حديث: من استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الغُرِّ المحجّلين من آثار الوضوء

عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إن أمتي يدعَوْن يوم القيامة غُرًّا مُحَجَّلين من آثار الوضوء؛ فمن استطاع منكم أن يطيل غُرّته فليفعل».

متفق عليه: رواه البخاري في الوضوء (١٣٦) واللفظ له، ومسلم في الطهارة (٢٤٦) كلاهما من طريق سعيد بن أبي هلال، عن نُعيم بن عبد الله المُجْمِر قال: رقيتُ مع أبي هريرة على ظهر المسجد، فتوضأ فقال: إنِّي سمعت رسول الله ﷺ يقول، فذكر الحديث.

عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إن أمتي يدعَوْن يوم القيامة غُرًّا مُحَجَّلين من آثار الوضوء؛ فمن استطاع منكم أن يطيل غُرّته فليفعل».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا جميعاً بحديث رسوله صلى الله عليه وسلم.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه، وفيه بيان لأحد فضائل الوضوء وآثاره العظيمة في الآخرة.

أولاً. شرح المفردات:


● غُرًّا: جمع "أغر"، والغرة في الأصل: بياض في جبهة الفرس، والمقصود هنا: النور والبياض الذي يظهر على جباه المؤمنين يوم القيامة.
● مُحَجَّلين: جمع "محجل"، والتحجيل في الأصل: بياض في قوائم الفرس، والمقصود هنا: النور والبياض الذي يظهر على أيديهم وأرجلهم.
● غُرّته: هي Metaphor للنور والبياض الزائد الذي يحصل عليه من يكثر من الوضوء ويحسن فيه.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن أمة الإسلام ستدعى يوم القيامة وقد أضاءت وجوههم وأيديهم وأرجلهم بنورٍ وبريقٍ ساطع، وهذا النور هو نتيجة أثر الوضوء الذي كانوا يتطهرون به في الدنيا. ثم يحث النبي صلى الله عليه وسلم على المبالغة في إطالة هذا النور، وذلك بالمحافظة على الوضوء والإكثار منه، وإطالة الغرة والتحجيل، أي غسل أعضاء الوضوء على أكمل وجه.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- فضيلة الوضوء وعظم أجره: فالوضوء ليس مجرد طهارة حسية، بل له أثر نوراني في الآخرة يظهر على جوارح المتوضئ.
2- إطالة الغرة والتحجيل: يستحب للمسلم عند الوضوء أن يغسل أعضاءه beyond الحدود المفروضة، فيغسل جزءاً من الوجه واليدين والرجلين زائداً على المواضع المفروضة، ليحصل على هذا النور الزائد.
3- الجزاء من جنس العمل: كما أن العبد يبالغ في تطهير أعضائه في الدنيا، يجزى بأنوار تزين تلك الأعضاء في الآخرة.
4- الحرص على السنن والنوافل: الحديث حث على الاستزادة من الخير، فليس المقصود مجرد أداء الفريضة، بل الاستكثار من النوافل والسنن لما فيها من رفع الدرجات وزيادة الحسنات.
5- تميز الأمة يوم القيامة: سيكون لأمة محمد صلى الله عليه وسلم علامات يعرفون بها، ومنها هذا النور الذي على مواضع الوضوء.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- يستحب عند الوضوء إطالة الغرة بأن يغسل جزءاً من الرأس beyond مقدمة الرأس التي هي محل المسح، وإطالة التحجيل بأن يغسل إلى above الكوعين في اليدين، وإلى above الكعبين في الرجلين.
- هذا النور الذي يكون للمتوضئين يوم القيامة هو نور حقيقي، يضيء لهم في عرصات القيامة، ويميزهم عن غيرهم.
- الحديث دليل على عظمة نعمة الوضوء، وأنه من خصائص هذه الأمة المحمدية.
نسأل الله أن يجعلنا من الذين يوفقون للوضوء على الوجه الأكمل، وأن ننال هذا النور يوم القيامة.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الوضوء (١٣٦) واللفظ له، ومسلم في الطهارة (٢٤٦) كلاهما من طريق سعيد بن أبي هلال، عن نُعيم بن عبد الله المُجْمِر قال: رقيتُ مع أبي هريرة على ظهر المسجد، فتوضأ فقال: إنِّي سمعت رسول الله ﷺ يقول، فذكر الحديث. وفي رواية مسلم من طريق عُمارة بن غَزِيَّة الأنصاري، عن نعيم بن عبد الله المُجْمِر قال: رأيت أبا هريرة يتوضأ، فغسل وجهه فأسبغ الوضوء، ثم غسل يده اليمنى حتَّى أشرع في العَضُد، ثم يده اليسرى حتَّى أشرع في العَضُد، ثم مسح رأسه، ثم غسل رِجله اليُمنى حتَّى أشرع في الساق، ثم غسل رجله اليُسرى حتَّى أشرع في الساق، ثم قال: هكذا رأيتُ رسول الله ﷺ يتوضأ، ثم قال، فذكره.
وفي رواية سعيد بن أبي هلال، عن نعيم بن عبد الله: فغسل وجهه ويديه حتَّى كاد يبلُغ المنكبين.
ولكن أبدى نُعيم بن عبد الله الشك في قوله: «من استطاع أن يُطيل غرته فليفعل» من قول رسول الله ﷺ أو من قول أبي هريرة.
رواه الإمام أحمد (٨٤١٣ و١٠٧٧٨) من طريق فُلَيح بن سليمان، عنه.
وقال الحافظ في الفتح (١/ ٢٣٦): «ولم أر هذه الجملة في رواية أحد ممن روى هذا الحديث من الصحابة وهم عشرة، ولا ممن رواه عن أبي هريرة غير رواية نُعيم هذه».
وقال الحافظ المنذريّ في الترغيب والترهيب (٢٨٦): «وقد قيل: إنّ قوله: «من استطاع ... إلخ«إنما هو مدرج من كلام أبي هريرة موقوف عليه، ذكره غير واحد من الحفّاظ، والله أعلم».
وذكر نحوه الحافظ ابن القيم في حادي الأرواح (١/ ٣١٦)، ثم نقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنه كان يقول: «هذه اللّفظة لا يمكن أن تكون من كلام رسول الله ﷺ، فإنّ الغرّة لا تكون في اليد، لا تكون إلّا في الوجه، وإطالتُه غير ممكنة، إذ تدخل في الرأس فلا تسمّى تلك غرّة» اهـ.
ولكن اختيار الشيخين رواية سعيد بن أبي هلال، عن نُعيم بن عبد الله دليل على صحة هذه الزيادة عندهما، وتابعه على ذلك عُمارة بن غَزِيَّة الأنصاري عند مسلم، ورواه الإمام أحمد (٢/ ٣٦٢) من طريق ليث بن أبي سُليم، عن كعب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «أنتم الغر المحجَّلُون يوم القيامة من آثار الوضوء والطهور، فمن استطاع منكم أن يُطيل غُرَّتَه فليفعل» إلَّا أن ليث بن أبي سليم ضعيف وكعب هو: أبو عامر المديني فإنه لم يوثقه إلَّا ابن حبان ورواه الطبراني في «الأوسط» من طريق ابن الحُوَيْرِث، عن نعيم بدون شك.
ونُعيم نفسه تردد فروى مرة باليقين، وأُخرى بالشك، فيؤخذ بقول مَن روى عنه باليقين وهم سعيد بن أبي هلال، وعُمارة بن غَزِيَّة، وليث بن سليم، وابن الحُوَيْرِث.
وعليه فإن صحّت هذه الزّيادة، فالغرّة يحتاج إلى تأويل فراجع في ذلك ما ذكره الحافظ في الفتح.
وقوله في الحديث (غُرًّا مُحَجَّلين) الغُرّة والتحجيل: بياض في وجه الفرس وقوائمه، وذلك مما يحسنه ويزيّنه، فاستعاره للإنسان، وجعل أثر الوضوء في الوجه واليدين والرجلين، كالبياض الذي هو للفرس، ولذلك قال بإسباغ الوضوء؛ فإنه يزيد التحجيل ويطيله.
وتطويل الغرة والتحجيل المقصود منه القدر الزائد على الجزء الذي يجب غسله.
قال ابن القيم في زاد المعاد ١/ ١٩٦: «وأما حديث أبي هريرة في صفة وضوء النبيّ ﷺ أنه غسل يديه حتى أشرع في السّاقين، فهو إنّما يدل على إدخال المرفقين والكعبين في الوضوء، ولا يدل على مسألة الإطالة».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 30 من أصل 155 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل

  • 📜 حديث: من استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب