حديث: الإقعاء على القدمين هي السنة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب القعود على العقبين بين السجدتين وهو الإقعاء المباح

عن أبي الزبير أنه سمع طاوسًا يقول: قلنا لابن عباس في الإقعاء على القدمين؟ فقال: هي السنَّة، فقلنا له: إنا لنراه جفاءً بالرجُلِ فقال ابن عباس: بل هي سنة نبيك محمد ﷺ.

صحيح: أخرجه مسلم في المساجد (٥٣٦) عن إسحاق بن إبراهيم، أنبا محمد بن بكر، أنبأ ابن جريج، أخبرني أبو الزبير فذكر الحديث.

عن أبي الزبير أنه سمع طاوسًا يقول: قلنا لابن عباس في الإقعاء على القدمين؟ فقال: هي السنَّة، فقلنا له: إنا لنراه جفاءً بالرجُلِ فقال ابن عباس: بل هي سنة نبيك محمد ﷺ.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يزيدنا وإياك فهماً لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
هذا الحديث الذي ذكر يرويه الإمام مسلم في صحيحه، وهو حديث عظيم يتعلق بصفة من صفات الصلاة، وسأشرحه لك بطريقة منظمة وواضحة كما طلبت.
### أولاً. نص الحديث ومصدره
الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي الزبير أنه سمع طاوساً يقول: "قلنا لابن عباس في الإقعاء على القدمين؟ فقال: هي السنة. فقلنا له: إنا لنراه جفاءً بالرجل. فقال ابن عباس: بل هي سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم".
### ثانياً. شرح المفردات
● الإقعاء: هو أن يلصق أليتيه (مقعدته) بالأرض، وينصب ساقيه، ويجلس على عقبيه (كعبيه). وهو هيئة معينة في الجلوس في الصلاة.
● السنَّة: المراد هنا الطريقة والهدي الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته.
● جفاءً بالرجل: الجفاء يعني القسوة والغلظة. أي أنهم رأوا أن هذه الهيئة في الجلوس فيها نوع من القسوة على الرجل ومشقة عليه.
### ثالثاً. المعنى الإجمالي للحديث
يخبرنا الصحابي الجليل طاوس (وهو من كبار التابعين) أنه هو ومن معه سألوا ابن عباس رضي الله عنهما عن حكم "الإقعاء" في الصلاة، وهو طريقة معينة في الجلوس. فأجابهم ابن عباس بأن هذه الهيئة هي "السنة"، أي من هدي النبي صلى الله عليه وسلم. فاعترض السائلون وقالوا: إنا نرى هذه الجلسة فيها مشقة وقسوة على المصلي. فرد عليهم ابن عباس مؤكداً بقوة: "بل هي سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم"، أي ليست مجرد رأي مني، بل هي هدي النبي الذي لا ينطق عن الهوى.
### رابعاً. الدروس المستفادة والعبر
1- وجوب اتباع السنة النبوية: الموقف يعلمنا أن حكم الشرع هو الفيصل، حتى لو خالف رأينا الشخصي أو ظننا المشقة. فقولة ابن عباس "بل هي سنة نبيك" تذكير بأن الأصل هو الاتباع لا الابتداع.
2- فقه ابن عباس ودقته: كان ابن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن، وهو يرد على من أنكر هذه الهيئة بتأكيد أنها سنة، مما يدل على حفظه الدقيق لهدي النبي صلى الله عليه وسلم.
3- الحرص على تطبيق الصلاة كما صلى النبي: الحديث يدل على حرص السلف على معرفة صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم والتأكد من كل هيئة فيها.
4- أن الإقعاء في الصلاة سنة في مواضع معينة: ذهب جمهور العلماء (من الحنابلة والشافعية وغيرهم) إلى أن الإقعاء المذكور في الحديث هو من سنن الصلاة، لكنه ليس في جميع الجلسات، بل بين السجدتين وفي جلسة الاستراحة (عند من يقول بها). وهو أن يجلس على عقبيه ناصباً ساقيه.
5- الفرق بين الإقعاء المشروع والمنهي عنه: هناك نوع من الإقعاء يكون منكباً فيه على الأرض، وهذا منهي عنه. أما الإقعاء المشروع فهو ما بين السجدتين بأن ينتصب على قدميه ويفترش أليتيه عليها.

خامساً:

معلومات إضافية مفيدة
● حكم الإقعاء: سنة عند الجمهور، وليس بواجب. فلو تركه المصلي فصلاته صحيحة، لكنه ترك سنة من سنن الصلاة.
● موضعه: يكون بين السجدتين، حيث يستريح المصلي بهذه الهيئة قليلاً قبل النهوض للسجدة الثانية.
● الحكمة منه: فيه استراحة للبدن، وإعداد للنهوض للسجود بنشاط، وهو من تمام الخشوع والطمأنينة في الصلاة.
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا، وأن يجعلنا من المتبعين لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

أخرجه مسلم في المساجد (٥٣٦) عن إسحاق بن إبراهيم، أنبا محمد بن بكر، أنبأ ابن جريج، أخبرني أبو الزبير فذكر الحديث.
اختلف أهل العلم في حكم الإقعاء وتفسيره؛ فإن كان تفسيره أن يجعل أليتيه على عقبيه بين السجدتين، وهو المراد به في حديث ابن عباس فهو مستحبة عند الشافعي، وبه قال أكثر أهل الحديث.
وقد ثبت ذلك عن العبادلة، قال الأعمش، عن عطية: رأيتُ العبادلة يقعون في الصلاة بين السجدتين، يعني عبد الله بن الزبير، وابن عمر، وابن عباس. رواه ابن أبي شيبة (١/ ٢٨٥، ٢٨٦) عن أبي معاوية، عن الأعمش. وكذلك رواه أيضًا طاوس، قال معاوية بن خديج: رأيتُ طاوسًا يقعي، فقلتُ: رأيتك تقعي؟ فقال: ما رأيتني أقعي، ولكنها الصلاة. رأيت العبادلة الثلاثة يفعلون ذلك؟ عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، رواه البيهقي (٢/ ١١٩) من طريق سفيان، ثنا أبو زهير معاوية بن خليج فذكر مثله.
قال البيهقي: فهذا الإقعاء المرخص فيه، أو المسنون على ما روينا عن ابن عباس وابن عمر، وهو أن بضع أطراف أصابع رجليه على الأرض، ويضع ألْيتيه على عقبيه، ويضع ركبتيه على الأرض».
قال الترمذي (٢٨٣) بعد ما روى حديث ابن عباس: وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث من أصحاب النبي ﷺ يرون بأسًا بالإقعاء. وهو قول بعض أهل مكة من أهل العلم
والفقه». انتهى.
وقال المازري في «المعلم» (١/ ٢٧٤): وقد روي عن النبي ﷺ أنه كان يُصلي مُقْعِيًا، قال ابن شُميل: الإقعاء أن يجلس على وركيه، وهو الاحتفاز والاستيفاز.
وقال المازري أيضًا: حكى الثعالبي في أشكال الجلوس عن الأئمة: أن الإنسان إذا ألصق عَقِبيه بأليتيه قيل: أقعى، وإذا استوفز في جلوسه، كأنه يريد أن يثور للقيام، قيل: احتفز واقعنفز، أو قعد القَعْفَزي، فإذا ألصق أليتيه بالأرض، وتوسط سناقيه قيل: قرطس. انتهى.
قال الأعظمي: ولا منافاة بين هذا الإقعاء الذي ذكره ابن عباس، وفسره ابن شُميل وغيره من أهل اللغة وبين الاقتراش الذي ورد في حديث أبي حُميد وغيره فإنها كلها سنة، وقد قال به أهل العلم والفقه من أهل مكة، ويظهر منه أن النبي ﷺ كان يفعل تارة هذه، وتارة هذه. فلا حاجة إلى تأويل بأن ذلك كان لأجل عذر من مرض وغيره.
وأما إن فسرنا الإقعاء بأن يُلصق ألْيتيه بالأرض، وينصبَ ساقيه، ويضعَ يديه على الأرض كإقعاء الكلب والقرد كما قال الهروي وغيره من أهل اللغة، فهذا الذي ورد النهي في الأحاديث، وإن كان أسانيدها ضعيفة مثل حديث علي بن أبي طالب قال: قال لي رسول الله ﷺ: «يا علي أحب لك ما أحب لنفسي، وأكره لك ما أكره لنفسي، لا تُقْعِ بين السجدتين».
رواه الترمذي (٢٨٢) عن عبد الله بن عبد الرحمن، أخبرنا عبيد الله بن موسى، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي بن أبي طالب فذكره، قال الترمذي: «هذا حديث لا نعرفه من حديث علي إلا من حديث أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي. وقال: وقد ضعَّف بعض أهل العلم الحارث الأعور». انتهى
قال الأعظمي: الحارث الأعور مع ضعفه عند أهل العلم فيه أيضًا أبو إسحاق السبيعي وهو مدلس قد عنعن.
ومثل حديث أبي هريرة قال: «أمرني خليلي بثلاث، ونهاني عن ثلاث، أمرني بركعتي الضحى، وصوم ثلاثة أيام من الشهر، والوتر قبل النوم، ونهاني عن ثلاثة: عن الالتفات في الصلاة كالتفات الثعلب، وإقعاء كإقعاء القرد، ونقر كنقر الديك»، روي عن أبي هريرة من طريقين: أحدهما من طريق ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن أبي هريرة، ومن طريقه رواه البيهقي (٢/ ١٢٠)، ورواه ابن أبي شيبة (١/ ٢٨٥) عن علي بن مسهر، عن ليث به مكتفيا بقوله: «نهاني خليلي أن أقعي كإقعاء القرد».
ورواه الإمام أحمد (١٠٤٥٠، ١٠٤٨٣) عن طريقين، عن ليث به إلا أنه اكتفى بذكر الشطر الأول من الحديث، ولم يذكر الشطر الثاني، وإن الشطر الأول جاء من طرق صحيحة، وسيأتي في صلاتي الضُّحى والوتر.
والطريق الثاني ما رواه أبو داود الطيالسي (٢٧١٦) قال: حدثنا أبو عوانة، عن يزيد بن أبي
زياد، عمن سمع أبا هريرة يقول فذكر الحديث بطوله.
ورواه الإمام أحمد (٧٥٩٥) عن محمد بن فُضيل، حدثنا يزيد بن أبي زياد به، وفيه علتان: إحداهما زياد بن أبي زياد فإنه ضعيف، والثانية: جهالة الراوي عن أبي هريرة، وقد سماه شريك في رواية عن يزيد بن أبي زياد بأنه مجاهد، رواه الإمام أحمد (٨١٠٦) عن يحيى بن آدم، حدثنا شريك به، وشريك وشيخه ضعيفان.
وفي هذا المعنى أحاديث أخرى غير ما ذكرتُ وكلها ضعيفة وأكد بذلك النووي وغيره، انظر للمزيد «السنن الكبري» (١/ ١٢٠).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 367 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الإقعاء على القدمين هي السنة

  • 📜 حديث: الإقعاء على القدمين هي السنة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الإقعاء على القدمين هي السنة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الإقعاء على القدمين هي السنة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الإقعاء على القدمين هي السنة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب