إني لا أخيس بالعهد ولا أحبس البرد

حديث: إني لا أخيس بالعهد ولا أحبس البرد

عن أبي رافع قال: بعثتني قريش إلى رسول الله ﷺ، فلمّا رأيت رسول الله ﷺ، ألقي في قلبي الإسلام، فقلت: يا رسول الله! إني والله لا أرجع إليهم أبدًا، فقال رسول الله ﷺ: «إنِّي لا أخيس بالعهد، ولا أحبس البرد، ولكن ارجعْ، فإن كان في نفسك الذي في نفسك الآن فارجعْ» قال: فذهبت، ثمّ أتيت النَّبِيّ ﷺ فأسلمت.

صحيح: رواه أبو داود (٢٧٥٨)، والنسائي في الكبرى (٨٦٢١)، وصحّحه ابن حبَّان (٤٨٧٧)، والحاكم (٣/ ٥٩٨) كلّهم من طرق عن عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن بكير بن عبد الله بن الأشجّ، أن الحسن بن عليّ بن أبي رافع حدَّثه، أن أبا رافع أخبره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن حديث أبي رافع رضي الله عنه من الأحاديث العظيمة التي تجسد أخلاق النبي ﷺ السامية وتظهر رحمته وحكمته في التعامل مع الناس. وإليك الشرح الوافي لهذا الحديث:

1. شرح المفردات:

● بعثتني قريش: أرسلتني قريش في مهمة.
● ألقي في قلبي الإسلام: استقر حب الإسلام في قلبي وانشرح صدري له.
● لا أخيس بالعهد: لا أنقض العهد ولا أغدر، من الخيس وهو النقض والخيانة.
● لا أحبس البرد: لا أحبس الرسول أو المبعوث، والبرد هنا كناية عن الرسول.
● فارجع: عد إليهم.

2. شرح الحديث:

يحكي أبو رافع رضي الله عنه -وكان عبدًا للعباس بن عبد المطلب- أن قريشًا أرسلته إلى رسول الله ﷺ في مهمة ما (ولعلها لجس النبض أو التفاوض)، فلما رأى النبي ﷺ وسمع منه، انشرح صدره للإسلام وآمن به في الحال، فقال للنبي ﷺ: إني لا أرجع إلى قريش بعد أن عرفت الحق. وهنا تظهر حكمة النبي ﷺ وأخلاقه العظيمة، حيث رفض أن يستبقيه عنده خوفًا من اتهامه بنقض العهد أو احتجاز الرسول، فقال له: إني لا أغدر بالعهد ولا أحبس الرسول، ولكن ارجع إلى قريش، فإن كان إيمانك ثابتًا كما هو الآن فستعود إليّ. فعاد أبو رافع إلى قريش ثم ما لبث أن هاجر وأتى النبي ﷺ وأعلن إسلامه.

3. الدروس المستفادة منه:

● الوفاء بالعهد وعدم الغدر: النبي ﷺ يرفض الاستفادة من موقف أبي رافع خوفًا من أن يتهم بنقض العهد أو الغدر، وهذا أعلى درجات الأمانة والخلق الكريم.
● الحكمة في الدعوة: النبي ﷺ لم يستعجل بقاء أبي رافع، بل أمره بالعودة ليكون إسلامه عن قناعة تامة وليس تحت تأثير اللحظة.
● ثبات القلب على الإيمان: أبو رافع ثبت على إيمانه وعاد إلى النبي ﷺ مسلمًا، مما يدل على صحة نيته وقوة إيمانه.
● قدوة في الأخلاق: النبي ﷺ يعلّمنا أن الغاية لا تبرر الوسيلة، فحتى لو كانت الغاية هي الإسلام، فإنه لا يجوز تحقيقها بغدر أو خيانة.
● قوة تأثير شخصية النبي ﷺ: فقد دخل الإسلام في قلب أبي رافع بمجرد رؤيته ﷺ.

4. معلومات إضافية:

- أبو رافع هو مولى رسول الله ﷺ، وكان من السابقين إلى الإسلام، وقد هاجر إلى المدينة وأصبح من خدام النبي ﷺ.
- هذا الحديث رواه أبو داود في سننه، وهو حسن.
- فيه دليل على أن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه، ولكن بأخلاقه ومبادئه، لا بالغدر والخيانة.
أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا، وأن يرزقنا حسن الاقتداء برسول الله ﷺ في أخلاقه وأفعاله.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٧٥٨)، والنسائي في الكبرى (٨٦٢١)، وصحّحه ابن حبَّان (٤٨٧٧)، والحاكم (٣/ ٥٩٨) كلّهم من طرق عن عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن بكير بن عبد الله بن الأشجّ، أن الحسن بن عليّ بن أبي رافع حدَّثه، أن أبا رافع أخبره. فذكره. قال بكير: وأخبرني أن أبا رافع كان قبطيا. وهذا إسناد صحيح، وقد صرَّح الحسن بن عليّ عندهم بأن جده أبا رافع أخبره بهذا الحديث.
لكن رواه أحمد (٢٣٨٥٧) عن عبد الجبار بن محمد الخطّابيّ، حَدَّثَنَا عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، أن بكير بن عبد الله حدَّثه عن الحسن بن عليّ بن رافع، عن أبيه، عن جده أبي
رافع فذكره.
وهذا من المزيد في متصل الأسانيد.
قوله: «لا أخيس بالعهد» معناه لا أنقض العهد ولا أفسده من قولك: خاس الشيء في الوعاء: إذا فسد.
وفيه من الفقه: أن العقد يرعى مع الكافر كما يرعى مع المسلم، وأن الكافر إدا عقد لك عقد أمان فقد وجب عليك أن تؤمنه، وأن لا تغتاله في دم ولا مال ولا منفعة. وهذا يدل على سماحة الإسلام حتَّى مع الكفار المحاربين.
وقوله: «لا أحبس البرد» فقد يشبه أن يكون المعنى في ذلك: أن الرسالة تقتضي جوابا والجواب لا يصل إلى المرسل إلّا على لسان الرسول بعد انصرافه فصار كأنه عقد له العهد مدة مجيئه ورجوعه والله أعلم.
وقوله: «وكان أبو رافع قبطيا» أبو رافع هذا مولى رسول الله ﷺ، اختلف في اسمه وأشهر ما قيل فيه: أسلم، وقيل: إبراهيم، وقيل: غير ذلك، وكان مولى للعباس بن عبد المطلب فوهبه للنبي ﷺ.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 267 من أصل 424 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إني لا أخيس بالعهد ولا أحبس البرد

📜 حديث: إني لا أخيس بالعهد ولا أحبس البرد

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إني لا أخيس بالعهد ولا أحبس البرد

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إني لا أخيس بالعهد ولا أحبس البرد

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إني لا أخيس بالعهد ولا أحبس البرد

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية