حديث: يؤمنا رسول الله بالصافات

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب أمر الأئمةِ بتخفيف الصّلاة

عن عبد الله بن عمر قال: كان رسولُ ﷺ الله لا يأمر بالتخفيف، ويؤُمنا بالصّافات.

حسن: رواه النسائي (٨٢٦) عن إسماعيل بن مسعود، قال: حدثنا خالد بن الحارث، عن ابن أبي ذئب، قال: أخبرني الحارث بن عبد الرحمن، عن سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر فذكره.

عن عبد الله بن عمر قال: كان رسولُ ﷺ الله لا يأمر بالتخفيف، ويؤُمنا بالصّافات.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أهلاً وسهلاً بك أيها السائل الكريم، وأشكرك على حرصك على فهم سنة نبينا محمد ﷺ. هذا الحديث الذي ذكر هو كنز من كنوز السنة، يحمل في طياته دروساً عظيمة في قيادة الصلاة ومراعاة أحوال المأمومين.
الحديث بلفظه كاملاً:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَا يَأْمُرُ بِالتَّخْفِيفِ، وَيُؤُمُّنَا بِالصَّافَّاتِ».
(أخرجه الإمام أحمد في مسنده، وقال محققوه: إسناده صحيح).


الشرح الوافي:



# 1. شرح المفردات:


* لا يأمر بالتخفيف: أي لم يكن ﷺ يحتاج إلى أن يوصي أصحابه أو يأمرهم صراحة بأن يخففوا في الصلاة إذا أمّوا الناس. فكانت سيرته العملية كافية للتعليم.
* يؤمنا: يقودنا في الصلاة إماماً.
* بالصافات: هي السور التي تبدأ بقسم الله تعالى بها، وهي سورتان: الصافات (السورة 37) والصافات قد تطلق أيضاً على سورة الذاريات (السورة 51) لأنها تبدأ بـ "وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا * فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا * فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا * فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا" وهي صيغ قَسَمٍ مشابهة. والمقصود عموم السور الطويلة نسبياً التي فيها عِبَرٌ وعظات.

# 2. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبرنا الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن هدي النبي ﷺ في الإمامة، حيث يجمع بين أمرين عظيمين:
* الأول: أنه ﷺ كان قدوة عملية في التخفيف في الصلاة من غير حاجة إلى أن ينطق بأمر مباشر بذلك. فكانت أفعاله أبلغ من أقواله.
* الثاني: مع هذا التخفيف الذي كان هديه الدائم، فإنه كان يقرأ في الصلاة الجهرية (كالفجر والمغرب والعشاء) بسور طويلة مفيدة مثل سورة "الصافات" وما في حكمها من السور، مما يدل على أن التخفيف لا يعني التقصير أو عدم إطالة القراءة بما يناسب، بل يعني أداء الصلاة بكمال الطمأنينة والخشوع دون إطالة مملة أو تقصير مخل.

# 3. الدروس المستفادة منه:


1- القدوة العملية أبلغ من الأمر القولي: لم يكن النبي ﷺ يكتفي بالأمر بالتخفيف، بل كان يُرْوِي الظمآن بفعله قبل قوله، فكان هو المثل الأعلى في تطبيق ما يدعو إليه. وهذا من أنجح أساليب التربية والتعليم.
2- مراعاة أحوال المأمومين أصل في الإمامة: المقصود الأعلى من الإمامة إتمام الصلاة مع الخشوع، وليس إظهار مقدرة الإمام في القراءة أو الإطالة. والتخفيف هنا يعني عدم الإسراف في الطول الذي يشق على الناس، خاصة weakاءهم ومرضاهم ومن لهم حاجات.
3- التخفيف لا ينافي الإطالة النافعة: التخفيف المذموم هو الذي يخل بأركان الصلاة وطمأنينتها. أما القراءة بسور طويلة مع المحافظة على الخشوع والطمأنينة، فهي من كمال الصلاة وفضلها. الفرق بين إطالة النبي ﷺ وإطالة غيره أنه ﷺ كان يطيل حيث يكون في ذلك مصلحة (كاجتماع الناس للتعلم والعبادة) ويخف حيث تكون الحاجة إلى ذلك (كحال السفر أو وجود ضعفة في المأمومين).
4- الجمع بين حقوق الله وحقوق العباد: الصلاة حق لله يجب إقامتها على أكمل وجه، ولكن للمأمومين حقوقاً على إمامهم، منها ألا يشق عليهم. فالنبي ﷺ علمنا كيف نوفق بين هذين الحقين.
5- استحباب القراءة بالسور الطوال أحياناً: لا بأس أن يقرأ الإمام بسور طويلة في الصلاة الجهرية بين الحين والآخر، خاصة إذا علم رغبة المأمومين في ذلك وعدم المشقة عليهم، اقتداءً بالنبي ﷺ.

# 4. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الحديث هو أصل من أصول باب "قصر الصلاة من غير عجز" و"مراعاة الإمام حال من خلفه".
* جاءت أحاديث أخرى تؤكد هذا المعنى، منها قوله ﷺ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ فِيهِمْ weakاءَ وَالسَّقِيمَ وَالكَبِيرَ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ». (متفق عليه). فجمع ﷺ بين هذا القول وذلك الفعل.
* التخفيف المطلوب هو في عدم المبالغة في الإطالة، مع المحافظة على الأركان والواجبات والطمأنينة، فإذا ضاعت الطمأنينة من أجل السرعة صار ذلك تنقيصاً للصلاة.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا الفهم في الدين والاقتداء بنبينا محمد ﷺ، وأن يجعلنا ممن يقيم الصلاة على أكمل وجه. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه النسائي (٨٢٦) عن إسماعيل بن مسعود، قال: حدثنا خالد بن الحارث، عن ابن أبي ذئب، قال: أخبرني الحارث بن عبد الرحمن، عن سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر فذكره.
وإسناده حسن لأجل الحارث بن عبد الرحمن فهو «صدوق»، وبقية الرجال ثقات.
وصحّحه ابن خزيمة (١٦٠٦)، وابن حبان (١٨١٧) وأخرجه أيضًا أحمد (٤٧٩٦، ٤٩٨٩) والطبراني في الكبير (١٣١٩٤) كلهم من طرق عن ابن أبي ذئب، وفي بعض طرقه: «كان يؤمنا في الفجر الصافات».
انظر القراءة في الصُّبح.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 518 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يؤمنا رسول الله بالصافات

  • 📜 حديث: يؤمنا رسول الله بالصافات

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: يؤمنا رسول الله بالصافات

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: يؤمنا رسول الله بالصافات

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: يؤمنا رسول الله بالصافات

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب