حديث: كتاب من رسول الله لا يُتَعَدَّى علينا في صدقاتنا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب التغليظ في الاعتداء في الصّدقة

عن سالم بن أبي أمية أبي النضر، قال: جلس إليَّ شيخٌ من بني تميمٍ في مسجد البصرة ومعه صحيفةٌ لَهُ في يده -قال: وفي زمان الحجَّاج- فقال لي: يا عبد الله! أترى هذا الكتاب مغنيًا عنِّي شيئًا عند هذا السلطان؟ قال: فقلت: وما هذا الكتاب؟ قال: هذا كتابٌ من رسول الله ﷺ كتبهُ لنا أنْ لا يُتَعَدَّى علينا في صدقاتنا. قال: فقلت لا والله! ما أظن أنْ يغني عنك شيئًا وكيف كان شأن هذا الكتاب؟ قال: قدمت المدينة مع أبي وأنا غلامٌ شابٌّ بإبل لنا نبيعُهَا وكان أبي صديقًا لطلحة بن عبيدالله التَّيميِّ فنزلنا عليه فقال لَهُ أبي: اخرج معي فبع لي إبلي هذه قال فقال: إن رسول الله ﷺ قد نهى أنْ يبيع حاضرٌ لبادٍ ولكن سأخرج معك فأجلس وتعرض إبلك، فإذا رضيتُ من رجلٍ وفاءً وصدقًا ممَّنْ ساوَمَكَ أمرتُك ببيعه. قال: فخرجنا إلى السوق فوقفنا ظهرنا وجلس طلحةُ قريبًا فساوَمَنَا الرِّجالُ حتى إذا أعطانا رجلٌ ما نرْضى قال لَهُ أبي: أُبَايعُهُ؟ قال: نعم رضيتُ لكم وفاءَهُ فبايعوه فبايعناه، فلما قبضنا ما لنا وفرغنا من حاجتنا قال أبي لِطلحة: خذ لنا من رسول الله ﷺ كتابا أنْ لا يتعدَّى علينا في صدقاتنا. قال: فقال: هذا لكم ولكل مسلمٍ. قال: على ذلك إنِّي أحبُّ أنْ يكون عندي من رسول الله ﷺ كتابٌ فخرجَ حتَّى جاء بنا إلى رسُول الله ﷺ، فقال: يا رسُول الله! إنَّ هذا الرَّجُلَ من أهل البادية صديقٌ لنا وقد أحبَّ أنْ تكتُبَ لَهُ كتابًا لا يتعدَّى عليه في صَدَقَتِهِ. فقال رسول الله ﷺ: «هذا لَهُ ولكلِّ مُسْلِم». قال: يا رسول الله! إني قد أحِبُّ أنْ يكون عندي منك كتابٌ على ذلك قال: فكتب لنا رسول الله ﷺ هذا الكتاب.

حسن: رواه الإمام أحمد (١٤٠٤)، وأبو يعلى (٦٤٤)، كلاهما من طريق محمد بن إسحاق، حدّثنا سالم أبو النّضر، قال: جلس إليَّ شيخ من بني تميم (فذكره).

عن سالم بن أبي أمية أبي النضر، قال: جلس إليَّ شيخٌ من بني تميمٍ في مسجد البصرة ومعه صحيفةٌ لَهُ في يده -قال: وفي زمان الحجَّاج- فقال لي: يا عبد الله! أترى هذا الكتاب مغنيًا عنِّي شيئًا عند هذا السلطان؟ قال: فقلت: وما هذا الكتاب؟ قال: هذا كتابٌ من رسول الله ﷺ كتبهُ لنا أنْ لا يُتَعَدَّى علينا في صدقاتنا. قال: فقلت لا والله! ما أظن أنْ يغني عنك شيئًا وكيف كان شأن هذا الكتاب؟ قال: قدمت المدينة مع أبي وأنا غلامٌ شابٌّ بإبل لنا نبيعُهَا وكان أبي صديقًا لطلحة بن عبيدالله التَّيميِّ فنزلنا عليه فقال لَهُ أبي: اخرج معي فبع لي إبلي هذه قال فقال: إن رسول الله ﷺ قد نهى أنْ يبيع حاضرٌ لبادٍ ولكن سأخرج معك فأجلس وتعرض إبلك، فإذا رضيتُ من رجلٍ وفاءً وصدقًا ممَّنْ ساوَمَكَ أمرتُك ببيعه. قال: فخرجنا إلى السوق فوقفنا ظهرنا وجلس طلحةُ قريبًا فساوَمَنَا الرِّجالُ حتى إذا أعطانا رجلٌ ما نرْضى قال لَهُ أبي: أُبَايعُهُ؟ قال: نعم رضيتُ لكم وفاءَهُ فبايعوه فبايعناه، فلما قبضنا ما لنا وفرغنا من حاجتنا قال أبي لِطلحة: خذ لنا من رسول الله ﷺ كتابا أنْ لا يتعدَّى علينا في صدقاتنا. قال: فقال: هذا لكم ولكل مسلمٍ. قال: على ذلك إنِّي أحبُّ أنْ يكون عندي من رسول الله ﷺ كتابٌ فخرجَ حتَّى جاء بنا إلى رسُول الله ﷺ، فقال: يا رسُول الله! إنَّ هذا الرَّجُلَ من أهل البادية صديقٌ لنا وقد أحبَّ أنْ تكتُبَ لَهُ كتابًا لا يتعدَّى عليه في صَدَقَتِهِ. فقال رسول الله ﷺ: «هذا لَهُ ولكلِّ مُسْلِم». قال: يا رسول الله! إني قد أحِبُّ أنْ يكون عندي منك كتابٌ على ذلك قال: فكتب لنا رسول الله ﷺ هذا الكتاب.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث النافع:

الحديث:


عن سالم بن أبي أمية أبي النضر، قال: جلس إليَّ شيخٌ من بني تميمٍ في مسجد البصرة ومعه صحيفةٌ لَهُ في يده -قال: وفي زمان الحجَّاج- فقال لي: يا عبد الله! أترى هذا الكتاب مغنيًا عنِّي شيئًا عند هذا السلطان؟ قال: فقلت: وما هذا الكتاب؟ قال: هذا كتابٌ من رسول الله ﷺ كتبهُ لنا أنْ لا يُتَعَدَّى علينا في صدقاتنا. قال: فقلت لا والله! ما أظن أنْ يغني عنك شيئًا وكيف كان شأن هذا الكتاب؟ قال: قدمت المدينة مع أبي وأنا غلامٌ شابٌّ بإبل لنا نبيعُهَا وكان أبي صديقًا لطلحة بن عبيدالله التَّيميِّ فنزلنا عليه فقال لَهُ أبي: اخرج معي فبع لي إبلي هذه قال فقال: إن رسول الله ﷺ قد نهى أنْ يبيع حاضرٌ لبادٍ ولكن سأخرج معك فأجلس وتعرض إبلك، فإذا رضيتُ من رجلٍ وفاءً وصدقًا ممَّنْ ساوَمَكَ أمرتُك ببيعه. قال: فخرجنا إلى السوق فوقفنا ظهرنا وجلس طلحةُ قريبًا فساوَمَنَا الرِّجالُ حتى إذا أعطانا رجلٌ ما نرْضى قال لَهُ أبي: أُبَايعُهُ؟ قال: نعم رضيتُ لكم وفاءَهُ فبايعوه فبايعناه، فلما قبضنا ما لنا وفرغنا من حاجتنا قال أبي لِطلحة: خذ لنا من رسول الله ﷺ كتابا أنْ لا يتعدَّى علينا في صدقاتنا. قال: فقال: هذا لكم ولكل مسلمٍ. قال: على ذلك إنِّي أحبُّ أنْ يكون عندي من رسول الله ﷺ كتابٌ فخرجَ حتَّى جاء بنا إلى رسُول الله ﷺ، فقال: يا رسُول الله! إنَّ هذا الرَّجُلَ من أهل البادية صديقٌ لنا وقد أحبَّ أنْ تكتُبَ لَهُ كتابًا لا يتعدَّى عليه في صَدَقَتِهِ. فقال رسول الله ﷺ: «هذا لَهُ ولكلِّ مُسْلِم». قال: يا رسول الله! إني قد أحِبُّ أنْ يكون عندي منك كتابٌ على ذلك قال: فكتب لنا رسول الله ﷺ هذا الكتاب.


1. شرح المفردات:


● أبي النضر: كنية الراوي سالم بن أبي أمية.
● بني تميم: قبيلة عربية معروفة.
● صحيفة: ورقة مكتوبة أو وثيقة.
● الحجَّاج: الحجاج بن يوسف الثقفي، والي العراق في زمن الدولة الأموية، اشتهر بالشدة والقسوة.
● مغنيًا: نافعًا أو واقيًا.
● صدقاتنا: هنا بمعنى الزكاة المفروضة على الأموال.
● حاضرٌ لبادٍ: الحاضر هو سكان المدن، والبادي هو سكان البادية.
● ساوَمَكَ: تفاوض معك على السعر.
● وفاءً: الأمانة والصدق في التعامل.
● يتعدَّى: يتجاوز أو يظلم.


2. شرح الحديث:


يحكي هذا الحديث قصة شيخ من بني تميم جاء إلى مسجد البصرة في زمن الحجاج بن يوسف الثقفي، وكان يحمل صحيفة كتبها رسول الله ﷺ له ولقومه، تضمن لهم عدم الظلم في أخذ الزكاة منهم. وسأل الشيخ الراوي إن كان هذا الكتاب سينفعه عند سلطان زمانه (الحجاج) الذي عُرف بشدته وظلمه، فأجابه الراوي بأنه لا يظن أن الكتاب سينجيه من ظلم الحجاج.
ثم شرع الشيخ في سرد قصة حصوله على هذا الكتاب: حيث قدم مع أبيه إلى المدينة المنورة لبيع إبلهم، وكان أبوه صديقًا للصحابي الجليل طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه. وعندما طلب الأب من طلحة أن يبيع الإبل نيابة عنه، رفض طلحة ذلك مستندًا إلى نهي النبي ﷺ عن أن يبيع الحاضر للبادي (أي ساكن المدينة لساكن البادية)، لأن ذلك قد يؤدي إلى استغلال البادي أو عدم العدالة في البيع. وبدلاً من ذلك، عرض طلحة المساعدة في الإشراف على عملية البيع لضمان العدل.
بعد بيع الإبل بشكل عادل، طلب الأب من طلحة أن يحصل له على كتاب من رسول الله ﷺ يضمن عدم التعرض لهم بالظلم في أخذ الزكاة. فأخبره طلحة أن هذا الحق مكفول لكل مسلم، لكن الأب أصر على الحصول على وثيقة مكتوبة من النبي ﷺ لتكون طمأنينة له، فذهبوا إلى النبي ﷺ الذي كتب لهم هذا الكتاب.


3. الدروس المستفادة منه:


1- تحريم بيع الحاضر للبادي: النهي عن ذلك لاحتمال وجود غبن أو استغلال، حيث قد يجهل البادي أسعار السوق في المدينة.
2- الحرص على العدل في المعاملات: تصرف طلحة رضي الله عنه يظهر حرصه على تطبيق سنة النبي ﷺ وضمان العدل للطرفين.
3- حقوق المسلمين في الزكاة: أن تؤخذ الزكاة بالعدل دون ظلم أو تجاوز، وهذا حق لكل مسلم.
4- توثيق الحقوق: طلب الأب توثيق حقه بالكتابة من النبي ﷺ يدل على حرصه على الاحتياط لدينه وحقوقه، مع أن النبي ﷺ أبلغ منه وأصدق.
5- ضعف تأثير النصوص مع حكام الجور: سؤال الشيخ عن فائدة الكتاب في زمن الحجاج يدل على أن الظالم قد لا يلتزم بالنصوص الشرعية إذا تعارضت مع أهوائه.


4. معلومات إضافية مفيدة:


-
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الإمام أحمد (١٤٠٤)، وأبو يعلى (٦٤٤)، كلاهما من طريق محمد بن إسحاق، حدّثنا سالم أبو النّضر، قال: جلس إليَّ شيخ من بني تميم (فذكره). واللّفظ لأحمد، وزاد أبو يعلى في آخر الحديث: قلت: «لا أظنّ والله».
وإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق فإنه إذا صرَّح يحسّن حديثه، وسالم أبو النضر هذا المدني ثقة من رجال الجماعة.
ورواه أبو يعلى (٦٤٣) من وجه آخر عن حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن سالم المكي، أنّ أعرابيًّا قال: فذكر بعض الأحاديث.
وهو خطأ من حماد بن سلمة، فإن سالمًا هذا ليس بمكي كما زعم وإنما هو مدنيّ كما سبق، وفيه صحابي لم يسم، وجهالة الصحابي لا تضر كما هو معروف.
ولبعض فقرات الحديث شواهد في السنن ستأتي في مواضعها.
وأورده الهيثميّ في «المجمع» (٣/ ٨٣) وعزاه إلى أحمد وأبي يعلى وقال: «ورجاله رجال الصّحيح».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 104 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كتاب من رسول الله لا يُتَعَدَّى علينا في صدقاتنا

  • 📜 حديث: كتاب من رسول الله لا يُتَعَدَّى علينا في صدقاتنا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: كتاب من رسول الله لا يُتَعَدَّى علينا في صدقاتنا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: كتاب من رسول الله لا يُتَعَدَّى علينا في صدقاتنا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: كتاب من رسول الله لا يُتَعَدَّى علينا في صدقاتنا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب