صفات النفاق العملي وتوضح خطورتها.

أولاً. شرح المفردات:


● خِلال: جمع خُلّة، أي صفة أو سجية.
● خالصاً: صِرْفاً محضاً، لا يشوبه إيمان.
● أخلف: لم يفِ بوعده، بل خالف ما وعد به.
● غَدَر: نقض العهد وخان.
● خاصم: جادل وتنازع مع خصمه.
● فَجَر: هنا بمعنى: انحرف عن الحق وتجاوزه إلى الباطل، والكذب والسب والشتم في الخصومة.
● خصلة: صفة واحدة.


ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن هناك أربع صفات إذا اجتمعت في شخص واحد، فإنها تدل على أنه منافق نفاقاً اعتقادياً كاملاً، وهو الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر. وهذه الصفات هي:
1- «مَنْ إذا حَدَّثَ كَذَبَ»: أي إذا تكلم وأخبر عن شيء، تعمد الكذب في حديثه، سواء كان الأمر مهماً أو تافهاً، من غير ضرورة. وهذا دليل على خبث القلب وفساد الطوية.
2- «وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ»: أي إذا أعطى عهداً أو وعداً بوعد، لم يفِ به، بل نقضه بدون عذر شرعي مقبول. وهذا دليل على عدم المروءة وضعف الدين.
3- «وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ»: أي إذا عقد عهداً أو عقداً مع شخص أو جماعة (سواء كان عهداً في معاملة، أو عقداً تجارياً، أو عهد أمان في حرب)، غدر به ونقض العهد. والغدر من أقبح الصفات.
4- «وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ»: أي إذا تخاصم مع أحد، ترك طريق الحق والإنصاف، وتجاوز الحد بالكذب والسباب والشتائم والافتراء، والتمسك بالباطل لمجرد الغلبة في الخصومة، وليس طلباً للحق.
ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم أن وجود واحدة فقط من هذه الصفات الذميمة في المسلم، تكون «خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ»، أي صفة من صفات المنافقين، وتُنبِئ عن نفاق عملي في قلب صاحبها، وتُعد معصية يحتاج صاحبها إلى التوبة منها، «حَتَّى يَدَعَهَا»، أي حتى يترك هذه الخصلة الذميمة ويتوب إلى الله تعالى منها.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- خطورة هذه الصفات: الحديث يربط بين هذه الصفات الأخلاقية الذميمة وبين النفاق، مما يدل على عظم خطرها وسوء عاقبتها. فهي ليست مجرد عيوب في الشخصية، بل هي مؤشرات على مرض في القلب.
2- الفارق بين النفاق الاعتقادي والعملي: اجتماع هذه الصفات الأربع يدل على النفاق الاعتقادي (الأكبر). أما وجود واحدة منها فهو نفاق عملي (أصغر)، وهو معصية لا تخرج المسلم من الملة، لكنه ذنب عظيم يجب التوبة منه.
3- ضرورة محاسبة النفس: على المسلم أن يحاسب نفسه دائماً ويتفحص أعماله وأقواله، ويتجنب هذه الصفات الذميمة، ويجاهد نفسه على التحلي بضدها: الصدق، والوفاء، والالتزام بالعهد، والإنصاف في الخصومة.
4- الصدق من جوهر الإيمان: الحديث يظهر أن الصدق هو أساس التعاملات كلها، والكذب هو رأس خصال النفاق. فالمؤمن لا يكذب.
5- الوفاء بالعهد والوعد: الوفاء سمة المؤمن الحق، وإخلافه من صفات المنافقين. وقد أمر الله تعالى بالوفاء بالعقود فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}.
6- العدل حتى مع الخصوم: على المسلم أن يلتزم بالحق والعدل حتى مع خصمه، ولا يحمله الجدال والخصومة على التمادي في الباطل والفحش في القول.


رابعاً. معلومات إضافية:


- ينبغي التفريق بين الكذب الذي هو إخبار بخلاف الواقع عمداً، وبين الخطأ غير المتعمد في الرواية أو النقل.
- إذا كان إخلاف الوعد لعذر شرعي قاهر (كمرض مفاجئ، أو ظرف طارئ)، فلا يدخل في هذا الوعيد، بشرط إعلام الطرف الآخر بالعذر.
- التوبة من هذه الصفات تكون بالإقلاع عنها فوراً، والندم على فعلها، والعزم على عدم العودة إليها، وإرجاع الحقوق إلى أصحابها إن كانت قد ترتب عليها ظلم للآخرين.
نسأل الله تعالى أن يطهر قلوبنا من النفاق، وأعمالنا من الرياء، وألسنتنا من الكذب، وأن يجعلنا من الصادقين الوفيين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الجزية والموادعة (٣١٧٨)، ومسلم في الإيمان (٥٨) كلاهما من طريق الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله بن عمرو فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 272 من أصل 424 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف

  • 📜 حديث: من إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب