حديث: يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (٧٨)﴾

عن أنس بن مالك، عن النبي ﷺ قال: «يسروا، ولا تعسّروا، وبشّروا، ولا تنفّروا».

متفق عليه: رواه البخاري في العلم (٦٩)، ومسلم في الجهاد والسير (١٧٣٤) كلاهما من طريق شعبة قال: حدثني أبو التياح، عن أنس، فذكره.

عن أنس بن مالك، عن النبي ﷺ قال: «يسروا، ولا تعسّروا، وبشّروا، ولا تنفّروا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فهذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يحمل قاعدةً من قواعد الدعوة إلى الله، ومنهجاً من مناهج التعامل مع الناس. وقد رواه الإمام البخاري في صحيحه (69) ومسلم في صحيحه (1734) عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يَسِّرُوا، وَلَا تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا، وَلَا تُنَفِّرُوا».

أولاً. شرح المفردات:


● يَسِّرُوا: من التيسير، وهو ضد التعسير، ومعناه: اجعلوا الأمور سهلةً ميسرةً، وسهّلوا على الناس ولا تثقّلوا عليهم.
● تُعَسِّرُوا: من التعسير، وهو التضييق والتشديد، ومعناه: لا تجعلوا الأمور صعبةً ومعقدةً.
● بَشِّرُوا: البشارة هي الإخبار بما يسرّ ويُفرح، ومعناه: أخبروا الناس بما يسرهم من ثواب الله ورحمته وفضله.
● تُنَفِّرُوا: التنفير هو إثارة النفور والكراهية، ومعناه: لا تصدوا الناس عن الخير والدين بما تظهرونه من جفاء أو تشديد.

ثانياً. شرح الحديث:


يأمر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بأمرين عظيمين، وينهى عن ضدهما:
1- التيسير وعدم التعسير: وهذا يشمل جميع أمور الدين والدنيا. ففي أمور الدين: يجب على الدعاة والمعلمين أن ييسروا على الناس في تعليمهم أحكام الشرع، وأن يراعوا حال المتعلمين وقدراتهم، فلا يثقّلوا عليهم بما لا طاقة لهم به. وفي أمور الدنيا: يجب أن يكون التعامل بين الناس قائماً على اليسر والسماحة، في المعاملات والبيوع وغيرها.
2- البشارة وعدم التنفير: وهذا خاص بأمر الدعوة إلى الله تعالى. فيجب على الداعية أن يكون مبشراً لا منفراً، فيدعو الناس برحمة ورفق، ويبشرهم بثواب الله ومغفرته، ولا يذكرهم دائماً بالعذاب والنار مما قد ينفرهم من الدين.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قدوة في هذا، فكان أيسر الناس، وأبعدهم عن التعسير، وكان يُبشر أصحابه ولا ينفرهم. ومن الأمثلة على ذلك: عندما جاءه الأعرابي فبال في المسجد، فلم يعنفه النبي صلى الله عليه وسلم بل قال لأصحابه: «دعوه، وأهريقوا على بوله سجلاً من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين».

ثالثاً. الدروس المستفادة من الحديث:


1- الرفق واللين في الدعوة إلى الله: فالداعية الناجح هو الذي يجذب الناس إلى الدين بالحكمة والموعظة الحسنة، لا بالغلظة والجفاء.
2- مراعاة حال الناس وقدراتهم: فالناس ليسوا سواء في الفهم والقدرة على التحمل، فيجب مراعاة ذلك في التعليم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
3- التشجيع والتبشير: إن نفس الإنسان مجبولة على حب من يبشرها ويدخل السرور عليها، فالبشارة تفتح القلوب وتجذبها إلى الخير.
4- اجتناب التنفير: يجب الحذر من كل ما ينفر الناس من الدين، سواء كان في الأسلوب أو في المضمون، كالتشديد في الأمور التي فيها سعة، أو التكلف في العبادات بما لم يأذن به الله.
5- السعي في إزالة المشقات: وذلك بتسهيل الأمور وتذليل الصعاب، مما يجعل الناس أقبل على الخير وأكثر استعداداً له.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، التي أوتيها، وهي الكلمات القليلة التي تحمل المعاني الكثيرة.
- يدخل في هذا الحديث جميع مجالات الحياة: الدعوة، والتعليم، والتربية، والمعاملات، والعبادات.
- التيسير لا يعني التهاون في الدين أو ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل يعني الرفق واللين في ذلك، مع المحافظة على أحكام الشرع.
- كان النبي صلى الله عليه وسلم يختار أيسر الأمور ما لم يكن إثماً، كما قال: «ما خُيِّرَ بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً».
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الميسرين المبشرين، وأن يعيننا على الاقتداء بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الرفق واللين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في العلم (٦٩)، ومسلم في الجهاد والسير (١٧٣٤) كلاهما من طريق شعبة قال: حدثني أبو التياح، عن أنس، فذكره. واللفظ للبخاري، ولفظ مسلم نحوه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 952 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا

  • 📜 حديث: يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب