حديث: اجتماع قريش في دار الندوة ومكرهم بالنبي ﷺ

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (٣٠)﴾

عن ابن عباس: أن نفرًا من قريش من أشراف كل قبيلة اجتمعوا ليدخلوا دار الندوة، فاعترضهم إبليس في صورة شيخ جليل، فلما رأوه، قالوا: من أنت؟ . قال: شيخ من نجد، سمعت أنكم اجتمعتم، فأردت أن أحضركم، ولن يعدمكم مني رأيٌ ونصحٌ. قالوا: أجل، ادخل!، فدخل معهم، فقال: انظروا إلى شأن هذا الرجل، واللَّه ليوشكن أن يُواثبكم في أموركم بأمره. قال: فقال قائل: احبسوه في وَثاق، ثم تربصوا به ريبَ المنون، حتى يهلك كما هلك من كان قبله من الشعراء: زهير والنابغة، إنما هو كأحدهم! قال: فصرخ عدوُّ اللَّه الشيخ النجدي، فقال: واللَّه، ما هذا لكم برأي! واللَّه ليخرجنه ربه من محبسه إلى أصحابه، فليوشكن أن يثبوا عليه حتى يأخذوه من أيديكم فيمنعوه منكم، فما آمن عليكم أن يخرجوكم من بلادكم قالوا: فانظروا في غير هذا. قال: فقال قائل: أخرجوه من بين أظهركم تستريحوا منه، فإنه إذا خرج لن يضركم ما صنع وأين وقع، إذا غاب عنكم أذاه واسترحتم، وكان أمره في غيركم». فقال الشيخ النجدي: واللَّه ما هذا لكم برأي، ألم تروا حلاوة
قوله، وطلاقة لسانه، وأخذَ القلوب ما تسمع من حديثه؟ واللَّه لئن فعلتم، ثم استعرَض العرب، لتجتمعن عليكم، ثم ليأتين إليكم حتى يخرجكم من بلادكم ويقتل أشرافكم. قالوا: صدق واللَّه! فانظروا رأيًا غير هذا. قال: فقال أبو جهل: واللَّه لأشيرن عليكم برأي ما أراكم أبصرتموه بعد، ما أرى غيره. قالوا: وما هو؟ قال: نأخذ من كل قبيلة غلامًا وَسيطا شابًّا نَهْدًا، ثم يعطى كل غلام منهم سيفًا صارمًا، ثم يضربوه ضربة رجل واحد، فإذا قتلوه تفرق دمه في القبائل كلها، فلا أظن هذا الحي من بني هاشم يقدرون على حرب قريش كلها، فإنهم إذا رأوا ذلك قبلوا العقل، واسترحنا وقطعنا عنا أذاه. فقال الشيخ النجدي: هذا واللَّه الرأي، القولُ ما قال الفتى، لا أرى غيره! قال: فتفرقوا على ذلك وهم مُجْمعون له، قال: فأتى جبريل النبيَّ ﷺ، فأمره أن لا يبيت في مضجعه الذي كان يبيت فيه تلك الليلة، وأذِن اللَّه له عند ذلك بالخروج، وأنزل عليه بعد قدومه المدينة»الأنفال«، يذكّره نعمه عليه، وبلاءه عنده: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾، وأنزل في قولهم: تربصوا به ريبَ المنون حتى يهلك كما هلك من كان قبله من الشعراء»: ﴿أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ﴾ [سورة الطور: ٣٠] وكان يسمى ذلك اليوم: «يوم الزحمة» للذي اجتمعوا عليه من الرأي.

حسن: رواه الطبري في تفسيره (١١/ ١٣٥، ١٣٤) عن سعيد بن يحيى الأموي قال: ثني أبي، قال: ثنا محمد بن إسحاق، عن عبد اللَّه بن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس فذكره.

عن ابن عباس: أن نفرًا من قريش من أشراف كل قبيلة اجتمعوا ليدخلوا دار الندوة، فاعترضهم إبليس في صورة شيخ جليل، فلما رأوه، قالوا: من أنت؟ . قال: شيخ من نجد، سمعت أنكم اجتمعتم، فأردت أن أحضركم، ولن يعدمكم مني رأيٌ ونصحٌ. قالوا: أجل، ادخل!، فدخل معهم، فقال: انظروا إلى شأن هذا الرجل، واللَّه ليوشكن أن يُواثبكم في أموركم بأمره. قال: فقال قائل: احبسوه في وَثاق، ثم تربصوا به ريبَ المنون، حتى يهلك كما هلك من كان قبله من الشعراء: زهير والنابغة، إنما هو كأحدهم! قال: فصرخ عدوُّ اللَّه الشيخ النجدي، فقال: واللَّه، ما هذا لكم برأي! واللَّه ليخرجنه ربه من محبسه إلى أصحابه، فليوشكن أن يثبوا عليه حتى يأخذوه من أيديكم فيمنعوه منكم، فما آمن عليكم أن يخرجوكم من بلادكم قالوا: فانظروا في غير هذا. قال: فقال قائل: أخرجوه من بين أظهركم تستريحوا منه، فإنه إذا خرج لن يضركم ما صنع وأين وقع، إذا غاب عنكم أذاه واسترحتم، وكان أمره في غيركم». فقال الشيخ النجدي: واللَّه ما هذا لكم برأي، ألم تروا حلاوة
قوله، وطلاقة لسانه، وأخذَ القلوب ما تسمع من حديثه؟ واللَّه لئن فعلتم، ثم استعرَض العرب، لتجتمعن عليكم، ثم ليأتين إليكم حتى يخرجكم من بلادكم ويقتل أشرافكم. قالوا: صدق واللَّه! فانظروا رأيًا غير هذا. قال: فقال أبو جهل: واللَّه لأشيرن عليكم برأي ما أراكم أبصرتموه بعد، ما أرى غيره. قالوا: وما هو؟ قال: نأخذ من كل قبيلة غلامًا وَسيطا شابًّا نَهْدًا، ثم يعطى كل غلام منهم سيفًا صارمًا، ثم يضربوه ضربة رجل واحد، فإذا قتلوه تفرق دمه في القبائل كلها، فلا أظن هذا الحي من بني هاشم يقدرون على حرب قريش كلها، فإنهم إذا رأوا ذلك قبلوا العقل، واسترحنا وقطعنا عنا أذاه. فقال الشيخ النجدي: هذا واللَّه الرأي، القولُ ما قال الفتى، لا أرى غيره! قال: فتفرقوا على ذلك وهم مُجْمعون له، قال: فأتى جبريل النبيَّ ﷺ، فأمره أن لا يبيت في مضجعه الذي كان يبيت فيه تلك الليلة، وأذِن اللَّه له عند ذلك بالخروج، وأنزل عليه بعد قدومه المدينة»الأنفال«، يذكّره نعمه عليه، وبلاءه عنده: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾، وأنزل في قولهم: تربصوا به ريبَ المنون حتى يهلك كما هلك من كان قبله من الشعراء»: ﴿أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ﴾ [سورة الطور: ٣٠] وكان يسمى ذلك اليوم: «يوم الزحمة» للذي اجتمعوا عليه من الرأي.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم يروي لنا جانبًا من جوانب المحن التي تعرض لها النبي صلى الله عليه وسلم، وكيد الكفار له، وكيف أن الله تعالى نجاه منهم، وهو من رواية الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.

أولًا:

شرح المفردات:
● دار الندوة: مكان اجتماع قريش للتشاور في الأمور المهمة.
● شيخ جليل: كبير في السن مهيب الطلعة.
● ليوشكن: ليَقْرُبَنَّ أن.
● ريب المنون: تقلبات الدهر وموته.
● غلامًا وَسيطًا: شابًا معتدل القوام.
● نَهْدًا: قويًّا جسيمًا.
● العقل: الدية في قتل الخطأ.
● يوم الزحمة: اليوم الذي ازدحم فيه الناس على الرأي واجتمعوا عليه.

ثانيًا. شرح الحديث:


اجتمع أشراف قريش من كل قبيلة في دار الندوة؛ للتشاور في أمر النبي صلى الله عليه وسلم وكيفية التخلص منه، فاعترضهم إبليس – لعنه الله – في صورة شيخ كبير من نجد، فاستضافوه وشاركهم في مشورتهم.
عرضوا ثلاثة آراء:
1- الحبس حتى الموت: فرفضه إبليس بحجة أن أصحابه قد يخلصوه.
2- النفي من مكة: فرفضه أيضًا بحجة أن النبي صلى الله عليه وسلم سيجذب العرب بكلامه البلاغي، فيجتمعون على قريش.
3- القتل جماعيًا: بأن يختاروا شابًا من كل قبيلة، فيضربوه ضربة رجل واحد، حتى يتفرق دمه بين القبائل، فلا يستطيع بنو هاشم أن يناوئوا قريش كلها، فقبل إبليس هذا الرأي.
فأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بعدم المبيت في فراشه تلك الليلة، وأذن له بالهجرة إلى المدينة، وأنزل الله آيات تتلى إلى يوم القيامة تذكر بنعمته على نبيه، وتفضح مكر الكفار.

ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- عظمة النبي صلى الله عليه وسلم: حيث اجتمع أعداؤه على عداوته، وائتمروا به ليلاً، ولم يجدوا وسيلة إلا الغدر والقتل.
2- مكر الأعداء واستخدامهم لكل الوسائل: فقد استعانوا بالشيطان، وتشاوروا، وخططوا، ولكن الله غالب على أمره.
3- نصرة الله لأنبيائه وأوليائه: فما كادوا حتى كاد الله، وهو خير الماكرين.
4- حكمة الله في تقدير الأقدار: حيث أنقذ نبيه من مكرهم، ومكن له في الأرض، وجعل كلمته هي العليا.
5- أن الشيطان عدو مبين: يظهر في صورة الناصح، وهو في الحقيقة مُضِلٌّ مُهْلِك.

رابعًا. معلومات إضافية:


- نزلت سورة الأنفال تذكر هذا المكر وتُعقِّب عليه بأن الله هو خير الماكرين.
- اليوم الذي اجتمعوا فيه على هذا الرأي سمي "يوم الزحمة" لازدحامهم على الرأي واجتماعهم عليه.
- الهجرة النبوية كانت نتيجة هذا المكر، وكانت نقطة تحول في تاريخ الدعوة الإسلامية.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الطبري في تفسيره (١١/ ١٣٥، ١٣٤) عن سعيد بن يحيى الأموي قال: ثني أبي، قال: ثنا محمد بن إسحاق، عن عبد اللَّه بن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس فذكره.
وهذا الإسناد رجاله ثقات سوى محمد بن إسحاق وهو صدوق حسن الحديث، لكنه مدلس، وقد عنعن، وقد زالت شبهة تدليسه، لكونه قد صرح بالتحديث في رواية أخرى عند الطبري في تاريخه (٢/ ٣٧٠)، فقال: حدّثنا ابن حميد، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدثني محمد بن إسحاق، قال: حدثني عبيد اللَّه بن أبي نجيح، عن مجاهد بن جبر أبي الحجاج، عن ابن عباس فذكره.
ثم هو إمام في التاريخ والمغازي.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 520 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اجتماع قريش في دار الندوة ومكرهم بالنبي ﷺ

  • 📜 حديث: اجتماع قريش في دار الندوة ومكرهم بالنبي ﷺ

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: اجتماع قريش في دار الندوة ومكرهم بالنبي ﷺ

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: اجتماع قريش في دار الندوة ومكرهم بالنبي ﷺ

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: اجتماع قريش في دار الندوة ومكرهم بالنبي ﷺ

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب