حديث: ما صلى وراء إمام أخف صلاة ولا أتم من رسول الله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في تخفيف الصّلاة عند سماع بكاء الصّبي

عن أنس قال: ما صَلَّيتُ وراء إمام قَطُّ أخَفَّ صلاةً، ولا أتم صلاةً من رسول الله ﷺ، وإن كان يسمع بكاء الصبي فيخِّفف مخافة أن تُفْتنَ أمُّه.

متفق عليه: رواه البخاري في الأذان (٧٠٨) عن خالد بن مخلد، قال: حدّثنا سليمان بن بلال، قال: حدّثنا شريك بن عبد الله (ابن أبي نمر) قال سمعتُ أنس بن مالك يقول فذكره.

عن أنس قال: ما صَلَّيتُ وراء إمام قَطُّ أخَفَّ صلاةً، ولا أتم صلاةً من رسول الله ﷺ، وإن كان يسمع بكاء الصبي فيخِّفف مخافة أن تُفْتنَ أمُّه.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم من أحاديث الهدي النبوي في الصلاة، يرويه الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه، خادم رسول الله ﷺ، وهو في صحيح البخاري وصحيح مسلم.
وفيما يلي شرحه وبيانه على النحو المطلوب:

1. شرح المفردات:


* أخَفَّ صلاةً: أي أسرعها إتماماً لأركانها وواجباتها مع المحافظة على الطمأنينة، لا أن يكون فيها إخلال أو عجلة مذمومة.
* أتم صلاةً: أي أكملها وأحسنها وأبلغها في الطمأنينة والخشوع وإقامة أركانها.
* يسمع بكاء الصبي: يصل إلى سمعه صوت طفل يبكي.
* يُخِّفف: أي يسرع في إتمام الصلاة اختصاراً لها.
* مخافة أن تُفتن أمه: خشية أن تحن أمه إليه وتضطرب وتنشغل قلباً عن صلاتها أو تتعرض للحرج والمشقة.

2. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبر الصحابي أنس بن مالك رضي الله عنه - الذي لازم النبي ﷺ سنوات طويلة وصلى خلفه countless المرات - أنه لم يصَلِّ خلف إمامٍ قط كانت صلاته تجمع بين صفتين عظيمتين:
* الخفة والسرعة المطلوبة في أوقات الحاجة، مع...
* التمام والكمال في الأركان والطمأنينة.
فقد كان النبي ﷺ يُقيم الصلاة تامة كاملة غير منقوصة، ولكن إذا حصلت حاجة أثناء الصلاة – مثل سماع بكاء طفل صغير – كان يراعي حال أمه فيخفف من طول صلاته (مثل تقصير القراءة أو الركوع والسجود) من دون أن يخل بالطمأنينة الواجبة، حرصاً منه على تخفيف المشقة والقلق عن الأم التي قد تنشغل بطفلها وتضطرب.

3. الدروس المستفادة منه:


هذا الحديث من جوامع كلمه ﷺ، وهو مليء بالفوائد والعبر:
* كمال صلاة النبي ﷺ وهديه فيها: فقد جمعت بين الإطالة التامة للخشوع والإتيان بجميع الأركان، والخفّة المحققة للمقصود عند وجود المبرر. فهي المثل الأعلى للإمامة.
* الرحمة والرأفة بالناس: فالنبي ﷺ لم يكن مجرد إمام يؤدي فريضة، بل كان قائداً رحيماً يراعي أحوال مَنْ خلفه، ويخفف عنهم المشاق ويتلمس حاجاتهم حتى داخل الصلاة.
* مراعاة أحوال المصلين: على الأئمة أن يتأسوا برسول الله ﷺ فيراعوا حال من خلفهم، فلا يطيلوا إطالة تشق على الناس، خاصة إذا كان ضمنهم ضعيف أو مريض أو امرأة لها ظروف. قال ﷺ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالكَبِيرَ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ».
* رفع الحرج والمشقة عن الأمة: من مقاصد الشريعة الإسلامية العظيمة التيسير وعدم التنفير. وتخفيف الصلاة عند سماع بكاء الصبي تحقيق عملي لهذا المقصد، حيث يزيل الحرج والقلق عن الأم.
* حسن الخلق مع النساء ورعايتهن: فالحديث يدل على عناية الإسلام بشؤون المرأة والأم ومراعاة ظروفها النفسية والعاطفية، حتى في أشد الأوقات عبادة وهي الصلاة.
* الجمع بين المصالح: فالإمام مطالب بإقامة الصلاة على أكمل وجه، ولكنه أيضاً مطالب برحمة المأمومين. فجمع النبي ﷺ بين المصلحتين: (مصلحة إتمام الصلاة) و (مصلحة رحمة الأم وعدم إفتانها).

4. معلومات إضافية مفيدة:


* الطمأنينة شرط: يجب التنبيه على أن "التخفيف" الذي كان يفعله النبي ﷺ لم يكن يعني العجلة أو الإخلال بأركان الصلاة من ركوع أو سجود، بل كان يقصر القراءة ويحافظ على الطمأنينة الكاملة في كل ركن.
* منهج للإمامة: هذا الحديث أصل يعتمده الفقهاء في استحباب تخفيف الإمام للصلاة إذا علم وجود من يحتاج إلى ذلك خلفه.
* القدوة العملية: النبي ﷺ هو القدوة في كل شيء، وهذا الموقف يعلّم الأئمة والقادة كيف يوازنون بين متطلبات العبادة ومراعاة أحوال الناس، بالرحمة والحكمة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
هذا، والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الأذان (٧٠٨) عن خالد بن مخلد، قال: حدّثنا سليمان بن بلال، قال: حدّثنا شريك بن عبد الله (ابن أبي نمر) قال سمعتُ أنس بن مالك يقول فذكره.
ورواه مسلم في الصلاة (١٩٠/ ٤٦٩) من طرق عن إسماعيل بن جعفر، عن شريك بن عبد الله فاختصره إلى قوله: ولا أتم صلاة من رسول الله ﷺ» ولم يذكر بكاء الصّبي.
ثم اتفقا فرويا من طريق يزيد بن زُريع، حدّثنا سعيد بن أبي عروبة، قال: حدّثنا قتادة أن أنس بن مالك حدَّثه أن النبي ﷺ قال: «إني لأدخل في الصلاة، وأنا أريد إطالتها، فأسمعُ بكاء الصبي فأتجوَّزُ في صلاتي مما أعلم من شدة وجدِ أمه من بكائه».
رواه البخاري عن علي بن عبد الله (٧٠٩)، ومسلم (٤٧٠/ ١٩٢) عن محمد بن منهال الضرير - كلاهما عن يزيد بن زُريع.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 520 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما صلى وراء إمام أخف صلاة ولا أتم من رسول الله

  • 📜 حديث: ما صلى وراء إمام أخف صلاة ولا أتم من رسول الله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ما صلى وراء إمام أخف صلاة ولا أتم من رسول الله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ما صلى وراء إمام أخف صلاة ولا أتم من رسول الله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ما صلى وراء إمام أخف صلاة ولا أتم من رسول الله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب