حديث: اللهم اغفر لي

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما يقال في الركوع والسجود

عن عائشة قالت: كان النبي ﷺ يُكْثِرُ أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي» يتأوَّلُ القرآن.

متفق عليه: رواه البخاري في التفسير (٤٩٦٨)، ومسلم في الصلاة (٤٨٤) كلاهما من طريق جرير، عن منصور، عن أبي الضُّحى، عن مسروق، عن عائشة فذكرت الحديث.

عن عائشة قالت: كان النبي ﷺ يُكْثِرُ أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي» يتأوَّلُ القرآن.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحاً وافياً مستنداً إلى كلام أهل العلم المعتبرين:

الحديث:


عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ أن يقول في ركوعه وسجوده: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي» يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ.
مصدر الحديث: أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 794)، والإمام مسلم في صحيحه (رقم 484).


1. شرح المفردات:


* يُكْثِرُ: يدل على المداومة والمواظبة على هذا الذكر، وليس مجرد الفعل مرة واحدة.
* رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: هما من أركان الصلاة الأساسية، مما يدل على أن هذا الذكر يُقال خلال الصلاة.
* سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ: (سبحانك) تعني تنزيهك وتقديسك عن كل نقص وعيب. (اللهم) هي أداة نداء.
* رَبَّنَا: أي يا ربنا وخالقنا ومالك أمرنا.
* وَبِحَمْدِكَ: (الباء) هنا للمقارنة، أي أن تنزيهي لك مقترن بالحمد والثناء علىك. أو بمعنى: أسبحك حامداً لك.
* اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي: دعاء بالاستغفار وطلب المغفرة من الله تعالى.
* يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ: أي يطبق ويتبع أمر القرآن. فالتأويل هنا بمعنى التفسير العملي والامتثال للأمر القرآني.


2. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبرنا هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يواظب ويُديم في حال ركوعه وسجوده في الصلاة على قول: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي». وكان هذا الفعل منه صلى الله عليه وسلم تطبيقاً عملياً وتفسيراً لأمر الله تعالى في القرآن الكريم.
والمراد بقول عائشة "يتأول القرآن" أنه صلى الله عليه وسلم كان يعمل بموجب الآية الكريمة في سورة النصر: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}. فجمع في هذا الذكر بين التسبيح المقترن بالحمد، والاستغفار، امتثالاً لهذا الأمر الإلهي.


3. الدروس المستفادة والفَوائد:


1- استحباب الإكثار من هذا الذكر في الركوع والسجود: فهو سنة نبوية ثابتة، وفيها جمع بين التمجيد والتعظيم لله تعالى (بالتسبيح والحمد) والتذلل والانكسار بين يديه (بالاستغفار). والركوع والسجود هما موضعا الخضوع والذل لله، فكان هذا الذكر مناسباً جداً لمقام العبودية.
2- التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم: فالمسلم مأمور باتباع النبي صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله، خاصة في الصلاة التي هي عماد الدين.
3- الجمع بين الثناء على الله والدعاء: علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أدب الدعاء، حيث بدأ بالثناء على الله وتنزيهه وحمده قبل أن يشرع في سؤاله المغفرة. وهذا من أسباب إجابة الدعاء.
4- حقيقة التوحيد والعبودية: ففي هذا الذكر اعتراف لله بالربوبية ("ربنا")، وتنزيه له عن النقائص ("سبحانك")، واعتراف له بالنعم ("بحمدك")، واعتراف العبد بذنبه واحتياجه لمغفرة ربه ("اغفر لي").
5- الاستغفار في الصلاة: الصلاة هي أفضل مقام يتوسل فيه العبد إلى ربه، والاستغفار فيها له شأن عظيم، خاصة في السجود الذي هو أقرب ما يكون العبد من ربه.
6- الربط بين السنة والقرآن: بيان أن السنة النبوية هي التطبيق العملي للقرآن، وهي التي تفسره وتبينه. فقول النبي صلى الله عليه وسلم هذا الذكر هو تفسير قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ}.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الذكر ليس واجباً بل هو سنة مستحبة، فمن تركه فصلاته صحيحة، لكنه فوت على نفسه أجراً عظيماً وفضلاً كبيراً.
* يجوز للمصلي أن يزيد على هذا الذكر بأدعية أخرى وأذكار ثابتة في الركوع والسجود، مثل: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ» في الركوع، و«سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى» في السجود.
* يستحب تكرار هذا الذكر والمداومة عليه في كل ركعة، امتثالاً لهدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يكثر منه.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في التفسير (٤٩٦٨)، ومسلم في الصلاة (٤٨٤) كلاهما من طريق جرير، عن منصور، عن أبي الضُّحى، عن مسروق، عن عائشة فذكرت الحديث.
وقوله: يتأول القرآن - فيه إشارة إلى قوله تعالى: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ
النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (٣)﴾ [سورة النصر].
ففي صحيح البخاري (٤٩٦٧) من طريق الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عائشة قالت: ما صلَّى النبي ﷺ صلاة بعد أن نزلت عليه: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ إلا يقول فيها: «سبحانك ربَّنا وبحمدك اللهم اغفر لي».
وفي مسلم: ما رأيتُ النّبيَّ ﷺ منذ نزل عليه: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ يُصَلِّي صلاة إلا دعا، أو قال فيها: «سبحانك ربي وبحمدك اللهم اغفر لي» رواه من طريق الأعمش به، ورواه من طريق داود، عن عامر، عن مسروق، عن عائشة قالت: كان رسول الله ﷺ يُكْثِرُ من قول: «سبحان الله وبحمده، وأستغفرُ الله وأتوبُ إليه» قالت: فقلت: يا رسول الله! أراك تُكْثِرُ من قول «سبحان الله وبحمده أستغفرُ الله وأتوبُ إليه» فقال: «خَبَّرني ربي أني سأَرَى علامةً في أمَّتي، فإذا رأيتُها أكثرتُ من قول: سبحان الله وبحمده أستغفر الله أتوبُ إليه، فقد رأتُيها. ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ فتحُ مكة ﴿وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (٣)».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 382 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اللهم اغفر لي

  • 📜 حديث: اللهم اغفر لي

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: اللهم اغفر لي

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: اللهم اغفر لي

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: اللهم اغفر لي

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب