حديث: استشار النبي أبا بكر وعمر في الأسارى

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (١٤)﴾

عن ابن عباس قال في حديث طويل: واستشار رسول الله ﷺ أبا بكر وعمر في الأسارى، فقال أبو بكر: يا رسول الله استحي قومك، وخذ منهم الفداء، فاستعن به، وقال عمر بن الخطاب: اقتلهم. فقال: «لو اجتمعتما ما عصيناكما، فأخذ رسول الله ﷺ بقول أبي بكر، فأنزل الله عز وجل: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [سورة الأنفال: ٦٧]. قال: ثم نزلت ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ﴾ إلى آخر الآيات فقال عمر: تبارك الله أحسن الخالقين فأنزلت ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾.

حسن: رواه الطبراني في الكبير (١١/ ٤٣٨ - ٤٣٩)، والبيهقي في الدلائل (٥/ ٢٨٨)، والمقدسي في المختارة (١٠/ ١٦٠ - ١٦٢) كلهم من حديث بشر بن السري، ثنا رباح بن أبي معروف المكي، عن سالم بن عجلان الأفطس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره.

عن ابن عباس قال في حديث طويل: واستشار رسول الله ﷺ أبا بكر وعمر في الأسارى، فقال أبو بكر: يا رسول الله استحي قومك، وخذ منهم الفداء، فاستعن به، وقال عمر بن الخطاب: اقتلهم. فقال: «لو اجتمعتما ما عصيناكما، فأخذ رسول الله ﷺ بقول أبي بكر، فأنزل الله ﷿: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [سورة الأنفال: ٦٧]. قال: ثم نزلت ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ﴾ إلى آخر الآيات فقال عمر: تبارك الله أحسن الخالقين فأنزلت ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم ورد في سياق غزوة بدر الكبرى، التي وقعت في السنة الثانية للهجرة، وسأشرحه لكم وفق النقاط المطلوبة:

1. شرح المفردات:


● استشار: طلب الرأي والمشورة.
● الأسارى: جمع أسير، وهم المقاتلون الذين أُخذوا في المعركة.
● استحي قومك: اطلب الفداء بدل القتل، وأظهر الرحمة بهم.
● الفداء: المال الذي يُؤخذ مقابل إطلاق سراح الأسير.
● أثخن في الأرض: أي يبالغ في القتل ويشتد على العدو حتى يضعف ويذل.
● عرض الدنيا: متاعها الزائل من مال وغيره.

2. شرح الحديث:


يذكر الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد غزوة بدار استشار أصحابه الكرام - أبا بكر وعمر رضي الله عنهما - في شأن أسرى المشركين الذين أُسروا في المعركة.
● رأي أبي بكر: كان يميل إلى الرحمة والأخذ بالفداء، فقال: "يا رسول الله، هؤلاء بنو العم والعشيرة، فخذ منهم الفداء وتقو به على المسلمين".
● رأي عمر: كان يميل إلى الشدة والقتل، فقال: "اقتلهم؛ لأنهم أئمة الكفر وصناديدها".
فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأي أبي بكر رضي الله عنه وأخذ الفداء من الأسرى.
ثم نزل القرآن الكريم بتصويب رأي عمر رضي الله عنه وتوجيه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأولى، حيث أنزل الله تعالى:
{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: 67].
ثم ذكر ابن عباس أن عمر رضي الله عنه لما تلا قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ} [المؤمنون: 12] فقال تعجبًا وإعجابًا: "تبارك الله أحسن الخالقين"، فأنزل الله تعالى موافقًا لقوله: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 14].

3. الدروس المستفادة:


● مشورة النبي لأصحابه: وهذا من تواضعه صلى الله عليه وسلم وحكمته في إشراك أصحابه في الرأي.
● تفاضل الصحابة في الفهم والاجتهاد: فكل من أبي بكر وعمر اجتهد وأعطى رأيه حسب ما رأى المصلحة.
● أن اجتهاد المجتهد إذا خالف الأولى فإنه معذور ومأجور: فأبو بكر رضي الله عنه أُجر على نيته الطيبة ورأيه الرحيم، وعمر أُجر على صواب رأيه.
● أن القرآن هو الحكم والمهيمن: فالله تعالى هو الذي صحح المسار ووجه إلى الصواب.
● عظمة عمر وفقهه: حيث وافق رأيه الوحي في الموضعين.
● أن الدنيا زائلة وأن الآخرة هي الباقية: كما في قوله تعالى: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ}.

4. معلومات إضافية:


- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والحاكم في المستدرك، وصححه الألباني.
- الغزوة كانت فرصة عظيمة لإضعاف الكفر بقتل صناديد قريش، لكن الفداء كان مغريًا للمسلمين لضعف أحوالهم المادية وقتها.
- استفاد المسلمون من هذا الدرس فيما بعد، فصاروا يشددون على أعداء الله حتى يذلوا ويستسلموا.
- قصة نزول {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} موافقةً لقول عمر تدل على منزلته وفضله.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يردنا إلى الحق ردًا جميلًا.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الطبراني في الكبير (١١/ ٤٣٨ - ٤٣٩)، والبيهقي في الدلائل (٥/ ٢٨٨)، والمقدسي في المختارة (١٠/ ١٦٠ - ١٦٢) كلهم من حديث بشر بن السري، ثنا رباح بن أبي معروف المكي، عن سالم بن عجلان الأفطس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره.
وإسناده حسن من أجل رباح بن أبي معروف المكي؛ فإنه حسن الحديث.
والحديث بطوله مذكور في الآية الرابعة والثمانين (٨٤) من سورة التوبة.
وقوله: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ﴾ أي: أبو الإنسان - وهو آدم عليه السلام خُلق من الطين، وقد جاء في الحديث: عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله ﷺ: «خلق الله آدم من أديم الأرض كلها، فخرجت ذريته على حسب ذلك. منهم الأبيض والأسود والأسمر والأحمر، ومنهم بين ذلك، ومنهم السهل والحزن والخبيث والطيب».
صحيح: رواه أبو داود (٤٦٩٣)، والترمذي (٢٩٥٨)، والبيهقي في الكبرى (٩/ ٣) كلهم من طرق عن عوف بن أبي جميلة الأعرابي، عن قسامة بن زهير، عن أبي موسى فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 961 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: استشار النبي أبا بكر وعمر في الأسارى

  • 📜 حديث: استشار النبي أبا بكر وعمر في الأسارى

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: استشار النبي أبا بكر وعمر في الأسارى

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: استشار النبي أبا بكر وعمر في الأسارى

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: استشار النبي أبا بكر وعمر في الأسارى

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب