حديث: لما كان يوم بدر نظر رسول الله إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (٩)﴾

عن عمر بن الخطاب قال: لما كان يوم بدر نظر رسول اللَّه ﷺ إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا، فاستقبل نبي اللَّه ﷺ القبلة، ثم مدّ يديه، فجعل يهتف بربه: «اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام، لا تعبد في الأرض». فمازال يهتف بربه مادّا يديه، مستقبل القبلة، حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه، فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه. وقال يا نبي اللَّه: كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل اللَّه عز وجل ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾ فأمدّه اللَّه بالملائكة.
قال أبو زميل: فحدثني ابن عباس قال: بينما رجل من المسلمين يومئذ، يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه، إذ سمع ضربة بالسوط فوقه، وصوت الفارس يقول: «أقدم حيزوم». فنظر إلى المشرك أمامه، فخرّ مستلقيا، فنظر إليه، فإذا هو قد خطم أنفه، وشق وجهه كضربة السوط. فاخضر ذلك أجمع. فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول اللَّه ﷺ، فقال: «صدقت ذلك من مدد السماء الثالثة». فقتلوا يومئذ سبعين وأُسروا سبعين.
قال أبو زميل: قال ابن عباس: فلما أسروا الأسارى، قال رسول اللَّه ﷺ لأبي
بكر وعمر: «ما ترون في هؤلاء الأسارى». فقال أبو بكر: يا نبي اللَّه هم بنو العم والعشيرة، أرى أن تأخذ منهم فدية، فتكون لنا قوة على الكفار، فعسى اللَّه أن يهديهم للإسلام. فقال رسول اللَّه ﷺ: «ما ترى يا ابن الخطاب». قلت: لا واللَّه يا رسول اللَّه! ما أرى الذي رأى أبو بكر، ولكني أرى إنْ تمكنا، فنضرب أعناقهم، فتمكن عليا من عقيل، فيضرب عنقه، وتمكني من فلان -نسيبا لعمر- فأضرب عنقه. فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها. فهوي رسول اللَّه ﷺ ما قال أبو بكر، ولم يهو ما قلت، فلما كان من الغد جئت، فإذا رسول اللَّه ﷺ وأبو بكر قاعدين يبكيان. قلت: يا رسول اللَّه! أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك. فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما. فقال رسول اللَّه ﷺ: «أبكي للذي عرض عليّ أصحابك من أخذهم الفداء لقد عرض عليّ عذابهم أدنى من هذه الشجرة». شجرة قريبة من نبي اللَّه ﷺ. وأنزل اللَّه عز وجل: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ﴾ إلى قوله ﴿طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ فأحل اللَّه الغنيمة لهم.

صحيح: رواه مسلم في الجهاد والسير (١٧٦٣)، من طرق عن عكرمة بن عمار، حدثني أبو زميل سماك الحنفي، قال: سمعت ابن عباس يقول: حدثني عمر بن الخطاب، قال: فذكره.

عن عمر بن الخطاب قال: لما كان يوم بدر نظر رسول اللَّه ﷺ إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا، فاستقبل نبي اللَّه ﷺ القبلة، ثم مدّ يديه، فجعل يهتف بربه: «اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام، لا تعبد في الأرض». فمازال يهتف بربه مادّا يديه، مستقبل القبلة، حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه، فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه. وقال يا نبي اللَّه: كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل اللَّه ﷿ ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾ فأمدّه اللَّه بالملائكة.
قال أبو زميل: فحدثني ابن عباس قال: بينما رجل من المسلمين يومئذ، يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه، إذ سمع ضربة بالسوط فوقه، وصوت الفارس يقول: «أقدم حيزوم». فنظر إلى المشرك أمامه، فخرّ مستلقيا، فنظر إليه، فإذا هو قد خطم أنفه، وشق وجهه كضربة السوط. فاخضر ذلك أجمع. فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول اللَّه ﷺ، فقال: «صدقت ذلك من مدد السماء الثالثة». فقتلوا يومئذ سبعين وأُسروا سبعين.
قال أبو زميل: قال ابن عباس: فلما أسروا الأسارى، قال رسول اللَّه ﷺ لأبي
بكر وعمر: «ما ترون في هؤلاء الأسارى». فقال أبو بكر: يا نبي اللَّه هم بنو العم والعشيرة، أرى أن تأخذ منهم فدية، فتكون لنا قوة على الكفار، فعسى اللَّه أن يهديهم للإسلام. فقال رسول اللَّه ﷺ: «ما ترى يا ابن الخطاب». قلت: لا واللَّه يا رسول اللَّه! ما أرى الذي رأى أبو بكر، ولكني أرى إنْ تمكنا، فنضرب أعناقهم، فتمكن عليا من عقيل، فيضرب عنقه، وتمكني من فلان -نسيبا لعمر- فأضرب عنقه. فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها. فهوي رسول اللَّه ﷺ ما قال أبو بكر، ولم يهو ما قلت، فلما كان من الغد جئت، فإذا رسول اللَّه ﷺ وأبو بكر قاعدين يبكيان. قلت: يا رسول اللَّه! أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك. فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما. فقال رسول اللَّه ﷺ: «أبكي للذي عرض عليّ أصحابك من أخذهم الفداء لقد عرض عليّ عذابهم أدنى من هذه الشجرة». شجرة قريبة من نبي اللَّه ﷺ. وأنزل اللَّه ﷿: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ﴾ إلى قوله ﴿طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ فأحل اللَّه الغنيمة لهم.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه يروي لنا أحداثًا مفصلة من غزوة بدر الكبرى، وهي من أعظم أيام الإسلام، ويحتوي على دروس وعبر عظيمة. سأقوم بشرحه جزءًا جزءًا مع بيان الدروس المستفادة.

1. شرح المفردات:


● يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: يرفع صوته بالدعاء والمناجاة.
● الْعِصَابَةُ: الجماعة القليلة من الناس.
● مُردِفِينَ: متتابعين، يأتي بعضهم إثر بعض.
● ضَرْبَةً بِالسَّوْطِ: صوتًا كصوت السوط.
● أَقْدِمْ حَيْزُومُ: كلمة تشجيع للفرس للإسراع، و"حيزوم" اسم للفرس.
● خَطَمَ أَنْفَهُ: ضرب أنفه ضربة شديدة.
● شَقَّ وَجْهَهُ: قطع وجهه.
● أُثْخِنَ فِي الأَرْضِ: يُبالغ في القتل ويشتد على العدو حتى يقهروه.


2. شرح الحديث:


يمكن تقسيم الحديث إلى ثلاثة مشاهد رئيسية:
المشهد الأول: دعاء النبي ﷺ واستغاثته بربه في بدر
● الموقف: كان المسلمون في عدد قليل (319) مقابل جيش المشركين الكبير (1000).
● فعل النبي ﷺ: استقبل القبلة ورفع يديه ودعا الله بإلحاح شديد، متوسلاً أن ينصره وينجز له وعده. كان يدعو حتى سقط رداؤه من شدة الاجتهاد في الدعاء.
● دور أبي بكر الصديق رضي الله عنه: جاء فأخذ رداء النبي ﷺ وألقاه على منكبيه والتزمه (احتضنه) من الخلف ليطمئنه ويسكنه، وهو موقف عظيم يدل على صدق صحبته وحكمته، حيث شجعه وثبته ووعد بنصر الله.
● استجابة الله تعالى: أنزل المَلائكة مددًا للمؤمنين، كما جاء في الآية الكريمة.
المشهد الثاني: نزول الملائكة ومشاركتهم في القتال
● شهادة ابن عباس رضي الله عنهما: يروي قصة أحد الصحابة الذي كان يلحق بمشرك، فسمع صوت ضربة سوط وصوت فارس (مَلَك) يشجع فرسه، فلما نظر إلى المشرك وجده قد سقط ميتًا ووجهه مشقوق، فاخضرّ جسده (علامة على أن قتله ليس بأيدي بشر).
● تصديق النبي ﷺ: عندما أخبر الصحابي النبي ﷺ بما حدث، أكد له أن ذلك من مدد السماء الثالثة، أي أن الملائكة جاءت من أعلى السماوات لنصرة المؤمنين.
المشهد الثالث: حوار النبي ﷺ مع أبي بكر وعمر في شأن الأسارى
● استشارة النبي ﷺ: بعد الانتصار وأسر سبعين من المشركين، استشار النبي ﷺ أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في مصيرهم.
● رأي أبي بكر: نصح بأخذ الفدية منهم، لحكمة وهي أنهم قد يسلمون، وأن الفدية تكون قوة للمسلمين.
● رأي عمر: نصح بقتلهم لأنهم زعماء الكفر وصناديده (أي أقطابه وكباره)، وذكر شخصيًا أنه مستعد لقتل قريب له منهم.
● قرار النبي ﷺ: مال إلى رأي أبي بكر وأخذ الفدية.
● نزول الوحي: في اليوم التالي، جاء عمر فوجد النبي ﷺ وأبا بكر يبكيان، فأخبره النبي ﷺ أن الله عاتبه على أخذ الفداء، حيث عُرض عليه عذاب هؤلاء الأسارى أقرب من الشجرة القريبة منه (أي أن عذابهم قريب وشديد بسبب كفرهم).
● الآية الكريمة: نزلت الآية تُبيّن أن النبي لا ينبغي له أن يأخذ الأسرى حتى يثخن في الأرض (أي حتى يهزم العدو هزيمة شديدة)، ثم أباح الله لهم الغنائم بعد ذلك.


3. الدروس المستفادة منه:


1- التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب: النبي ﷺ لم يعتمد على عدده القليل، بل لجأ إلى الله بالدعاء مع استعداده الكامل للقتال.
2- فضل الدعاء ورفع اليدين فيه: خصوصا 在 أوقات الشدة والكرب، مع الإلحاح والتضرع.
3- صدق الصحابة وحبهم للنبي ﷺ: موقف أبي بكر في تهدئة النبي ﷺ وتثبيته، وموقف عمر في الغيرة على الدين.
4- نصرة الله للمؤمنين: لا ينصر الله هذه الأمة بعددها أو عتادها، ولكن بنصرته وتأييده، وقد نصرهم بالملائكة.
5- مشروعية المشورة: النبي ﷺ يستشير أصحابه حتى في الأمور المهمة، مما يدل على أهمية الشورى في الإسلام.
6- أن اجتهاد المجتهد معفو عنه: أخطأ أبو بكر في اجتهاده، ولكنه معذور لأنه قصد الخير، وكذلك عمر كان اجتهاده صوابًا في تلك الواقعة، لكن النبي ﷺ لم يعنف أبا بكر، بل بكى لأجل العذاب الذي نزل بسبب القرار.
7- عظمة النبي ﷺ وشفقته: بكى لما نزل العذاب على الأمه بسبب الأسر، مع أنه لم يفعل إلا ما رآه صوابًا في حينه.
8- أن القرآن يصحح المسار: Divine intervention through revelation to correct the course of action.
9- تحريم التعلق بالأرحام في مواضع الحق: عمر فضل الدين على القرابة عندما قال أنه سيقتل قريبه لو أمكنه ذلك.

### **4.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الجهاد والسير (١٧٦٣)، من طرق عن عكرمة بن عمار، حدثني أبو زميل سماك الحنفي، قال: سمعت ابن عباس يقول: حدثني عمر بن الخطاب، قال: فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 499 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لما كان يوم بدر نظر رسول الله إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة

  • 📜 حديث: لما كان يوم بدر نظر رسول الله إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لما كان يوم بدر نظر رسول الله إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لما كان يوم بدر نظر رسول الله إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لما كان يوم بدر نظر رسول الله إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب