اذهب فانظر إليها فإنه أجدر أن يؤدم بينكما

حديث: اذهب فانظر إليها فإنه أجدر أن يؤدم بينكما

عن المغيرة بن شعبة، قال: أتيت النبي ﷺ، فذكرت له امرأة أخْطُبُها، فقال:
«اذهب فانظر إليها، فإنه أجدر أن يُؤْدم بينكما». قال: فأتيت امرأة من الأنصار، فخطبتها إلى أبويها، وأخبرتهما بقول رسول اللَّه ﷺ، فكأنهما كرها ذلك، قال: فسمعت ذلك المرأة وهي في خِدرها، فقالت: إنْ كان رسول اللَّه ﷺ أمَرَكَ أن تنظر، فانظر، وإلا إني أنشُدُك. كأنهما عظّمت ذلك عليه. قال: فنظرتُ إليها: فتزوجتُها. فذكر من موافقتها.

صحيح: رواه الترمذي (١٠٨٧) والنسائي (٣٢٣٥) وابن ماجه (١٨٦٦) وأحمد (١٨١٣٧) واللفظ له، والبيهقي (٧/ ٨٤ - ٨٥) وابن الجارود (٦٧٥) كلهم من حديث بكر بن عبد اللَّه المزني، عن المغيرة بن شعبة فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يرشدنا إلى الحكمة والموازنة بين متطلبات الدين والحياة. سأشرحه لكم جزءًا جزءًا مستندًا إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

الحديث بلفظه:

عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت له امرأة أخطبها، فقال: «اذهب فانظر إليها، فإنه أجدر أن يؤدم بينكما». قال: فأتيت امرأة من الأنصار، فخطبتها إلى أبويها، وأخبرتهما بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكأنهما كرها ذلك. قال: فسمعت تلك المرأة وهي في خدرها، فقالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك أن تنظر، فانظر، وإلا فإني أنشدك. كأنهما عظما ذلك عليه. قال: فنظرت إليها، فتزوجتها. فذكر من موافقتها.

1. شرح المفردات:

● أخطبها: أطلبها للزواج.
● أجدر أن يؤدم بينكما: أي أقرب وأولى أن تستمر المودة والوئام بينكما.
● الخِدر: الستر أو الحجاب الذي تكون فيه المرأة، وهو مكانها الخاص.
● أنشُدك: أستحلفك أو أطلب منك التأكد والتحقق.
● عظّما ذلك عليه: استكبرا الأمر أو استصعباه.

2. شرح الحديث:

يخبر المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنه ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليستشيره في امرأة يريد خطبتها، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن ينظر إليها قبل الزواج، لأن النظر إلى المخطوبة يزيد في الألفة والمحبة بين الزوجين، ويقوي الرغبة في إتمام الزواج، ويبعد عن المفاجآت غير المتوقعة بعد العقد.
ثم ذهب المغيرة إلى أهل المرأة (وهي من الأنصار) وأخبرهم بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، فاستغرب الأبوان هذا الطلب وكرهاه، ربما خوفًا على حياء ابنتهما أو خشية انتهاك حرمة النظر.
لكن الفتاة التي في خدرها سمعت الكلام، ففهمت حكمة النبي صلى الله عليه وسلم، وأدركت أن الأمر ليس فيه ما يخدش الحياء، بل هو من السنة، فقالت بكل حكمة وأدب: إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم أمرك بذلك فافعل، وإلا فإني أستحلفك ألا تفعل شيئًا لم يأمر به الشرع.
فلما سمع الأبوان كلام ابنتهما الواعي، اقتنعا وسمحا للمغيرة بالنظر، فنظر إليها وتزوجها، وكان زواجهما موفقًا ومليئًا بالموافقة والانسجام.

3. الدروس المستفادة:

● مشروعية النظر إلى المخطوبة: وهذا من رحمة الإسلام وواقعيته، حيث شرع النظر للمخطوبة لتقوى الرغبة ويحصل الأنس بينهما.
● الحكمة من النظر: تحقيق الألفة والاستقرار العاطفي قبل الزواج، وتجنب النفور أو الندم لاحقًا.
● دور المرأة الفطنة: الفتاة في الحديث كانت ذات عقل راجح وفهم صحيح للدين، ولم تتردد في تطبيق سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
● احترام رأي المرأة: الحديث يظهر أن للفتاة رأيًا في أمر زواجها، وأن كلامها قد يكون مقنعًا حتى لوالديها.
● طاعة النبي صلى الله عليه وسلم: الطاعة المطلقة لأمر النبي ولو بدا غريبًا في البداية، لأنه لا يأمر إلا بخير.
● الزواج الناجح مبني على الفهم والرضا: نظر المغيرة وموافقة الفتاة كانا سببًا في زواج ناجح مليء بالوفاق.

4. معلومات إضافية:

- هذا الحديث رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه، وصححه الألباني.
- يستحب أن يكون النظر بعلم أهل المرأة وموافقتهم، كما حدث في القصة.
- لا يجوز الخلوة بها ولا النظر بشهوة، بل المقصود التأكد من جمالها وأخلاقها مما يباح للناظر.
- الفقهاء استنبطوا من هذا الحديث مشروعية الخاطب أن يرى مخطوبته قبل العقد، بل استحبابه.

أسأل الله أن يرزقنا الفهم الصحيح لشرعه، والاهتداء بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذي (١٠٨٧) والنسائي (٣٢٣٥) وابن ماجه (١٨٦٦) وأحمد (١٨١٣٧) واللفظ له، والبيهقي (٧/ ٨٤ - ٨٥) وابن الجارود (٦٧٥) كلهم من حديث بكر بن عبد اللَّه المزني، عن المغيرة بن شعبة فذكره. واختصر البعض. وزاد البيهقي: فما وقعت عندي امرأة بمنزلتها، ولقد تزوجت سبعين، أو بضع وسبعين امرأة.
وإسناده صحيح وقد اختلف في سماع بكر بن عبد اللَّه المزني من المغيرة بن شعبة. فقال ابن معين: «بكر لم يسمع من المغيرة».
ولكن ذهب الدارقطني في «العلل» (٧/ ١٣٩) إلى أنه سمع منه، فقد قيل له: هل سمع من المغيرة؟ فقال: نعم.
وأما ما رواه عبد الرزاق في مصنفه (١٠٣٣٥) ومن طريقه ابن ماجه (١٨٦٥) وابن حبان (٤٠٤٣) والحاكم (٢/ ١٦٥) والبيهقي (٧/ ٨٤) وابن الجارود (٦٧٦) والدارقطني (٣/ ٢٥٣) عن معمر، عن ثابت، عن أنس، أن المغيرة بن شعبة خطب امرأة فقال له النبي ﷺ: «اذهب فانظر إليها فإنه أدوم لما بينكما» فهو غلط، غلط فيه معمر فإنه ضعيف في ثابت كما قال ابن معين، إنما الصحيح ثابت، عن بكر مرسلًا كما قال الدارقطني، ورواه عبد الرزاق أيضًا عن سفيان الثوري، عن حميد، عن أنس فقال الدارقطني: «إنما رواه حميد، عن بكر. ومدار الحديث على بكر بن عبد اللَّه المزني» انتهى كلام الدارقطني.
وقال في سننه: «الصواب عن ثابت، عن بكر المزني. ثم رواه عن ابن مخلد، نا الجرجاني، نا عبد الرزاق، أنا معمر، عن ثابت، عن بكر المزني أن المغيرة بن شعبة قال: أتيت النبي ﷺ فذكر نحوه».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 99 من أصل 360 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اذهب فانظر إليها فإنه أجدر أن يؤدم بينكما

📜 حديث: اذهب فانظر إليها فإنه أجدر أن يؤدم بينكما

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: اذهب فانظر إليها فإنه أجدر أن يؤدم بينكما

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: اذهب فانظر إليها فإنه أجدر أن يؤدم بينكما

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: اذهب فانظر إليها فإنه أجدر أن يؤدم بينكما

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية