رماه في الأكحل يوم الخندق

حديث: رماه في الأكحل يوم الخندق

عن عائشة قالت: أصيب سعد يوم الخندق رماه رجل من قريش يقال له: ابن العرقة رماه في الأكحل، فضرب عليه رسول الله ﷺ خيمة في المسجد يعوده من قريب، فلمّا رجع رسول الله ﷺ من الخندق وضع السلاح، فاغتسل، فأتاه جبريل، وهو ينفض رأسه من الغبار، فقال: وضعت السلاح؟ والله ما وضعناه، اخرجْ إليهم. فقال رسول الله ﷺ: «فأين؟» فأشار إلى بني قريظة، فقاتلهم رسول الله ﷺ فنزلوا على حكم رسول الله ﷺ، فردَّ رسول الله ﷺ الحكم فيهم إلى سعد، قال: فإني أحكم فيهم أن تقتل المقاتلة، وأن تسبى الذرية، والنساء، وتقسم أموالهم.

متفق عليه: رواه البخاريّ في الجهاد (٢٨١٣)، ومسلم في الجهاد والسير (١٧٦٩: ٦٥) كلاهما من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس ونفهم من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
هذا الحديث العظيم الذي روتْه أمُّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، يُروى في الصحيحين وغيرهما، وهو يحكي حدثاً مفصلياً من أحداث السنة الخامسة للهجرة، وهي سنة غزوة الخندق (الأحزاب) وما تبعها من غزوة بني قريظة. وإليك الشرح المفصل:

1. شرح المفردات:

● أُصِيبَ سَعْدٌ: أي جُرح سعد بن معاذ رضي الله عنه، سيد الأوس.
● يَوْمَ الْخَنْدَقِ: أي أثناء غزوة الخندق.
● رَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ: أطلق عليه سهمًا.
● يُقَالُ لَهُ: ابْنُ الْعَرْقَةِ: هو حُصَيْن بن نمير السهمي، وكان من رماة قريش المهرة.
● فِي الْأَكْحَلِ: وريد في الذراع (العِرْق الرئيسي)، وهو جرح غائر ونازف بشدة.
● خَيْمَةً فِي الْمَسْجِدِ: قبة صغيرة أو خيمة منصوبة داخل المسجد النبوي ليكون قريباً منه صلى الله عليه وسلم أثناء زيارته وتمريضه.
● يَعُودُهُ مِنْ قَرِيبٍ: يزوره ويسأل عن صحته بسهولة بسبب قرب مكانه.
● وَضَعَ السِّلَاحَ: خلع أدوات الحرب والدرع بعد انتهاء القتال.
● فَاغْتَسَلَ: اغتسل غسل الجنابة أو غسل التعب والغبار.
● يَنْفُضُ رَأْسَهُ مِنَ الْغُبَارِ: يُزيل الغبار عن شعره.
● مَا وَضَعْنَاهُ: أي ما وضعنا السلاح بعد، ولم تنتهِ الحرب.
● بَنِي قُرَيْظَةَ: هم حي من يهود المدينة كانوا حلفاء للأوس، وقد نقضوا عهدهم مع المسلمين وتحالفوا مع الأحزاب.
● نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: استسلموا ووافقوا على أن يحكم فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
● رَدَّ الْحُكْمَ فِيهِمْ إِلَى سَعْدٍ: فوض النبي صلى الله عليه وسلم الحكم فيهم إلى سعد بن معاذ، لأنه كان حليفاً لهم في الجاهلية.
● أَنْ تُقْتَلَ الْمُقَاتِلَةُ: الرجال البالغون القادرون على القتال.
● وَأَنْ تُسْبَى الذُّرِّيَّةُ وَالنِّسَاءُ: تؤخذ النساء والأطفال سبياً (أسرى).
● وَتُقْسَمُ أَمْوَالُهُمْ: تؤول أموالهم و ممتلكاتهم إلى بيت مال المسلمين.

2. شرح الحديث:

يصف هذا الحديث المشهد العاطفي والعسكري بعد انتهاء حفر الخندق وموقعة الأحزاب، حيث أصيب البطل سعد بن معاذ رضي الله عنه بجرح بالغ. فحرص النبي صلى الله عليه وسلم على العناية به شخصياً حتى جعل خيمته للعلاج في المسجد ليكون قريباً منه.
وبعد انتهاء المعركة، ظن النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون أن الحرب قد وضعت أوزارها، فخلعوا أسلحتهم واغتسلوا ليستريحوا من عناء الحرب. وفي هذه اللحظة، جاء الوحي على يد جبريل عليه السلام ليبلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن الحرب لم تنتهِ بعد، وأن العدو التالي هم يهود بني قريظة الذين غدروا ونقضوا العهد وتحالفوا مع الأحزاب.
فاستجاب النبي صلى الله عليه وسلم فوراً لأمر الله، دون تردد أو تأخير، وخرج بالمسلمين إلى حصون بني قريظة وحاصرهم حتى استسلموا ووافقوا على التحكيم. ثم أظهر النبي صلى الله عليه وسلم حكمته العظيمة بأن ردَّ الحكم فيهم إلى سعد بن معاذ، زعيم قبيلتهم الحليفة سابقاً، فحكم سعد بحكم الله وشرعه الذي وافق حكم التوراة في خيانة العهد، فقبل النبي صلى الله عليه وسلم حكمه.

3. الدروس المستفادة منه:

● الرفق بالصحابة والاهتمام بهم: حرص النبي صلى الله عليه وسلم على زيارة المرضى والاهتمام بهم، حتى إنه جعل خيمة لسعد في المسجد لتكون زيارته أيسر.
● طاعة الله ورسوله الفورية: لم يتردد النبي صلى الله عليه وسلم لحظة في تنفيذ أمر الله، رغم أنه جاء بعد التعب والمشقة، فوراً اغتسل وخرج للقتال.
● الحكمة في القيادة وإدارة الأزمات: بتفويض الحكم إلى سعد، أزال النبي صلى الله عليه وسلم أي شبهة أو حقد قد يثيره اليهود أو المنافقون، حيث كان سعد حليفاً لهم.
● حكم الله في الغادرين: حكم سعد كان مطابقاً لشرع الله في كتابه حيث يقول تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ} [الأنفال: 58]. وكان حكمه موافقاً لما في التوراة من عقوبة الخائن.
● الجمع بين الرحمة والحزم: الموقف جمع بين الرحمة بسعد والاهتمام به، والحزم والشدة مع الغادرين من يهود بني قريظة.
● التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب: النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل وتهيأ، ثم خرج بالجيش بعد أن استشار وأخذ بالرأي.

4. معلومات إضافية مفيدة:

● سعد بن معاذ رضي

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الجهاد (٢٨١٣)، ومسلم في الجهاد والسير (١٧٦٩: ٦٥) كلاهما من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. فذكرته.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 273 من أصل 424 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: رماه في الأكحل يوم الخندق

📜 حديث: رماه في الأكحل يوم الخندق

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: رماه في الأكحل يوم الخندق

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: رماه في الأكحل يوم الخندق

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: رماه في الأكحل يوم الخندق

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية