حديث: عليكم هديا قاصدا فإنه من يشاد هذا الدين يغلبه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الاقتصاد في العبادة والأمور كلها

عن بريدة الأسلمي قال: خرجت يوما أمشي فرأيت رسول اللَّه ﷺ، فظننته يريد حاجة، فعارضته حتى رآني فأرسل إلي، فأتيته فأخذ بيدي، فانطلقنا نمشي جميعا، فإذا رجل بين أيدينا يصلي يكثر الركوع والسجود، فقال رسول اللَّه ﷺ: «تراه مرائيا؟» قلت: اللَّه ورسوله أعلم، فأرسل يدي، فقال: «عليكم هديا قاصدًا، فإنه من يشاد هذا الدين يغلبه»

حسن: رواه أحمد (١٩٧٨٩)، والبيهقي في الشعب (٣٦٠٠) واللفظ له، وصحّحه ابن خزيمة (١١٧٩)، والحاكم (١/ ٣١٢) كلهم من طريق عُيينة بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن بريدة، فذكره.

عن بريدة الأسلمي قال: خرجت يوما أمشي فرأيت رسول اللَّه ﷺ، فظننته يريد حاجة، فعارضته حتى رآني فأرسل إلي، فأتيته فأخذ بيدي، فانطلقنا نمشي جميعا، فإذا رجل بين أيدينا يصلي يكثر الركوع والسجود، فقال رسول اللَّه ﷺ: «تراه مرائيا؟» قلت: اللَّه ورسوله أعلم، فأرسل يدي، فقال: «عليكم هديا قاصدًا، فإنه من يشاد هذا الدين يغلبه»

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحًا وافيًا، مستندًا إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

نص الحديث:


عن الصحابي الجليل بريدة الأسلمي رضي الله عنه قال: خرجت يوما أمشي فرأيت رسول اللَّه ﷺ، فظننته يريد حاجة، فعارضته حتى رآني فأرسل إلي، فأتيته فأخذ بيدي، فانطلقنا نمشي جميعا، فإذا رجل بين أيدينا يصلي يكثر الركوع والسجود، فقال رسول اللَّه ﷺ: «تراه مرائيا؟» قلت: اللَّه ورسوله أعلم، فأرسل يدي، فقال: «عليكم هديا قاصدًا، فإنه من يشاد هذا الدين يغلبه».


1. شرح المفردات:


* عارضته: أي قصدت طريقه وقطعته لألتقي به.
* يُكثر الركوع والسجود: أي يطيل ويبالغ في عدد الركعات أو في طول الركوع والسجود في صلاته النافلة، بشكل يتجاوز المعتاد.
* مُرائياً؟: المرائي هو الذي يعمل العمل لا لله تعالى، وإنما ليراه الناس فيمدحوه ويُثنوا عليه.
* أرسل يدي: أي أطلق يدي التي كان ممسكًا بها.
* عليكم هدياً قاصداً: الهدي هنا الطريقة والمنهج. وقاصداً: أي وسطًا معتدلاً لا إفراط فيه ولا تفريط.
* من يُشَاد هذا الدين: المشادة من المشقة والمغالبة. أي من يتعامل مع الدين بعنف وشدة ومبالغة ويتحمله فوق طاقته.
* يغلبه: أي يعجز ويُهزم ولا يستطيع الاستمرار، فينقطع عن العمل بالكلية.


2. شرح الحديث:


يُصور لنا هذا الحديث المشهد النبوي الرائع بأسلوبه القصصي، حيث يخرج الصحابي بريدة رضي الله عنه فيرى النبي صلى الله عليه وسلم، فيظن أنه يحتاج إلى من يساعده في حاجة، فيسرع لخدمته. فيأخذ النبي بيده تكريمًا له وتأليفًا لقلبه، ويمشيا معًا.
وأثناء سيرهما، يريان رجلاً منافقًا أو جاهلاً (والأظهر أنه منافق) يصلي صلاة نافلة ويبالغ فيها إطالةً وزيادةً في عدد الركوع والسجود، بشكل ملفت للنظر ومخالف للهدي النبوي في القصد والاعتدال.
فيسأل النبي صلى الله عليه وسلم تلميذه بريدة سؤالاً تعليميًا: «أترى هذا الرجل يعمل هذا العمل لوجه الله أم ليراه الناس فيُثنوا عليه (أي مرائي)؟». فيجيب بريدة بأدب جمٍّ وحكمة: «الله ورسوله أعلم»، فهو لا يجزم بحكم على نيَّة الإنسان، فهي مما استأثر الله بعلمه.
عند هذه الإجابة الحكيمة، يترك النبي صلى الله عليه وسلم يد بريدة، وهو إشارة إلى التركيز على أهمية الكلمة التي سيقولها، ثم يعلِّم أصحابه والأمة من بعدهم درسًا عظيمًا في منهجية التعامل مع الدين، فيقول: «عليكم هديا قاصدًا، فإنه من يشاد هذا الدين يغلبه».
أي: الزموا الطريقة الوسط المعتدلة في عبادتكم وأعمالكم، التي لا كسل فيها ولا إفراط، بل هي الصفة التي وصف الله بها الأمة في قوله: {وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143]. لأن من يتعامل مع الدين بشدة وعنف ومبالغة، محاولاً أن يأخذ بأقصى ما يمكن من العبادة دون تدرج وحكمة، فإن الدين سينتصر عليه ويغلبه، فينقطع ويُعجز، ولا يستطيع المداومة، فيخسر أجر المداومة على العمل ويهلك نفسه.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- الاعتدال والوسطية في الدين: هذا الحديث أصل عظيم من أصول الشريعة، يدعو إلى التوسط والاعتدال في العبادة، والبعد عن الغلو والتطرف الذي يؤدي إلى الهلاك والملل. فخير الأعمال أدومها وإن قلّ.
2- التدرج في العبادة: على المسلم أن يتدرج في الطاعة، فلا يبدأ بأقصى الجهد ثم ينقطع، بل يبدأ بما يطيق ويستمر عليه.
3- ذم الرياء والتحذير منه: الحديث يشير إلى ذم الرياء وعظم خطره، فهو من الشرك الأصغر الذي يحبط العمل.
4- أدب المتعلم مع المعلم: يتجلى في رد بريدة رضي الله عنه «الله ورسوله أعلم»، وهو أدب ينبغي أن يتحلى به طالب العلم، فلا يجزم بما لا يعلم، ويرد العلم إلى أهله.
5- الحكمة في التعليم النبوي: استخدم النبي صلى الله عليه وسلم أسلوب المشاهدة والحوار والموقف العملي ليثبت المعلومة في ذهن الصحابي، وهي من أنجع طرق التعليم.
6- التثبت وعدم الحكم على النيات: لا يجوز للمسلم أن يتهم أحدًا في نيته أو يحكم عليه بالرياء من مجرد مشاهدة عمل، فالنيات أمرها إلى الله.


4. معلومات إضافية:


* مصدر الحديث: أخرجه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وصححه الألباني.
* الهدي القاصد في حياة النبي: كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العبادة هديًا قاصدًا معتدلاً، فكان يحب ما خفف على أمته، وكان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، ولكن كان يطيل فيها القراءة والركوع والسجود، دون مبالغة أو إسراف. وكان
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (١٩٧٨٩)، والبيهقي في الشعب (٣٦٠٠) واللفظ له، وصحّحه ابن خزيمة (١١٧٩)، والحاكم (١/ ٣١٢) كلهم من طريق عُيينة بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن بريدة، فذكره.
وإسناده حسن من أجل عيينة بن عبد الرحمن بن جوشن الغطفاني، قال فيه أحمد وابن معين: «ليس به بأس»، ووثّقه النسائي.
وكان يزيد بن هارون شيخ أحمد يروي عن عيينة بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي برزة الأسلمي في بغداد، والمحفوظ أنه من مسند بريدة الأسلمي رضي الله عنه.
وأما ما رُويَ عن ابن الأدرع قال: كنت أحرس النبي ﷺ ذات ليلة، فخرج لبعض حاجته، قال: فرآني، فأخذ بيدي، فانطلقنا، فمررنا على رجل يصلي يجهر بالقرآن، فقال النبي ﷺ: «عسى أن يكون مرائيا» قال: قلت: يا رسول اللَّه يصلي يجهر بالقرآن، قال: فرفض يدي، ثم قال: «إنكم
لن تنالوا هذا الأمر بالمغالبة» فهو ضعيف.
رواه أحمد (١٨٩٧١) عن وكيع، أخبرنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن ابن الأدرع قال: فذكره في حديث طويل.
وهشام بن سعد ضعّفه جمهور أهل العلم، ولكن قال أبو حاتم: «يكتب حديثه» يعني عند المتابعة.
والمبالغة في شيء دليل الرياء، ولهذا نهى عنه.
وجاء في الأثر عن مطرف قال لابنه عبد اللَّه: العلم أفضل من العمل، والحسنة بين السيئتين، وخير الأمور أوسطها، وشرّ السير الحقحقة.
ذكره أبو عبيد في غريب الحديث (٤/ ٣٨٨)، ومن طريقه البيهقي في شعب الإيمان (٣٦٠٥).
قال أبو عبيد: قوله: «الحسنة بين السيئتين» أي أن الغلو في العمل سيئة، والتقصير عنه سيئة، والحسنة بينهما وهو القصد.
والحقحقة -هو المتعب من السير- وقيل: هو أن تُحمل الدابة على ما لا تطيقه، وفيه إشارة إلى الرفق في العبادة وعدم الغلو فيها.
ورواه البيهقي في الشعب من وجه آخر مرفوعا ولا يصح.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 227 من أصل 227 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: عليكم هديا قاصدا فإنه من يشاد هذا الدين يغلبه

  • 📜 حديث: عليكم هديا قاصدا فإنه من يشاد هذا الدين يغلبه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: عليكم هديا قاصدا فإنه من يشاد هذا الدين يغلبه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: عليكم هديا قاصدا فإنه من يشاد هذا الدين يغلبه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: عليكم هديا قاصدا فإنه من يشاد هذا الدين يغلبه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب