حديث: الطواف حول البيت مثل الصلاة إلا أنكم تتكلمون فيه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب جواز الكلام المباح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الطواف

عن عبد الله بن عباس، أنّ النبيّ ﷺ قال: «الطَّوَافُ حَوْلَ الْبَيْتِ مِثْلُ الصَّلاةِ إِلا أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ فِيهِ، فَمَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ فَلا يَتَكَلَّمَنَّ إِلا بِخَيْرٍ».

حسن: رواه الترمذيّ (٩٦٠) عن قتيبة، حدّثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن طاوس، عن ابن عباس، فذكره.

عن عبد الله بن عباس، أنّ النبيّ ﷺ قال: «الطَّوَافُ حَوْلَ الْبَيْتِ مِثْلُ الصَّلاةِ إِلا أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ فِيهِ، فَمَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ فَلا يَتَكَلَّمَنَّ إِلا بِخَيْرٍ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما الذي رواه الترمذي وغيره، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الطَّوَافُ حَوْلَ الْبَيْتِ مِثْلُ الصَّلاةِ إِلا أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ فِيهِ، فَمَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ فَلا يَتَكَلَّمَنَّ إِلا بِخَيْرٍ» حديث عظيم، يحمل في طياته أحكامًا وآدابًا مهمة تتعلق بشعيرة الطواف.
### أولاً. شرح مفردات الحديث
● الطواف: هو الدوران حول الكعبة المشرفة سبعة أشواط، وهو من أركان الحج والعمرة.
● حول البيت: أي الكعبة المشرفة.
● مثل الصلاة: يشبه الصلاة في بعض أحكامه وآدابه.
● تتكلمون فيه: يُباح لكم الكلام أثناء أدائه على خلاف الصلاة.
● بخير: بالكلام الطيب المفيد، كذكر الله، والتسبيح، والدعاء، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
### ثانيًا. شرح الحديث
يُشبّه النبي صلى الله عليه وسلم الطواف بالصلاة في عظمته وقدسيته، لكنه يخالفها في إباحة الكلام خلاله. فالصلاة يُمنع فيها الكلام إلا لضرورة، أما الطواف فيجوز فيه الكلام، لكن بشروط وآداب.
وقوله: «فمن تكلم فيه فلا يتكلمن إلا بخير» تحذير من أن يستغل الإنسان إباحة الكلام في الطواف فيقول ما لا يجوز، أو يخوض في الباطل، أو يثرثر بكلام لا فائدة منه. بل ينبغي أن يقتصر على الكلام الطيب النافع، كذكر الله، والدعاء، والتسبيح، والتحميد، والتعاون على البر والتقوى.
### ثالثًا. الدروس المستفادة من الحديث
1- عظمة منزلة الطواف: حيث شُبّه بالصلاة، مما يدل على جلالة هذه العبادة وأهميتها.
2- إباحة الكلام في الطواف: على خلاف الصلاة، وهذا من رحمة الله تعالى وتيسيره على عباده.
3- التقيد بالكلام الطيب: عدم إهدار وقت الطواف في الكلام الفارغ أو المحرم، بل استغلاله في الذكر والدعاء.
4- التربية على مراقبة الله: حتى في الأمور المباحة، ينبغي للمسلم أن يختار الأفضل والأطيب.
5- التوسط في العبادة: فلم يُمنع الكلام في الطواف منعًا باتًا كما في الصلاة، ولم يُترك بدون ضوابط.
### رابعًا. معلومات إضافية مفيدة
- يستحب في الطواف الإكثار من الذكر والدعاء، وخاصة ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم بين الركن اليماني والحجر الأسود: «رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ».
- يُكره الكلام البذيء أو الجدال بغير حق أثناء الطواف، قال تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}.
- من تكلم في الطواف بكلام محرم أو مبتذل، فقد أخلَّ بآداب الطواف، لكن طوافه صحيح.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذيّ (٩٦٠) عن قتيبة، حدّثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن طاوس، عن ابن عباس، فذكره.
وصحّحه ابن خزيمة (٢٧٣٩)، ورواه من طريق جرير بإسناده، مثله.
ومداره على عطاء بن السائب، وأعل الحديث من وجهين:
أحدهما: أنه اختُلف في رفعه ووقفه، فرجح الموقوفَ النسائيُّ، والبيهقي، وابنُ الصلاح، والمنذري، والنووي، وزاد: إن رواية الرفع ضعيفة.
وتعقبه الحافظُ ابن حجر في التلخيص (١/ ١٢٩) فقال: «وفي إطلاق ذلك نظر، فإن عطاء بن
السائب صدوق، وإذا روي عنه الحديثُ مرفوعًا تارةً، وموقوفًا أخرى، فالحكم عند هؤلاء الجماعة للرفع، والنووي ممن يعتمد ذلك، ويُكثر منه، ولا يلتفت إلى تعليل الحديث به إذا كان الرافعُ ثقةً، فيجيء على طريقته أن المرفوع صحيح».
الثاني: أن عطاء بن السائب اختلط في آخره، وجرير ممن روى عنه بعد الاختلاط.
ولكن رواه الحاكم (١/ ٤٥٩) والبيهقي (٥/ ٨٧) من طريق سفيان الثوري عنه، والثوري ممن سمع منه قبل اختلاطه باتفاق، وإن كان قد اختلف علي سفيان، فرجح ابن حجر أنه عن سفيان موقوف.
وممن رواه عن عطاء بن السائب فُضيل بن عياض، ومن طريقه رواه الطحاوي في مشكله (٥٥٧٤) وابن حبان (٣٨٣٦) والحاكم (٢/ ٢٦٧) وابن عدي (٥/ ٢٠٠١) والبيهقي (٥/ ٨٥) وابن الجارود (٤٦١) من وجهين، فُضيل بن عياض، وموسي بن أعين.
وللحاكم إسناد آخر رواه من طريق الحميدي، ثنا سفيان بن عيينة، عن عطاء بن السائب فذكره مرفوعًا، ومن طريقه رواه البيهقي أيضًا.
قال الحاكم: «صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقد أوقفه جماعة».
قال ابن عدي: «لا أعلم روي هذا عن عطاء بن السائب غير هؤلاء الذين ذكرتهم: موسي بن أعين، وفُضيل، وجرير».
كذا قال، وقد رواه أيضًا سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة كما مضى، إلا أنه قد اختلف عليهما في الرفع والوقف.
وأما قول الترمذي: «وقد رُوي هذا الحديث عن ابن طاوس وغيره عن طاوس، عن ابن عباس موقوفًا، ولا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث عطاء بن السائب» ففيه نظر.
فإنه رُوي عن طاوس من وجوه:
منها: روي عنه موقوفًا كما قال الترمذي، وممن رواه عنه موقوفًا: عبد الله بن طاوس، وإبراهيم ابن ميسرة، كما ذكره البيهقي.
أخرج النسائي في الكبرى (٣٩٤٤) من رواية إبراهيم بن ميسرة.
ومنها روي عنه مرفوعًا: رواه عبد الرزاق في مصنفه (٩٧٨٨) ورواه عنه وعن روح -الإمامُ أحمد (١٥٤٢٣) قالا: ثنا ابنُ جريج قال: أخبرني حسن بن مسلم، عن طاوس، عن رجل قد أدرك النبي ﷺ قال: «إنما الطوافُ صلاة، فإذا طفتم فأقلوا الكلام».
ورواه النسائي في الكبرى (٣٩٤٥) والبيهقي (٥/ ٨٧) عن عبد الرزاق وحده، وقال البيهقي: «وكذلك قاله عثمان بن عمر، وحجاجُ بن محمد عن ابن جريج» أي هؤلاء رفعوا هذا الحديث.
ولكن قال الإمام أحمد: «ولم يرفعه محمد بن بكر -وهو البرساني- ورفعه غيره كما رأيتَ».
قال الحافظ ابن حجر: «وهذه الرواية صحيحة، وهي تعضد رواية عطاء بن السائب، وترجح
الرواية المرفوعة، والظاهر أن المبهم فيها هو ابنُ عباس، وعلى تقدير: أن يكون غيره، فلا يضر إبهام الصحابة».
ومنها: حنظلة عنه، قال: سمعت ابن عمر يقول: أقلوا الكلام في الطواف، فإنما أنتم في صلاة.
ومنها: ما رواه عطاء بن السائب عنه، ولكنه اختلف عليه:
فرواه جرير، وسفيانُ الثوري، وفضيل بن عياض كلهم عنه مرفوعًا، وإن كان الصحيح عن سفيان موقوفًا، كما سيأتي.
وقول الترمذي: «لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث عطاء بن السائب» فهو ليس كذلك، فقد رواه غير عطاء بن السائب عن طاوس مرفوعًا:
منهم: ليثُ بن أبي سليم عن طاوس عن ابن عباس عن النبي ﷺ قال: «الطوافُ بالبيت صلاة، ولكن الله أحل فيه المنطقَ، فمن نطقَ فلا ينطق إلا بخير» رواه البيهقي (٥/ ٨٧) من حديث موسي ابن أعين، عن ليث به.
وليث بن أبي سليم صدوق اختلط أخيرًا، ولم يتميز حديثُه فترك كما في «التقريب»، وقال في التلخيص: «وليثٌ يستشهد به».
ومنهم: مَن رواه من طريق أخرى مرفوعة أخرجها الحاكم في أوائل تفسير سورة البقرة من المستدرك (٢/ ٢٦٦، ٢٦٧) من طريق القاسم بن أبي أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال الله لنبيه: ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [الحج: ٢٦].
فالطواف مثل الصلاة، وقد قال رسول الله ﷺ: «الطوافُ بمنزلة الصلاة إلا أن الله قد أحل فيه المنطقَ، فمن نطقَ، فلا ينطق إلا بخير» وصحح إسناده. انتهى.
قال الحافظ ابن حجر: وهو كما قال، فإنهم ثقات، وقال أيضًا في نهاية التخريج: «فأوضحُ الطرقِ وأسلمُها روايةُ القاسم بن أبي أيوب ... فإنها سالمة من الاضطراب إلا أني أظنُّ أن فيها إدراجًا»، ولم يبين هذا الإدراج.
قال الأعظمي: والخلاصة فيه أن هذه الطرق يعضد بعضُها بعضًا، فيصير الحديث حسنًا لغيره، فإن هذا هو السبيل للحديث الحسن بأنه رُوي من غير وجه، والله تعالى أعلم.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 301 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الطواف حول البيت مثل الصلاة إلا أنكم تتكلمون فيه

  • 📜 حديث: الطواف حول البيت مثل الصلاة إلا أنكم تتكلمون فيه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الطواف حول البيت مثل الصلاة إلا أنكم تتكلمون فيه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الطواف حول البيت مثل الصلاة إلا أنكم تتكلمون فيه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الطواف حول البيت مثل الصلاة إلا أنكم تتكلمون فيه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب