حديث: خذ العفو وأمر بالعرف

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (١٩٩)﴾

عن عبد اللَّه بن الزبير: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾. قال: «ما أنزل اللَّه إلّا في أخلاق الناس».

صحيح: رواه البخاريّ في التفسير (٤٦٤٣)، عن يحيى، حدّثنا وكيع، عن هشام، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن الزبير، فذكره.

عن عبد اللَّه بن الزبير: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾. قال: «ما أنزل اللَّه إلّا في أخلاق الناس».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يفتح علينا أبواب فهم حديث نبيه صلى الله عليه وسلم.
الحديث ومصدره:
هذا الأثر رواه الإمام البخاري في "الأدب المفرد" (رقم 300)، والإمام أحمد في "مسنده" (رقم 1416)، وغيرهما، عن الصحابي الجليل عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما.
شرح المفردات:
* خُذِ الْعَفْوَ: العفو هنا له معنيان عظيمان ومتكاملان:
1- ما يَسْهُلُ عَلَيْكَ ويَتَيَسَّرُ مِن أُمورِ النَّاسِ وأخلاقِهم وأعمالِهم، فلا تطلب منهم الكمال ولا التشدد، بل اقبل منهم ما سهل ويسر وتجاوز عن الهفوات والصغائر. وهو ضد التكلف والتشديد.
2- ما زاد عن حاجة الناس من المال (فضل المال)، كالصدقة والزكاة، فلا تأخذ منهم إلا ما أعطوك طيبة به أنفسهم من غير مشقة عليهم.
* وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ: العُرْف هو كل ما عُرِفَ من الخير واستحسنه الشرع والعقل والفطرة السليمة، وهو مرادف للمعروف. فيشمل جميع أنواع الخير من التوحيد، والعبادات، والمعاملات الحسنة، والأخلاق الفاضلة، والإحسان إلى الخلق.
* ما أنزل الله إلا في أخلاق الناس: أي أن هذه الآية الكريمة ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾ [الأعراف: 199] جمعت جوامع الخلق الحسن والتعامل مع الناس، فهي قاعدة عظيمة تنظم علاقة المسلم بربه وبالناس.
شرح الحديث والمعنى الإجمالي:
يخبرنا الصحابي الجليل عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أن هذه الآية العظيمة ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾ نزلت لتكون دستوراً شاملاً للأخلاق الفاضلة في الإسلام.
* "خُذِ الْعَفْوَ" توجيه رباني لنا بأن نكون سهلين سمحاء في تعاملنا مع الآخرين، نلتزم اليسر لا العسر، واللين لا الشدة. أن نتحمل أذى الناس، ونغض الطرف عن عيوبهم وزلاتهم، ولا نكلفهم فوق طاقتهم، ونقبل منهم المعذرة. هذا هو الخلق العظيم الذي كان عليه نبينا صلى الله عليه وسلم، حيث قال الله عنه: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾ [آل عمران: 159].
* "وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ" توجيه آخر بالقيام بالأمر بالمعروف على أتم وجه، ولكن بحكمة ورفق. فأنت لا تأمر بالمعروف بعنف وتشدد، بل تأمر به بعد أن تكون قد طبقت第一部分 (خذ العفو) في نفسك، فتصبح قدوة عملية. تأمر بالمعروف برحمة وشفقة، مبتغياً صلاح الناس لا تعنيفهم وإحراجهم.
فالجمع بين الأمرين (العفو والأمر بالعرف) هو توازن عجيب؛ فأنت سمح متساهل مع الناس في حقك الشخصي، لكنك حازم وم principle في حقوق الله وفي نشر الخير، ولكن بالحكمة والموعظة الحسنة.
الدروس المستفادة والعبر:
1- سمو الإسلام وشموليته: حيث جعل الله آية واحدة دستوراً كاملاً للأخلاق والسلوك الاجتماعي.
2- الرحمة والتيسير على الناس: من أعظم مقاصد الشريعة التيسير ورفع الحرج، وهذه الآية نموذج عملي لذلك.
3- القدوة قبل الدعوة: لا يمكن للأمر بالمعروف أن ينجح إلا إذا كان الآمر به متخلقاً بأخلاق السماحة والعفو مع الناس.
4- التوازن في الشخصية المسلمة: المسلم قوي في مبادئه، رحيم في تعامله. حازم في الحق، لين في الأسلوب.
5- التخلق بأخلاق القرآن: ففهم القرآن ليس مجرد تلاوة، بل هو تطبيق لأخلاقه وتوجيهاته في الحياة اليومية، كما فهمه الصحابة رضي الله عنهم.
خاتمة:
هذا الحديث العظيم يذكرنا بأن الإسلام دين الأخلاق والرحمة. فليكن شعارنا في حياتنا مع الناس: العفو في التعامل، والمعروف في الأمر والنهي. نسأل الله أن يحسن أخلاقنا كما أحسن خلقنا، وأن يجعلنا هادين مهديين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في التفسير (٤٦٤٣)، عن يحيى، حدّثنا وكيع، عن هشام، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن الزبير، فذكره.
ورواه في التفسير أيضًا (٤٦٤٤) تعليقا، فقال: «وقال عبد اللَّه بن برّاد، حدّثنا أبو أسامة، حدّثنا عن أبيه، عن عبد اللَّه بن الزبير قال: «أمر اللَّه نبيه ﷺ أن يأخذ العفو من أخلاق الناس، أو كما قال».
وهذا المعنى روي أيضًا عن مجاهد.
وقال ابن عباس: «﴿خُذِ الْعَفْوَ﴾ أي خذ ما عفا لك من أموالهم. وما أتوا به من شيء فخذه. فكان هذا قبل أن تنزل «براءة» بفرائض الصدقات وتفصيلها، وما انتهت به الصدقات إليه. رواه ابن جرير في تفسيره (١٠/ ٦٤١).
وقوله: ﴿وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾ أي بالمعروف، وهو كل قول حسن، وفعل حسن.
وقيل: معناه إن اللَّه أمره بالعفو والصفح عن المشركين عشر سنين، ثم أمره بالغلظة عليهم.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 486 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: خذ العفو وأمر بالعرف

  • 📜 حديث: خذ العفو وأمر بالعرف

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: خذ العفو وأمر بالعرف

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: خذ العفو وأمر بالعرف

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: خذ العفو وأمر بالعرف

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب