فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله

حديث: فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله

عن عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى؛ فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يُصيبها، أو امرأةٍ يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه».

متَّفقٌ عليه: رواه البخاري (١) ومسلم (١٩٠٧)، كلاهما من طريق يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، عن علقمة بن وقاص الليثي قال: سمعت عمر بن الخطاب، فذكر الحديث.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام، كما قال الإمام الشافعي رحمه الله. وسأشرحه لكم وفق النقاط المطلوبة، مستندًا إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

الحديث:

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى؛ فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يُصيبها، أو امرأةٍ يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه».

1. شرح المفردات:

● إنما: أداة حصر، تفيد أن الحكم مقصور على ما بعدها، أي أن قبول الأعمال وثوابها مرتبط بالنية.
● الأعمال: تشمل جميع العبادات والقربات التي يتقرب بها العبد إلى الله تعالى، من صلاة وصوم وزكاة وحج وجهاد وهجرة وغيرها.
● بالنيات: النية في اللغة: القصد. وفي الشرع: عزم القلب على فعل العبادة تقربًا إلى الله تعالى.
● لكل امرئ ما نوى: أي أن الجزاء والثواب يكون على قدر النية والقصد الذي في قلب العبد.
● هجرته: الهجرة في الأصل: الترك. وفي الشرع: ترك الوطن الذي لا يستطيع المسلم فيه إظهار دينه إلى بلد يمكنه ذلك.
● لدنيا يصيبها: أي لأجل مال أو جاه أو منصب دنيوي يحصل عليه.
● امرأة يتزوجها: أي قصد بالهجرة التزوج بامرأة معينة، لا طلبًا لمرضاة الله.

2. المعنى الإجمالي للحديث:

يؤسس هذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام، وهي أن قيمة أي عمل عند الله تعالى، وقبوله وثوابه، ليست مرتبطة بصورته الظاهرة فقط، بل بما يقصده الإنسان وينويه في باطنه.
فالنية هي روح العمل وبها يصح ويثاب عليه. فالعمل الواحد يكون له ثواب عظيم أو لا ثواب فيه أو حتى إثم، بحسب ما نواه صاحبه.
ثم ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثالًا عمليًا يوضح هذه القاعدة، وهو "الهجرة" التي كانت حدثًا عظيمًا في تاريخ الإسلام. فالهجرة من مكة إلى المدينة عمل ظاهره واحد، ولكن الناس فيه على قسمين:
● القسم الأول: من هاجر طلبًا لمرضاة الله ونصرة دينه، فثوابه عظيم وهجرته مقبولة.
● القسم الثاني: من هاجر طلبًا للدنيا أو امرأة يتزوجها، فهذا لم ينل ثواب الهجرة، وإنما ينال فقط ما قصده من أمر الدنيا.

3. الدروس المستفادة منه:

1- أهمية النية وإخلاصها لله: الحديث يربط كل ثواب وأجر بإخلاص النية لله تعالى. فالإخلاص هو أن يقصد المسلم بعمله وجه الله والدار الآخرة، لا مدح الناس أو طلب الدنيا.
2- النية تميز العادات عن العبادات: قد يكون العمل形式上 عادة (كالأكل والنوم) أو عبادة (كالصوم والصلاة). وما يفرق بينهما هو النية. فإذا نوى المسلم بالأكل والشرب التقوي على طاعة الله، أصبح عبادة يثاب عليها.
3- النية تميز مراتب العبادات: يتفاوت الناس في ثواب العمل الواحد بحسب تفاوت نياتهم في الإخلاص والصدق مع الله، وقوة يقينهم، وعلو همتهم.
4- النية قد توسع دائرة الثواب: بالإخلاص والنية الصالحة يمكن أن يتحول كل عمل مباح إلى عبادة، كالنفقة على العائلة بنية الإحسان إليهم وإعفافهم، أو العمل للكسب بنية حفظ النفس والعيلة عن السؤال.
5- تحذير من فساد النية: الحديث تحذير واضح من الرياء والعمل لأجل الدنيا، فإنه يحبط العمل ويذهب بأجره.
6- النية معيار التمييز بين الناس: الناس يتساوون في الأعمال الظاهرة، ولكنهم يختلفون عند الله تعالى باختلاف ما في قلوبهم من النيات.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث رواه الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهما أصح الكتب بعد القرآن.
- اتفق العلماء على أن هذا الحديث ركن عظيم من أركان الدين، حتى قال الإمام أحمد بن حنبل: "أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث: حديث عمر «إنما الأعمال بالنيات»، وحديث عائشة «من أحدث في أمرنا هذا...»، وحديث النعمان بن بشير «الحلال بين والحرام بين...»".
- موطن النية هو القلب، ولا حاجة إلى التلفظ بها باللسان، فالله يعلم ما في القلوب.
- يستحب للمسلم أن يجدد نيته ويحاسب نفسه فيها دائمًا، ليطهر عمله من شوائب الرياء وحب الظهور.
نسأل الله تعالى أن يطهر قلوبنا من الرياء، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري (١) ومسلم (١٩٠٧)، كلاهما من طريق يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، عن علقمة بن وقاص الليثي قال: سمعت عمر بن الخطاب، فذكر الحديث.
وبه بوّب ابن خزيمة في صحيحه (١/ ٧٣) قائلًا: «باب إيجاب إحداث النية».
واشتراط النية في الوضوء مذهب جمهور أهل العلم منهم مالك والشافعي وأحمد.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1 من أصل 155 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله

📜 حديث: فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية