حديث: في ديننا فسحة إني أرسلت بحنيفية سمحة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (٧٨)﴾

عن عائشة قالت: قال رسول الله ﷺ يومئذ: «لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني أرسلت بحنيفية سمحة».

حسن: رواه أحمد (٢٤٨٥٥) عن سليمان بن داود، قال: حدثنا عبد الرحمن، عن أبيه، قال: قال لي عروة، إن عائشة، قالت: فذكرته.

عن عائشة قالت: قال رسول الله ﷺ يومئذ: «لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني أرسلت بحنيفية سمحة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حديث صحيح. وله قصة وسبب نزول يوضحان معناه، وسأشرحه لك على النحو التالي:

1. سبب ورود الحديث وقصته:


روي أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على عائشة رضي الله عنها فوجد عندها امرأة، فقال: «مَنْ هَذِهِ؟» قالت: هَذِهِ فُلَانَةُ، تَذْكُرُ مِنْ صَلَاتِهَا -أي تُكثر من الصلاة-. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَهْ! عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ، فَوَاللَّهِ لَا يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا». وكان أحب الدين إليه ما داوم صاحبه عليه. ثم قال صلى الله عليه وسلم يومئذ: «لِتَعْلَمْ يَهُودُ أَنَّ فِي دِينِنَا فُسْحَةً، إِنِّي أُرْسِلْتُ بِحَنِيفِيَّةٍ سَمْحَةٍ».
فالحديث جاء رداً على من بالغ في العبادة وأراد أن يشق على نفسه، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبين سماحة هذا الدين ويسره.

2. شرح المفردات:


● يَوْمَئِذٍ: أي في ذلك الوقت، حين قال الكلمة السابقة.
● لِتَعْلَمْ يَهُودُ: حتى تعلم يهود المدينة المنورة، الذين كانوا يصفون الدين بالتشديد والغلو.
● فُسْحَةً: سعة ويسراً ومرونة وعدم ضيق أو تشديد.
● حَنِيفِيَّةً: وهي ملة إبراهيم عليه السلام، التي هي الاستقامة على التوحيد وعبادة الله وحده.
● سَمْحَةً: سهلة سمحة، لا عسر فيها ولا مشقة.

3. شرح الحديث:


معنى الحديث النبوي الشريف:
يأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نلتزم الوسطية والاعتدال في العبادة، ويخبرنا أن الله تعالى لا يمل من أعمالنا حتى نمل نحن بأنفسنا. ثم يبين صلى الله عليه وسلم أن من حكمة هذا التيسير والسماحة هو إظهار خصائص هذا الدين ورد افتراءات اليهود وأهل الأديان الأخرى، الذين كانوا يظنون أن الدين هو المشقة والتشديد فقط. فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبين أن دين الإسلام هو دين الفطرة السليمة، الذي يوافق العقل والقلب، وهو يسر وسهولة وسماحة، لا غلو فيه ولا تشديد.
وقوله: «إِنِّي أُرْسِلْتُ بِحَنِيفِيَّةٍ سَمْحَةٍ» تأكيد على أن هذا الدين هو دين الفطرة المستقيمة، البعيدة عن الغلو والتنطع، وهو الدين الذي يراعي ظروف الإنسان وقدراته.

4. الدروس المستفادة والعبر:


● الوسطية والاعتدال في الدين: فخير الأمور أوسطها، والمسلم مأمور بعدم الغلو في الدين.
● التيسير ورفع الحرج: من أهم خصائص الشريعة الإسلامية، قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}.
● مراعاة حال المكلف: فالدين مبني على التيسير حسب الطاقة والقدرة، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
● الدعوة بالحكمة: حيث بين النبي صلى الله عليه وسلم حكمة التيسير للرد على افتراءات اليهود.
● أن السماحة من صفات الدين: فليس الدين بالتعسير والتشديد، بل باليسر والسماحة.
● الحث على المداومة على العمل: فالعمل القليل الدائم خير من الكثير المنقطع.

5. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أصل عظيم في باب اليسر ورفع الحرج في الشريعة الإسلامية.
- ينبغي للمسلم أن يكون دينه سمحاً معتدلاً، بعيداً عن الغلو والتطرف، وكذلك بعيداً عن التفريط والإهمال.
- من تطبيقات هذا الحديث: التيسير في العبادات ومراعاة الظروف والأحوال، مثل قصر الصلاة وجمعها في السفر، والفطر في رمضان للمريض والمسافر، وغير ذلك من الرخص الشرعية.
نسأل الله أن يجعلنا من المعتدلين في ديننا، المتبعين لسنة نبينا صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٢٤٨٥٥) عن سليمان بن داود، قال: حدثنا عبد الرحمن، عن أبيه، قال: قال لي عروة، إن عائشة، قالت: فذكرته.
وإسناده حسن من أجل عبد الرحمن وهو ابن أبي الزناد، فإنه حسن الحديث.
وفي معناه ما روي عن ابن عباس قال: قيل لرسول الله ﷺ: أيّ الأديان أحب إلى الله؟ قال: «الحنيفية السمحة».
رواه أحمد (٢١٠٧)، وعبد بن حميد (٥٦٩)، والبخاري في الأدب المفرد (٢٨٧) كلهم من طريق يزيد بن هارون، قال: أخبرنا محمد بن إسحاق، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: فذكره.
وفيه محمد بن إسحاق وهو مدلس وقد رواه بالعنعنة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 951 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: في ديننا فسحة إني أرسلت بحنيفية سمحة

  • 📜 حديث: في ديننا فسحة إني أرسلت بحنيفية سمحة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: في ديننا فسحة إني أرسلت بحنيفية سمحة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: في ديننا فسحة إني أرسلت بحنيفية سمحة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: في ديننا فسحة إني أرسلت بحنيفية سمحة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب