افتقدت النبي ﷺ ذات ليلة فظننت أنه ذهب إلى بعض نسائه

حديث: افتقدت النبي ﷺ ذات ليلة فظننت أنه ذهب إلى بعض نسائه

عن عائشة قالت: افتقدتُ النبي ﷺ ذات ليلة، فظننتُ أنه ذهب إلى بعض نسائه، فتحسَّسْتُ ثم رجعتُ فإذا هو راكع، أو ساجد يقول: سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت».
فقلت: بأبي أنت وأمي! إني لفي شأن، وإنك لفي آخر.

صحيح: رواه مسلم في الصلاة (٤٨٥) من طريق عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج قال: قلت
العطاء: كيف تقول أنت في الركوع؟ قال: أَّما سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم رواه الإمام مسلم في صحيحه، وفيه دروس وعبر جليلة. وإليك الشرح المفصل له:

نص الحديث:

عن عائشة رضي الله عنها قالت: افتقدتُ النبي ﷺ ذات ليلة، فظننتُ أنه ذهب إلى بعض نسائه، فتحسَّسْتُ ثم رجعتُ فإذا هو راكع، أو ساجد يقول: «سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ». فقلت: بأبي أنت وأمي! إني لفي شأن، وإنك لفي آخر.

1. شرح المفردات:

● افْتَقَدْتُ: فَقَدْتُهُ واشتقت إليه، وأردت معرفة مكانه.
● ذَات لَيْلَة: في ليلة من الليالي.
● تَحَسَّسْتُ: بحثت عنه بتأنٍ ورفق، بيدي أو بنظري.
● رَاكِع أَو سَاجِد: يشير إلى أنه ﷺ كان منشغلاً بالصلاة، إما في حالة ركوع أو سجود.
● سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ: تنزيه لله تعالى مع الثناء عليه. (سُبْحَانَكَ: أُنَزِّهُكَ، وَبِحَمْدِكَ: وأثني عليك ثناءً مقرونًا بتعظيمك).
● لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ: نفي لوجود معبود بحق سوى الله تعالى، وهو قول التوحيد الخالص.
● بأبي أنت وأمي: كلمة تعظيم وتفدية، أي أبي وأمي فداء لك.
● إني لفي شأن، وإنك لفي آخَر: أي أنا مشغولة بأمور الدنيا وحظوظ النفس، وأنت يا رسول الله مشغول بالطاعة والعبادة والمناجاة.

2. المعنى الإجمالي للحديث:

يخبرنا هذا الحديث عن حرص السيدة عائشة رضي الله عنها على النبي ﷺ وملازمتها له، حتى إنها افتقدته في ليلة من الليالي فظنت أنه ذهب إلى بعض زوجاته الأخريات، فذهبت تبحث عنه برفق، ثم عادت إلى مكانها فوجدته ﷺ منشغلاً في الصلاة يركع أو يسجد، وهو يردد ذكراً عظيماً يمجّد فيه ربه وينزهه ويوحده. فلما رأته على هذه الحال من الخشوع والعبادة، تعجبت من علو همته وانشغاله بالآخرة، معترفة بأن شأنها الدنيوي لا يقارن بشأنه الأخروي الروحاني.

3. الدروس المستفادة والعبر:

1- علو همة النبي ﷺ في العبادة: فقد كان ﷺ يقوم الليل ويذكر الله حتى في أوقات راحته، مما يدل على شدة عبادة النبي ﷺ ومدى قربه من ربه.
2- استغلال أوقات الليل في الطاعة: الليل وقت السكن والهدوء، وهو من أفضل الأوقات للمناجاة والذكر والصلاة، كما قال تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا}.
3- فضل الذكر المذكور في الحديث: «سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ». هذا الذكر يجمع بين التنزيه (التسبيح) والحمد (الثناء) والتوحيد (الإخلاص). وهو من أخصر وأجمع الأدعية.
4- أدب الزوجة مع زوجها: حيث نرى أدب السيدة عائشة رضي الله عنها وحسن ظنها بالنبي ﷺ، وحرصها عليه، ثم تعظيمها له عندما رأته في حال العبادة.
5- الإقرار بالتفاضل في القرب من الله: اعتراف السيدة عائشة رضي الله عنها بأن شأن النبي ﷺ (العبادة والطاعة) أعلى وأرفع من شأنها وشأن غيرها، وهو درس في التواضع وعدم الرضا عن النفس.
6- الاستغفار والذكر في الركوع والسجود: يستحب الإكثار من الذكر والدعاء في هذين الموضعين، لقوله ﷺ: «أَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ».

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الذكر العظيم («سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ») يُعرف بـ "كلمات الإخلاص" أو "تسبيح التعظيم"، وقد ورد في أحاديث أخرى فضل عظيم له.
- الحديث يدل على أن بيت النبي ﷺ كان مثالاً للعبادة والذكر، وليس مجرد مكان للمعيشة الدنيوية.
- فيه إشارة إلى أن انشغال القلب بالله والآخرة هو الشأن الجليل، مقابل انشغال القلب بالدنيا وهو الشأن الحقير.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذاكرين الشاكرين، ويوفقنا لطاعته وعبادته على الوجه الذي يرضيه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الصلاة (٤٨٥) من طريق عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج قال: قلت
العطاء: كيف تقول أنت في الركوع؟ قال: أَّما سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت. فأخبرني ابن أبي
مليكة، عن عائشة قالت ... فذكرتِ الحديث.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 383 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: افتقدت النبي ﷺ ذات ليلة فظننت أنه ذهب إلى بعض نسائه

📜 حديث: افتقدت النبي ﷺ ذات ليلة فظننت أنه ذهب إلى بعض نسائه

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: افتقدت النبي ﷺ ذات ليلة فظننت أنه ذهب إلى بعض نسائه

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: افتقدت النبي ﷺ ذات ليلة فظننت أنه ذهب إلى بعض نسائه

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: افتقدت النبي ﷺ ذات ليلة فظننت أنه ذهب إلى بعض نسائه

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية