حديث: أن قريشا لما استعصت على النبي ﷺ دعا عليهم بسنين كسني يوسف

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (١١) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (١٢) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (١٣) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ (١٤) إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (١٥) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (١٦)﴾

عن مسروق قال: جاء إلى عبد الله رجل، فقال: تركت في المسجد رجلًا يفسر القرآن برأيه، يفسر هذه الآية: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ﴾ قال: يأتي الناس يوم القيامة دخان، فيأخذ بأنفاسهم حتَّى يأخذهم منه كهيئة الزكام. فقال عبد الله: من علم علما فليقل به، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم. فإن من فقه الرّجل أن يقول لما لا علم له به: الله أعلم. إنّما كان هذا أن قريشًا لما استعصت على النَّبِيّ ﷺ دعا عليهم بسنين كسني يوسف، فأصابهم قحط وجهد حتَّى جعل الرّجل ينظر إلى السماء فيرى
بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد، وحتى أكلوا العظام، فأتى النبي ﷺ رجل فقال: يا رسول الله! استغفر الله لمضر؛ فإنهم قد هلكوا. فقال: «لمضر؟ إنك لجريء» قال: فدعا الله لهم، فأنزل الله عز وجل: ﴿إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ﴾ قال: فمُطِروا، فلما أصابتهم الرفاهية، قال: عادوا إلى ما كانوا عليه. قال: فأنزل الله عز وجل: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (١١) ﴿يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ﴾ قال: يعني يوم بدر.

متفق عليه: رواه البخاري في التفسير (٤٨٢١ و٤٨٢٢ و٤٨٢٣) ومسلم في صفة القيامة والجنة والنار (٢٧٩٨: ٤٠) كلاهما من طريق الأعمش، عن مسلم بن صُبيح أبي الضحى، عن مسروق، قال: فذكره، واللفظ لمسلم.

عن مسروق قال: جاء إلى عبد الله رجل، فقال: تركت في المسجد رجلًا يفسر القرآن برأيه، يفسر هذه الآية: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ﴾ قال: يأتي الناس يوم القيامة دخان، فيأخذ بأنفاسهم حتَّى يأخذهم منه كهيئة الزكام. فقال عبد الله: من علم علما فليقل به، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم. فإن من فقه الرّجل أن يقول لما لا علم له به: الله أعلم. إنّما كان هذا أن قريشًا لما استعصت على النَّبِيّ ﷺ دعا عليهم بسنين كسني يوسف، فأصابهم قحط وجهد حتَّى جعل الرّجل ينظر إلى السماء فيرى
بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد، وحتى أكلوا العظام، فأتى النبي ﷺ رجل فقال: يا رسول الله! استغفر الله لمضر؛ فإنهم قد هلكوا. فقال: «لمضر؟ إنك لجريء» قال: فدعا الله لهم، فأنزل الله ﷿: ﴿إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ﴾ قال: فمُطِروا، فلما أصابتهم الرفاهية، قال: عادوا إلى ما كانوا عليه. قال: فأنزل الله ﷿: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (١١)﴾ ﴿يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ﴾ قال: يعني يوم بدر.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحًا وافيًا وفق منهج أهل السنة والجماعة:

الحديث:


الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه عن مسروق أنه قال: جاء إلى عبد الله (يعني ابن مسعود) رجل، فقال: تركت في المسجد رجلًا يفسر القرآن برأيه، يفسر هذه الآية: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ﴾ قال: يأتي الناس يوم القيامة دخان، فيأخذ بأنفاسهم حتَّى يأخذهم منه كهيئة الزكام. فقال عبد الله: من علم علما فليقل به، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم. فإن من فقه الرّجل أن يقول لما لا علم له به: الله أعلم. إنّما كان هذا أن قريشًا لما استعصت على النَّبِيّ ﷺ دعا عليهم بسنين كسني يوسف، فأصابهم قحط وجهد حتَّى جعل الرّجل ينظر إلى السماء فيرى بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد، وحتى أكلوا العظام، فأتى النبي ﷺ رجل فقال: يا رسول الله! استغفر الله لمضر؛ فإنهم قد هلكوا. فقال: «لمضر؟ إنك لجريء» قال: فدعا الله لهم، فأنزل الله: ﴿إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ﴾ قال: فمُطِروا، فلما أصابتهم الرفاهية، قال: عادوا إلى ما كانوا عليه. قال: فأنزل الله: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (١١) ﴿يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ﴾ قال: يعني يوم بدر.


1. شرح المفردات:


● يُفسِّر القرآن برأيه: أي يتكلم في معاني القرآن بغير علمٍ ولا رجوعٍ إلى السنة أو أقوال الصحابة.
● كهيئة الزُّكام: كحالة من يصاب بالزكام، أي صعوبة في التنفس.
● استعصت: تمردت وعصت.
● بسنين كسني يوسف: أي بقحط ومجاعة كالتي حدثت في زمن النبي يوسف عليه السلام والتي استمرت سبع سنين.
● قحط وجهد: جفاف ومجاعة وشدة.
● كهيئة الدخان: شبه ما يراه الجائع من شدة الجهد والهزال كالدخان.
● لمضر؟ إنك لجريء: تعجب من جرأته في طلب الاستغفار لقريش (من قبيلة مضر) مع كفرهم.
● كاشفو العذاب: رافعون وزائلون العذاب (المجاعة).
● الرَّفاهية: الرخاء والنعمة.
● نبطش البطشة الكبرى: نأخذ أخذًا شديدًا، وهي هنا指 معركة بدر.


2. شرح الحديث:


يحكي هذا الحديث قصة رجل كان يفسر القرآن برأيه دون علم، حيث فسر آية الدخان (سورة الدخان: 10) بأنها تدل على دخان يأتي يوم القيامة، ولكن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه صحح هذا الفهم الخاطئ، وبيَّن أن التفسير الصحيح للآية يجب أن يؤخذ عن علم، لا بالرأي المجرد.
ثم شرع ابن مسعود في شرح القصة التاريخية وراء نزول هذه الآية، وهي أن قريشًا تمردت على النبي صلى الله عليه وسلم، فدعا عليهم بدعاء النبي يوسف بقحط سبع سنين، فأصابتهم مجاعة شديدة حتى كانوا يرون بينهم وبين السماء مثل الدخان من شدة الجوع، وأكلوا العظام. ثم جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يطلب الاستغفار لقومه (مضر)، فاستغفر لهم النبي، فكشف الله عنهم العذاب، ولكنهم عادوا إلى كفرهم، فأنزل الله تعالى آية الدخان التي تتوعدهم بعذاب آخر، وهو ما تحقق في يوم بدر حيث انتصر المسلمون عليهم انتصارًا عظيمًا.


3. الدروس المستفادة:


1- تحذير شديد من تفسير القرآن بالرأي دون علم: وهذا من أخطر الأمور، لأن القرآن كلام الله، وتفسيره يجب أن يكون بناءً على العلم النقلية من السنة وأقوال السلف.
2- الأدب في طلب العلم: كما قال ابن مسعود: "من علم علما فليقل به، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم". وهذا من الفقه والعقل.
3- العبرة من القصص القرآني: أن الله تعالى ينزل العذاب على الكفار حين يتمردون، ولكن قد يرفعه عنهم إذا تابوا أو دعي لهم، لكن إن عادوا إلى كفرهم، فإن العذاب الأكبر ينتظرهم.
4- فضل الصحابة وعلمهم: فهم أعلم الناس بتفسير القرآن بعد النبي صلى الله عليه وسلم، لأنهم شاهدوا التنزيل وعاشوا أحداثه.
5- التوكل على الله والدعاء: فالنبي صلى الله عليه وسلم دعا على قريش فاستجاب الله، ثم دعا لهم فكشف الله عنهم البلاء.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب التفسير، باب سورة الدخان).
- آية الدخان من الآيات التي نزلت في حدث تاريخي، وهي من علامات العذاب التي حلت بقريش ثم بقتالهم يوم بدر.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في التفسير (٤٨٢١ و٤٨٢٢ و٤٨٢٣) ومسلم في صفة القيامة والجنة والنار (٢٧٩٨: ٤٠) كلاهما من طريق الأعمش، عن مسلم بن صُبيح أبي الضحى، عن مسروق، قال: فذكره، واللفظ لمسلم.
ورواه البخاري في التفسير (٤٨٢٤) ومسلم كلاهما من طريق منصور، عن أبي الضحى به، وفيه: فأتاه أبو سفيان فقال: يا محمد! إنك جئت تأمر بطاعة الله وبصلة الرحم، وإن قومك قد هلكوا، فادع الله لهم، قال الله عز وجل: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ إلى قوله: ﴿إِنَّكُمْ عَائِدُونَ﴾ قال: أفيكشف عذاب الآخرة؟ ... الحديث.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1380 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أن قريشا لما استعصت على النبي ﷺ دعا عليهم بسنين كسني يوسف

  • 📜 حديث: أن قريشا لما استعصت على النبي ﷺ دعا عليهم بسنين كسني يوسف

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أن قريشا لما استعصت على النبي ﷺ دعا عليهم بسنين كسني يوسف

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أن قريشا لما استعصت على النبي ﷺ دعا عليهم بسنين كسني يوسف

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أن قريشا لما استعصت على النبي ﷺ دعا عليهم بسنين كسني يوسف

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب