ما من قلب إلا بين إصبعين من أصابع الرحمن

حديث: ما من قلب إلا بين إصبعين من أصابع الرحمن

عن النّواس بن سَمْعان الكِلابيّ قال: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «ما من قلب إِلَّا بين إصبعين من أصابع الرحمن، إن شاء أقامه وإن شاء أزاغه». وكان رسول اللَّه ﷺ يقول: «يا مثبت القلوب ثبِّت قلوبنا على دينك». قال: «والميزان بيد
الرّحمن يرفع أقوامًا، ويخفض آخرين إلى يوم القيامة».

صحيح: روه ابن ماجه (١٩٩) عن هشام بن عمّار، قال: حدثنا صدقة بن خالد، قال: حدّثنا ابن جابر، قال: سمعت بُسْر بن عبد اللَّه يقول: سمعتُ أبا إدريس الخولانيّ يقول: حدثني النواس ابن سمعان، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يثبت قلوبنا على دينه. هذا حديث عظيم رواه الإمام مسلم في صحيحه، وإليك شرحه الوافي على النحو التالي:

1. شرح المفردات:

● بين إصبعين من أصابع الرحمن: الإصبعان هنا من صفات الله تعالى تليق بجلاله، نؤمن بها على حقيقتها دون تكييف أو تمثيل، فالله ليس كمثله شيء. والمعنى: أن القلب تحت قدرة الله وتصرفه المطلق.
● أقامه: أي هداه وثبته على الحق والاستقامة.
● أزاغه: أي أماله وصدَّه عن الحق والهدى.
● يا مثبت القلوب: من أسماء الله الحسنى "المثبت"، وهو الذي يثبت قلوب عباده المؤمنين على الإيمان والطاعة.
● الميزان: هو الميزان الحقيقي الذي يُوزن به أعمال العباد يوم القيامة، وهو من أشراط الساعة.

2. المعنى الإجمالي للحديث:

يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن قلوب العباد كلها بين يدي الله تعالى، تحت مشيئته وتصرفه، فهو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء بحكمته وعدله. فمن أراد الله به خيراً ثبَّت قلبه على الإيمان، ومن أراد به غير ذلك أزاغ قلبه عن الحق.
ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم أن المؤمن يجب أن يلجأ إلى الله ويدعوه بأن يثبت قلبه على الدين، وهذا من تمام التوكل والأخذ بالأسباب.
ثم أشار إلى أن الميزان الذي توزن به الأعمال بيد الله تعالى، يرفع به أقواماً بسبب حسن أعمالهم، ويضع آخرين بسبب تقصيرهم، وهذا كله إلى يوم القيامة.

3. الدروس المستفادة منه:

● عظمة قدرة الله تعالى: فالقلوب بيده يصرفها كيف يشاء، وهذا يدل على كمال قدرته وسلطانه.
● وجوب اللجوء إلى الله: في طلب الثبات على الدين، والهداية إلى الصراط المستقيم، وعدم الاعتماد على النفس.
● الحث على الدعاء: خاصة بالأدعية النبوية، مثل: "يا مثبت القلوب ثبت قلبي على دينك".
● الإيمان بالميزان: وهو من أركان الإيمان باليوم الآخر، وأن الأعمال توزن، فينبغي للمسلم أن يحاسب نفسه.
● التحذير من الغرور: فالعبد لا يدري بما يختم له، فلا يأمن مكر الله، ولا يقنط من رحمته.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث يدخل في باب "الإيمان بالقدر" خيره وشره، وهو من أركان الإيمان الستة.
- يستحب للإنسان أن يكثر من هذا الدعاء: "يا مثبت القلوب ثبت قلبي على دينك"، خاصة في أوقات الفتن والشبهات.
- الحديث يرد على القدرية وغيرهم ممن ينكرون قدرة الله المطلقة على تصريف قلوب العباد.
- القلب في الإسلام هو مركز الإيمان والتقوى، فإذا صلح صلح الجسد كله، وإذا فسد فسد الجسد كله.
أسأل الله تعالى أن يثبت قلوبنا على دينه، وأن يوفقنا لطاعته، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

روه ابن ماجه (١٩٩) عن هشام بن عمّار، قال: حدثنا صدقة بن خالد، قال: حدّثنا ابن جابر، قال: سمعت بُسْر بن عبد اللَّه يقول: سمعتُ أبا إدريس الخولانيّ يقول: حدثني النواس ابن سمعان، فذكره.
ومن هذا الوجه رواه أيضًا ابن أبي عاصم في السنة (٢١٩).
وابن جابر هو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وهشام بن عمار فيه ضعف يسير لأنه حين كبر صار يتلقّن إِلَّا أنه لم ينفرد به.
فقد رواه الإمام أحمد (١٧٦٣٠) عن الوليد بن مسلم قال: سمعت -يعني- ابن جابر، يقول: حدثني بُسْر بن عبيد اللَّه الحضرميّ، بإسناده مثله.
ومن هذا الوجه رواه أيضًا الدارقطنيّ في «الصفات» (٤٣).
وصحّحه ابن خزيمة فأخرجه في كتاب التوحيد (١٣٢)، وابن منده في الرد على الجهمية (٦٨) كلاهما من طريق الوليد بن مسلم، وابن حبان في صحيحه (٩٤٣) من طريق عبد اللَّه بن المبارك، والحاكم (١/ ٥٢٥) من طريق بشر بن بكر، كلهم عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، بإسناده مثله.
قال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم».
قال الأعظمي: الوليد بن مسلم مدلس إِلَّا أنه صرّح بالتحديث كما أنه ينفرد به بل تابعه عبد اللَّه بن المبارك وبشر بن بكر عن ابن جابر، به مثله.
وأما ابن مصفى فرواه عن أبي المغيرة، ثنا الوليد بن سليمان بن أبي السائب، ثنا بسر بن عبيد اللَّه، عن أبي إدريس الخولاني، عن نعيم بن همّار، قال: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول (فذكر نحوه).
فجعله من مسند نعيم بن همار، فلعلّ هذا الوهم يعود إلى ابن مصفى - واسمه محمد فإنه وصف «صدوق له أوهام» كما في التقريب.
ومن طريقه رواه ابن أبي عاصم في «السنة» (٢٢١).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 322 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما من قلب إلا بين إصبعين من أصابع الرحمن

📜 حديث: ما من قلب إلا بين إصبعين من أصابع الرحمن

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ما من قلب إلا بين إصبعين من أصابع الرحمن

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ما من قلب إلا بين إصبعين من أصابع الرحمن

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ما من قلب إلا بين إصبعين من أصابع الرحمن

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية