حديث: يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (٧٨)﴾

عن أبي موسى الأشعري أن النبي ﷺ بعث معاذا وأبا موسى إلى اليمن، قال: «يسّرا ولا تعسّرا، وبشّرا ولا تنفّرا، وتطاوعا ولا تختلفا».

متفق عليه: رواه البخاري في الجهاد والسير (٣٠٣٨)، ومسلم في الجهاد والسير (١٧٣٣) كلاهما من طريق وكيع، عن شعبة، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن جده، فذكره.

عن أبي موسى الأشعري أن النبي ﷺ بعث معاذا وأبا موسى إلى اليمن، قال: «يسّرا ولا تعسّرا، وبشّرا ولا تنفّرا، وتطاوعا ولا تختلفا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي ﷺ، الذي أوتي جوامع الكلم واختصر له الكلام اختصارًا. وها أنا أشرحه لكم جزءًا جزءًا، مستندًا إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

الحديث بلفظه:


عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي ﷺ بعث معاذًا وأبا موسى إلى اليمن، قال: «يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا وَلَا تَخْتَلِفَا».


1. شرح المفردات:


* يَسِّرَا: من التيسير، وهو ضد التعسير، ومعناه: اجعلوا الأمور سهلة ميسرة على الناس، وامشوا معهم برفق ولين.
* تُعَسِّرَا: من التعسير، وهو التشديد والتضييق على الناس، وجعل الأمور صعبة وشاقة فوق طاقتهم.
* بَشِّرَا: البشارة هنا تشمل بشارة المؤمنين بالثواب والجنة على الطاعات، وبشارة التائبين بقبول توبتهم، وترغيب الناس في الخير بالطريقة التي تحببهم فيه.
* تُنَفِّرَا: من التنفير، وهو ما يسبب هروب الناس ونفورهم من الدين، كالتشديد الزائد، أو الغلظة في الدعوة، أو التأنيب الدائم.
* تَطَاوَعَا: من الطواعية، أي تعاونا وتراضيا وتآلفا وتساعدا في الخير، واجعلوا بينكم اتفاقًا ووئامًا.
* تَخْتَلِفَا: من الاختلاف، وهو التضاد والتنازع والتصادم في الرأي أو العمل، مما يضعف الأثر ويشوه الصورة.


2. شرح الحديث:


كان هذا الحديث توجيهاً نبويًا رفيعًا لأميرين من كبار الصحابة، هما معاذ بن جبل وأبو موسى الأشعري رضي الله عنهما، حينما أرسلهما النبي ﷺ قاضيين وداعيتين إلى اليمن. وهو ليس توجيهاً لهما فحسب، بل هو منهج وأساس لكل من يقوم على أمر من أمور المسلمين، سواء كان داعية، أو قاضياً، أو معلماً، أو والياً، أو حتى أباً في أسرته.
* «يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا»: هذا توجيه إلى الرفق واللين في المعاملة والتعليم والحكم. فالإسلام دين يسر وسهولة، قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]. والمقصود هنا التيسير الحقيقي الذي لا يخل بالثوابت الشرعية، وليس التيسير المذموم الذي هو تساهل وتفريط. فالمطلوب هو إزالة الحرج عن الناس، واختيار أسهل الأمور ما لم يكن إثمًا، ومراعاة ظروفهم وقدراتهم.
* «وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا»: هذا توجيه إلى أسلوب الدعوة والترغيب. فقلب الإنسان مجبول على حب من يبشره ويرغبه، وينفر ممن يزجره فقط وينفره. فكان النبي ﷺ يقدم البشارة والترغيب على التخويف والترهيب. وهذا لا يعني إلغاء جانب الإنذار بالكلية، بل يعني تقديم الترغيب وجعله الغالب على منهج الداعية، لأن في ذلك جذباً للقلوب وتأليفاً لها على الخير. فتبشير العاصي بقبول التوبة خير من تنفيره بالوعيد فقط.
* «وَتَطَاوَعَا وَلَا تَخْتَلِفَا»: هذا توجيه إلى أهمية الوحدة وعدم الاختلاف أمام الناس. فإذا اختلف القائدان أو الداعيتان، تشتت الجمهور وضاع الأثر وذهب هيبة العلم والحكم. وهذا الأمر يشمل التعاون على البر والتقوى، والتشاور، وتقديم المصلحة العامة على الرأي الشخصي، وإظهار الكلمة الموحدة حتى لو كان هناك اختلاف في الرأي في الخلوات، فيُحل بالتشاور والرجوع إلى الكتاب والسنة.


3. الدروس المستفادة منه:


1- الرفق واليسر من صفات الداعية الناجح: يجب على من يدعو إلى الله أو يحكم بين الناس أن يكون رفيقاً ليناً، متبعاً في ذلك هدي النبي ﷺ الذي كان أرحم الناس بالناس.
2- الترغيب قبل الترهيب: من الحكمة في الدعوة أن نبدأ ببيان فضائل الطاعات وثمارها، وجمال الإسلام وسماحته، قبل الحديث عن العقوبات والوعيد، لأن القلوب تتعلق بالخير عندما ترغب فيه.
3- التعاون والوحدة أساس النجاح: يجب على العاملين في مجال الدعوة والتعليم والقضاء أن يتعاونوا ويتناصحوا، ويحذروا من الاختلاف والتنازع أمام العامة، فإن في ذلك تضعيفاً للجهود وتشويهاً للصورة.
4- مراعاة حال الناس: التيسير وعدم التنفير يستلزمان مراعاة أحوال الناس واختلاف طبائعهم وقدراتهم، وعدم تحميلهم ما لا يطيقون.
5- الحديث قاعدة ذهبية في الإدارة والقيادة: فهو يصلح أن يكون منهجاً لكل قائد في أي مجال، لأنه يجمع بين الحكمة في التعامل واللين في المعاملة والتعاون في العمل.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* السياق التاريخي: إرسال معاذ وأبي موسى إلى اليمن كان حدثاً عظيماً، حيث جعلهما النبي ﷺ على مناطق مختلفة من اليم
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الجهاد والسير (٣٠٣٨)، ومسلم في الجهاد والسير (١٧٣٣) كلاهما من طريق وكيع، عن شعبة، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن جده، فذكره.
وقوله: ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا﴾.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 954 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا

  • 📜 حديث: يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب