حديث: إذا أكثبوكم فعليكم بالنبل واستبقوا نبلكم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب فضل الرمي والحث على تعلمه

عن أبي أُسيد قال: قال النَّبِيّ ﷺ يوم بدر حين صففنا لقريش وصفّوا لنا: «إذا أكثبوكم فعليكم بالنبل».
وزاد في لفظ: «واستبقوا نبلكم».

صحيح: رواه البخاريّ في الجهاد والسير (٢٩٥٠) عن أبي نعيم، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن الغسيل، عن حمزة بن أبي أسيد، عن أبيه، فذكره.

عن أبي أُسيد قال: قال النَّبِيّ ﷺ يوم بدر حين صففنا لقريش وصفّوا لنا: «إذا أكثبوكم فعليكم بالنبل».
وزاد في لفظ: «واستبقوا نبلكم».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الذي ذكر يرويه الصحابي الجليل أبو أُسيد مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله عنه، ويوثق لنا لحظة فارقة من معركة بدر العظيمة، وهي أول معركة فاصلة في الإسلام.

أولاً. شرح المفردات:


● أكثبوكم: من الإكثاب، أي إذا اقتربوا منكم واجتمعوا عليكم وكثُروا حولكم. وقيل: إذا حملوا عليكم حملة شديدة.
● فعليكم بالنبل: أي فالزموا استعمال النبال، واهتموا بالرمي بها.
● واستبقوا نبلكم: أي لا تطلقوا جميع سهامكم مرة واحدة، بل أبقوا منها شيئاً، وارموا على فترات وبتروٍّ.

ثانياً. شرح الحديث:


يحدثنا أبو أُسيد رضي الله عنه عن الموقف العسكري يوم غزوة بدر، حيث اصطف المسلمون واصطف المشركون، كل فريق يقابل الآخر. وفي هذا الموقف العصيب، يوجه النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه توجيهاً عسكرياً بالغ الأهمية.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أكثبوكم فعليكم بالنبل». هذا توجيه استراتيجي ذكي، فهو يأمر المسلمين بعدم الاشتباك المباشر مع العدو في حالة حمله عليهم بكثافة، بل يستعملون سلاح المديح البعيد (النبال) لتفريق صفوفه وإضعاف قوته قبل أن يصل إليهم ويحدث الالتحام المباشر، الذي قد يكون فيه تفوق عددي للمشركين.
ثم في رواية أخرى يضيف صلى الله عليه وسلم: «واستبقوا نبلكم». وهذه إضافة تكتيكية مهمة جداً، فهي تعني إدارة الذخيرة بحكمة. فالجندي لا ينبغي أن يطلق جميع سهامه في اللحظة الأولى، بل يرمي بعضها ويحتفظ بالباقي لمواجهة تطورات المعركة، أو لرد هجمات متتالية، ensuring استمرارية الضغط على العدو وعدم انقطاع السهام في لحظة حاسمة.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- الحكمة والتخطيط في القتال: الحديث يظهر أن الإسلام لا يدعو إلى التهور والعشوائية في الحرب، بل إلى التخطيط المحكم واختيار أفضل الوسائل والتكتيكات لتحقيق النصر مع تقليل الخسائر.
2- الاستفادة من المزايا التكتيكية: أمرهم باستعمال النبل وهو سلاح للمدى البعيد، مما يعني استغلال نقطة قوة قد تكون لدى المسلمين (مهارة في الرمي) أو نقطة ضعف عند العدو (عدم وجود دروع كافية ضد السهام).
3- إدارة الموارد بحكمة: توجيهه صلى الله عليه وسلم «استبقوا نبلكم» هو درس عظيم في ترشيد الاستهلاك وعدم الإسراف، حتى في أدوات الحرب. فهو يعلمهم أن المعركة قد تطول، وأن الاحتفاظ بجزء من الذخيرة قد يكون سبباً للانتصار في لحظة حرجة.
4- الرباطة والجأش وعدم الاستعجال: الأمر بعدم إطلاق جميع السهام يدل على الحكمة وضبط النفس وعدم الاندفاع، وهي صفات يجب أن يتحلى بها المؤمن في كل أموره، وليس في الحرب فقط.
5- شرعية الأخذ بالأسباب المادية مع التوكل على الله: النبي صلى الله عليه وسلم وهو المتوكل على الله حق التوكل، يأخذ بأسباب القوة المادية والتخطيط البشري، ثم يتوكل على الله تعالى للنجاح فيها.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وقال عنه المحققون: إسناده صحيح.
- غزوة بدر (وقعت في السنة الثانية للهجرة) كانت مثالاً رائعاً للتخطيط النبوي المحكم، بدءاً من اختيار مكان المعسكر، وإدارة الماء، ومروراً بهذا التوجيه التكتيكي، وانتهاءً بالدعاء والتضرع إلى الله تعالى.
- ينبغي أن نفهم أن هذه التوجيهات العسكرية جزء من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهي قابلة للتطبيق في فنون القتال الحديثة بفهم روحها ومقاصدها، لا بحرفيتها، فاليوم تطورت الأسلحة، ولكن مبدأ "استعمل أفضل سلاح لديك" و"ادخر ذخيرتك لإدارة المعركة" لا يزال صحيحاً.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الجهاد والسير (٢٩٥٠) عن أبي نعيم، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن الغسيل، عن حمزة بن أبي أسيد، عن أبيه، فذكره.
ورواه أيضًا في المغازي (٣٩٨٤) من طريق أبي أحمد الزُّبيريّ، عن عبد الرحمن بن الغسيل، عن حمزة بن أبي أسيد والزُّبير بن المنذر بن أبي أسيد، عن أبيه فذكره. وفيه الزيادة المذكورة.
ورواه أبو داود (٢٦٦٤) من طريق إسحاق بن نجيح - وليس بالملطي - عن مالك بن حمزة بن أبي أسيد الساعديّ، عن أبيه، عن جده نحوه. وزاد فيه: «ولا تسلوا السيوف حتَّى يغشوكم».
وفي إسناده إسحاق بن نجيح مجهول، ومالك بن حمزة بن أبي أسيد لم يوثقه أحد إِلَّا أن ابن حبَّان ذكره في ثقاته، وذكر البخاريّ له حديثًا، وقال: لا يتابع عليه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 259 من أصل 424 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إذا أكثبوكم فعليكم بالنبل واستبقوا نبلكم

  • 📜 حديث: إذا أكثبوكم فعليكم بالنبل واستبقوا نبلكم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إذا أكثبوكم فعليكم بالنبل واستبقوا نبلكم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إذا أكثبوكم فعليكم بالنبل واستبقوا نبلكم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إذا أكثبوكم فعليكم بالنبل واستبقوا نبلكم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب