حديث: رفض النبي ترك فداء العباس

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في فداء الأسرى

عن أنس بن مالك: أن رجالا من الأنصار استأذنوا رسول الله ﷺ فقالوا: يا رسول الله، ائذن فلنترك لابن أختنا عباس فداءَه، فقال: لا تدعون منها درهما.

صحيح: رواه البخاريّ في الجهاد والسير (٣٠٤٨) عن إسماعيل بن أبي إدريس، حَدَّثَنَا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب قال: حَدَّثَنِي أنس بن مالك.

عن أنس بن مالك: أن رجالا من الأنصار استأذنوا رسول الله ﷺ فقالوا: يا رسول الله، ائذن فلنترك لابن أختنا عباس فداءَه، فقال: لا تدعون منها درهما.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الشريف رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو حديث عظيم المعنى، جليل المغزى، فيه دروس وعبر لأمة الإسلام.
### أولاً. نص الحديث ومصدره
متن الحديث:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه: "أَنَّ رِجَالاً مِنَ الأَنْصَارِ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ فَلْنَتُركَ لابْنِ أُخْتِنَا عَبَّاسٍ فِدَاءَهُ، فَقَالَ: لاَ تَدَعُونَ مِنْهَا دِرْهَمًا".
مصدره: أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب غزوة بدر.

ثانيًا. شرح مفردات الحديث:


* الأنصار: هم أهل المدينة المنورة من الأوس والخزرج الذين ناصروا رسول الله ﷺ وآووه.
* استأذنوا: طلبوا الإذن والموافقة.
* ابن أختنا عباس: يقصدون العباس بن عبد المطلب عم النبي ﷺ، وكانت أمه من الخزرج، لذا نادوه "ابن أختنا" تعظيماً له وتقرباً إلى رسول الله ﷺ.
* فداءه: الفدية التي يدفعها الأسير مقابل إطلاق سراحه.
* لا تدعون منها درهماً: لا تتركوا منها ولا تستثنوا ولا شيئاً يذكر. والدرهم: هو العملة الفضية المتداولة آنذاك.

ثالثًا. قصة الحديث وشرحه:


وقع هذا الحديث في أعقاب غزوة بدر الكبرى، حيث أسر المسلمون عدداً من كفار قريش، وكان من بين الأسرى العباس بن عبد المطلب عم النبي ﷺ، وكان لا يزال على دين قومه وقتها.
جاء رجال من الأنصار -وهم أخوال العباس من جهة أمه- إلى رسول الله ﷺ يستأذنونه في التنازل عن حقهم في الفدية التي سيدفعها العباس، حباً لهم وقرابة، وقالوا له: "ائذن فلنترك لابن أختنا عباس فداءه"، أي اسمح لنا أن نعفوه من دفع الفدية التي ستُقسم علينا.
فرد عليهم النبي ﷺ رداً حازماً وأمراً قاطعاً: "لا تدعون منها درهما". أي لا تتركوا له ولا درهماً واحداً من الفدية المفروضة عليه، بل يجب أن يدفعها كاملة دون نقصان.

رابعًا. الدروس والعبر المستفادة من الحديث:


1- العدل المطلق ورفع الشبهات: النبي ﷺ هو المشرع والقائد، وعمه أسير بين يديه. لو قبل هذا العرض لاتهمه البعض بالمحاباة والعصبية للقرابة. فرفضه ﷺ هو تأكيد على مبدأ العدالة الإسلامية التي لا تنحاز لقرابة أو نسب، فالحق فوق كل اعتبار. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [النساء: 135].
2- قدسية المال العام وبيت مال المسلمين: الفدية التي سيدفعها الأسرى هي حق لجميع المسلمين الذين شاركوا في الغزاة، وليس من حق مجموعة واحدة -حتى لو كانت من الأنصار- أن تتبرع بها أو تسقطها. المال العام له حرمته ويجب صرفه في مصارفه الشرعية بحذر وعدل.
3- الحكمة في القيادة: القرار الحكيم للنبي ﷺ منع أي شعور بالتفضيل أو المحسوبية بين صفوف المسلمين، فالمساواة بين الجميع أمام الشرع هي أساس الاستقرار和社会 الوئام.
4- التأسّي برسول الله ﷺ: على الدعاة والقادة أن يقتدوا بهذا الموقف، فيجعلوا العدل والشرع فوق العلاقات الشخصية والعاطفية، فذلك أدعى لاحترام الناس وثقتهم.
5- قوة الشخصية وعدم المجاملة في الحق: النبي ﷺ لم يمجّل الأنصار ولا عمه على حساب مبدأ إسلامي عظيم، بل كان حازماً في تطبيق حكم الله.

خامسًا. معلومات إضافية:


* العباس رضي الله عنه أسلم بعد ذلك وأصبح من أعيان الصحابة، وكان وجوده في مكة قبل فتحها نعمة للمسلمين المستضعفين فيها.
* هذا الموقف يدحض ادعاءات المغرضين الذين يزعمون أن الإسلام انتشر بالرحمة للأسرى فقط أو بالشدة فقط، بل هو مزيج من الرحمة والعدل والحكمة. فالفداء خيار شرعي رحيم بجانب خيارات أخرى كالمن أو القتل.
* الفدية في الإسلام ليست عقاباً بقدر ما هي تعويض عن تكاليف الحرب وجبر للضرر، وهي من أسباب إضعاف قوة العدو الاقتصادية.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الجهاد والسير (٣٠٤٨) عن إسماعيل بن أبي إدريس، حَدَّثَنَا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب قال: حَدَّثَنِي أنس بن مالك. فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 281 من أصل 424 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: رفض النبي ترك فداء العباس

  • 📜 حديث: رفض النبي ترك فداء العباس

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: رفض النبي ترك فداء العباس

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: رفض النبي ترك فداء العباس

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: رفض النبي ترك فداء العباس

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب