حديث: هلا أذكرتنيها

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في الفتح على الإمام

عن المسوَّر بن يزيد الأسدي قال: شهدتُ رسول الله ﷺ يقرأ في الصلاة، فترك شيئًا لم يقرأه، فقال له رجل: يا رسول الله! تركت آية كذا وكذا. فقال رسولُ الله ﷺ: «هلا أذكرتنيها».

حسن: إسناده جيد رواه أبو داود (٩٠٧) قال: حدّثنا محمد بن العلاء وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، قالا: أخبرنا مروان بن معاوية، عن يحيى الكاهلي، عن المسور بن يزيد المالكي فذكر الحديث.

عن المسوَّر بن يزيد الأسدي قال: شهدتُ رسول الله ﷺ يقرأ في الصلاة، فترك شيئًا لم يقرأه، فقال له رجل: يا رسول الله! تركت آية كذا وكذا. فقال رسولُ الله ﷺ: «هلا أذكرتنيها».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فسأقوم بشرح هذا الحديث الشريف شرحاً وافياً مستنداً إلى كلام أهل العلم المعتبرين من أهل السنة والجماعة.

نص الحديث:


عن المسوَّر بن يزيد الأسدي قال: شهدتُ رسول الله ﷺ يقرأ في الصلاة، فترك شيئًا لم يقرأه، فقال له رجل: يا رسول الله! تركت آية كذا وكذا. فقال رسولُ الله ﷺ: «هلا أذكرتنيها».


1. شرح المفردات:


● المسوَّر بن يزيد الأسدي: صحابي جليل، روى هذا الحديث وغيره عن النبي ﷺ.
● يقرأ في الصلاة: أي يتلو القرآن أثناء الصلاة، سواء كانت فرضاً أم نافلة.
● فترك شيئًا لم يقرأه: يعني أنه نسي آية أو جزءاً من السورة التي كان يقرؤها.
● هلا أذكرتنيها: كلمة "هلا" للتحضيض والحث على الفعل، أي: لماذا لم تذكرني بها عندما نسيتها؟


2. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبر الصحابي الجليل المسور بن يزيد أنه كان حاضراً مع النبي ﷺ في صلاة، فنسي النبي ﷺ آية معينة فلم يقرأها، فلما انتهى من الصلاة، نبهه أحد الحاضرين إلى أنه قد ترك هذه الآية، فرد عليه النبي ﷺ بقوله: «هلا أذكرتنيها» أي: لماذا لم تتنبه لي أثناء الصلاة وتذكرني بها حتى أقرأها؟


3. الدروس المستفادة والفوائد العظيمة:


1- بشريَّة النبي ﷺ: الحديث دليل واضح على أن النبي ﷺ بشر ينسى كما ينسى البشر، وهذا من كمال بشريته، وليس فيه نقصٌ لرسالته، لأن النسيان من طبيعة الإنسان. قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ} [الكهف: 110]. وكان نسيانه في العبادات وغيرها لحكم عظيمة، منها تعليم الأمة.
2- جواز تنبيه الإمام في الصلاة: الحديث أصل في مشروعية تنبيه الإمام إذا وقع في خطأ أو نسيان أثناء الصلاة، سواء كان ذلك في القراءة أو في غيره من أركان الصلاة. وهذا من التعاون على البر والتقوى.
3- كيفية التنبيه: يستفاد من قوله ﷺ: «هلا أذكرتنيها» أن التنبيه يكون أثناء الصلاة لا بعدها، حتى يتمكن الإمام من تصحيح خطئه في وقته. وكان الأولى بالرجل أن يقول: "سبحان الله" أو يصفق (للنساء) ليلتفت الإمام فيذكره.
4- التيسير على المصلين ورفع الحرج: فيه دليل على سماحة الإسلام ويسره، وأن الصلاة لا تبطل بمثل هذا النسيان، خاصة إذا تم تداركه.
5- أدب الصحابة مع النبي ﷺ: نلاحظ أدب الصحابة مع النبي ﷺ في خطابهم له بقولهم: "يا رسول الله"، مما يدل على احترامهم وتقديرهم له.
6- تواضع النبي ﷺ وعظم خلقه: حيث قبل التنبيه من أحد أصحابه ولم يعتب عليه، بل بين له ما كان ينبغي عليه فعله.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، والنسائي، وابن ماجه، وصححه عدد من أهل العلم.
- الفقهاء استدلوا بهذا الحديث على مشروعية "الاستذكار" في الصلاة، أي أن المأموم يذكر الإمام إذا نسي.
- النسيان الذي وقع من النبي ﷺ كان في الصلاة النافلة وليس الفريضة على الأرجح، كما ذكر بعض أهل العلم.
- الحديث يدل على أن القراءة في الصلاة سنّة وليست ركناً عند الجمهور، لأن النبي ﷺ لم يعِد القراءة بعدما ذكر بها، مما يعني أن الصلاة صحيحة.


الخلاصة:


هذا الحديث العظيم يعلمنا التواضع وقبول النصح، ويبين سماحة الإسلام ويسره، ويؤصل لآداب التعامل مع الأخطاء في الصلاة جماعة، كل ذلك في إطار بشريَّة النبي ﷺ الكاملة التي هي من أسس عقيدتنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

إسناده جيد رواه أبو داود (٩٠٧) قال: حدّثنا محمد بن العلاء وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، قالا: أخبرنا مروان بن معاوية، عن يحيى الكاهلي، عن المسور بن يزيد المالكي فذكر الحديث. قال سليمان في حديثه: كنت أراها نُسختْ.
وقال سليمان: قال: حدثني يحيى بن كثير الأزدي - أي قال سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي أحد شيوخ أبي داود في سنده، حدّثنا مروان بن معاوية، قال: حدّثنا يحيى بن كثير الأزدي، حدثنا المسوَّر بن يزيد الأسدي المالكي. والغرض من هذا بيان اختلاف صيغة الأداء، فإن محمد بن العلاء رواه بلفظ «عن» كما أنه ترك نسبة يحيى إلى أبيه وهو: كثير الأزدي، بينما رواه سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي بصيغة التحديث، وذكر نسبة يحيى بأنه ابن كثير الأزدي.
وصححه ابن حبان (٢٢٤٠) فرواه عن محمد بن إسحاق بن خزيمة وهو في صحيحه (١٦٤٨) قال: حدثنا محمد بن يحيى الذهلي، قال: حدّثنا الحميدي، قال: حدثنا مروان بن معاوية به مثله.
ورجاله ثقات غير يحيى الكاهلي وهو: يحيى بن كثير الكاهلي الأسدي الكوفي، روى عن مسوَّر بن يزيد الكاهلي وصالح بن حبان الفزاري، وعنه مروان بن معاوية الفزاري، قال أبو حاتم: شيخ، وذكره ابن حبان في «الثقات»، وقال ابن شاهين في «ثقاته» (١٥٢٥): روى عنه صالح بن إسحاق الجرمي فقال: كان ثقة، لا بأس به. وقال الذهبي في «الميزان»: «وُثِّق».
قال الأعظمي: فمثله يحسن حديثه إذا اعتمد بشاهد، أو حديث مرسل، أو قول صحابي وقد اجتمعت هذه المُعاضدةُ كلُّها في هذا الحديث كما سيأتي.
وأما النسائي فقال في الكاهلي إنه «ضعيف».
وعلَّق الحافظ على قول ابن شاهين: «كذا قال، وإنما روى صالح المذكور عن يحيى بن كثير
صاحب البصري، فإن كان ما قاله محفوظًا فيُشبه أن يكون روى عنهما جميعًا. لكن لم يذكر ابن أبي حاتم وابن حبان وغيرهم للكاهلي راويًا إلا مروان». انتهى. انظر: «تهذيب التهذيب (١١/ ٢٦٧).
قال الأعظمي: أما قول النسائي فيُحمل على أنه كان من المتشددين، ثم إنّ جرحه غير مفسر، ففي حال التعارض مع غيره يقدم قول المعتدلين، وأما تعليق الحافظ على قول ابن شاهين فهو مجرد احتمال.
وأما يحيى بن كثير أبو النضر صاحب البصري فهو ضعيف بلا نزاع وستأتي ترجمته بعد قليل.
ثم رواه ابن حبان من وجه آخر عن مروان بن معاوية، قال: حدّثنا يحيى بن كثير الكوفي - شيخ له قديم - قال: حدّثنا المسور بن يزيد قال: شهدتُ رسول الله ﷺ يقرأ في الصلاة فتعايَ في آية، فقال رجل: يا رسول الله! إنك تركت آية، قال: «فهلَّا أذكرتنيها؟ «قال: ظننت أنها قد نُسختْ. قال: «فإنها لم تُنسخ».
وحديث المسور بن يزيد هذا يقويه قول أنس بن مالك قال: كنا نفتحُ على الأئمة على عهد رسول الله ﷺ، رواه الحاكم في المستدرك (١/ ٢٧٦) من طريق يحيى بن غيلان وعبد الله بن بزيغ، ثنا حميد، عن أنس فذكره.
قال الحاكم: يحيى بن غيلان وعبد الله بن بزيغ التستريان ثقتان. هذا حديث صحيح وله شواهد ولم يخرجاه قال: أخبرنا علي بن حماد العدل، ثنا علي بن عبد الصمد الطيالسي، ثنا زياد بن أيوب، ثنا جارية بن هرم، ثنا حميد الطويل، عن أنس قال: كان أصحاب رسول الله ﷺ يُلقن بعضُهم بعضًا في الصلاة. انتهى.
قال الأعظمي: وحكمه الرفع، لأنه عزاه إلى عهد رسول الله ﷺ فالظاهر أنه علم بذلك ولم يُنكر على ذلك.
كما يؤيده أيضًا مرسل عروة أن النبي ﷺ ترك آية فقال النبي ﷺ: أفيكم أبيّ» فقالوا: نعم، فقال: «فما منعك أن تفتحها علي» هكذا رواه عروة مرسلًا.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 536 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: هلا أذكرتنيها

  • 📜 حديث: هلا أذكرتنيها

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: هلا أذكرتنيها

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: هلا أذكرتنيها

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: هلا أذكرتنيها

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب