نصيحة النبي لفاطمة بنت قيس بعد طلاقها

حديث: نصيحة النبي لفاطمة بنت قيس بعد طلاقها

عن أبي بكر بن أبي الجهم بن صُخير العدوي قال: سمعت فاطمة بنت قيس تقول: إن زوجها طلّقها ثلاثا، فلم يجعل لها رسول اللَّه ﷺ سكنى ولا نفقة قالت: قال لي رسول اللَّه ﷺ: «إذا حللت فآذنيني» فآذنته. فخطبها معاوية وأبو جهم وأسامة ابن زيد. فقال رسول اللَّه ﷺ: «أما معاوية فرجل تَرب لا مال له، وأما أبو جهم فرجل ضراب للنساء، ولكن أسامة بن زيد».
فقالت بيدها هكذا: أسامة! أسامة! فقال لها رسول اللَّه ﷺ: «طاعة اللَّه وطاعة رسوله خير لك» قالت: فتزوجته فاغتبطتُ.

صحيح: رواه مسلم في الطلاق (٤٧: ١٤٨٠) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، حدثنا سليمان، عن أبي بكر بن أبي الجهم فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم ورد في صحيح مسلم وغيره، وفيه دروس وعبر مهمة في أحكام الطلاق والزواج، وفي طاعة الله ورسوله. سأشرحه لكم جزءًا جزءًا معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

أولاً. شرح المفردات:

● طَلَّقَهَا ثَلَاثًا: أي أصدر عليها الطلاق البائن الذي لا رجعة فيه بعد انقضاء العدة.
● سُكْنَى: حق السكنى أثناء العدة.
● نَفَقَة: النفقة المعتادة للزوجة أثناء العدة.
● حَلَلْتِ: انقضت عدتك وأصبحت حلالاً للزواج.
● آذِنِينِي: أعلميني.
● تَرْب: فقير لا مال عنده.
● ضَرَّابٌ لِلنِّسَاء: كثير الخصومة والمشاكل مع النساء، أو من يضرب النساء (وفي رواية: لا يضع عصاه عن عاتقه، أي شديد مع النساء).

ثانيًا. شرح الحديث:

1- الواقعة: السيدة فاطمة بنت قيس -رضي الله عنها- طلقها زوجها الطلاق البائن (ثلاث تطليقات)، فجاءت إلى النبي ﷺ تسأله عن حقها في السكنى والنفقة أثناء العدة، فأخبرها النبي ﷺ أنه لا سكنى ولا نفقة لها في هذه الحالة لأن الطلاق كان بائنًا.
2- سبب عدم السكنى والنفقة: لأن الطلاق البائن يقطع العلاقة الزوجية فورًا، فلا تجب النفقة إلا في الطلاق الرجعي حيث يبقى الزوج في عصمته.
3- الأمر بالإعلام بعد انقضاء العدة: قال لها النبي ﷺ: «إذا حللت فآذنيني»؛ وذلك لأن النبي ﷺ أراد أن يختار لها زوجًا مناسبًا بعد انقضاء عدتها.
4- الخطبة من الثلاثة: بعد انقضاء العدة، تقدّم لخطبتها ثلاثة من الصحابة وهم:
- معاوية بن أبي سفيان (قبل إسلامه أو في بداية إسلامه).
- أبو جهم بن حذيفة.
- أسامة بن زيد -رضي الله عنه-.
5- نصيحة النبي ﷺ لها:
- قال عن معاوية: «رجل تَرْب لا مال له» أي فقير.
- وقال عن أبي جهم: «ضراب للنساء» أي فيه شدة مع النساء أو كثير المشاكل.
- وأرشدها إلى أسامة بن زيد -رضي الله عنه-.
6- ترددها واستغرابها: قالت: "أسامة! أسامة!" تعبيرًا عن استغرابها؛ لأن أسامة كان أسود اللون أو لأنه كان شابًا صغيرًا، بينما كانت هي من قريش، فربما توقعت زوجًا من نفس مستواها الاجتماعي.
7- توجيه النبي ﷺ لها: قال لها: «طاعة الله وطاعة رسوله خير لك»، أي إن نصحتي لك هي خير، فاطمئني واثقي بما أختاره لك.
8- النتيجة السعيدة: تزوجت أسامة بن زيد -رضي الله عنه- فوجدت السعادة والغبطة في زواجها.

ثالثًا. الدروس المستفادة:

1- عدم وجوب السكنى والنفقة في الطلاق البائن: وهذا حكم فقهي مهم أخذ منه العلماء أن المطلقة طلاقًا بائنًا لا نفقة لها ولا سكنى إلا إذا كانت حاملاً.
2- مشورة النبي ﷺ في الزواج: النبي ﷺ لم يتركها تختار وحدها، بل نصحها بما فيه مصلحتها، مما يدل على أهمية المشورة في الزواج.
3- الأخذ بالمعيار الشرعي في الزواج: النبي ﷺ لم ينظر إلى اللون أو الجاه أو النسب، بل نظر إلى الدين والخلق، فقد كان أسامة بن زيد -رضي الله عنه- من أحب الناس إلى رسول الله ﷺ.
4- طاعة الله ورسوله: حتى لو كان الأمر يخالف هوى النفس، فإن طاعة الله ورسوله هي طريق السعادة.
5- الغبطة والرضا بعد الطاعة: قالت: "فاغتبطتُ" أي وجدت السعادة والفرح، وهذا دليل على أن طاعة الله ورسوله تؤدي إلى الخير والرضا.

رابعًا. فوائد إضافية:

- الحديث يدل على حرص النبي ﷺ على شؤون النساء وحل مشاكلهن.
- فيه دليل على أن النبي ﷺ كان يعرف أحوال أصحابه وصفاتهم.
- أسامة بن زيد -رضي الله عنه- كان مولى رسول الله ﷺ وحِبّه، وقد قاد جيشًا فيه كبار الصحابة وهو صغير السن.

أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا، وأن يرزقنا الفقه في الدين، والاتباع لسنة سيد المرسلين. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الطلاق (٤٧: ١٤٨٠) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، حدثنا سليمان، عن أبي بكر بن أبي الجهم فذكره.
وقوله: ترب يعني الفقير، لأنه من شدة فقره يكون ملصقا بالتراب.
قال مالك: «إنما معنى كراهية أن يخطب الرجل على خطبة أخيه إذا خطب الرجل المرأة،
فرضيتْ به، فليس لأحد أن يخطب على خطبته».
وقال الشافعي: «أن معنى حديث الباب إذا خطب الرجلُ المرأة فرضيت به، وركنت إليه، فليس لأحد أن يخطب على خطبته، فإذا لم يعلم برضاها ولا ركونها فلا بأس أن يخطبها، والحجة فيه قصة فاطمة بنت قيس فإنها لم تخبره برضاها بواحد منهما، ولو أخبرته بذلك لم يشر عليها بغير من اختارت» حكاه الترمذي (١١٣٤).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 91 من أصل 360 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نصيحة النبي لفاطمة بنت قيس بعد طلاقها

📜 حديث: نصيحة النبي لفاطمة بنت قيس بعد طلاقها

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: نصيحة النبي لفاطمة بنت قيس بعد طلاقها

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: نصيحة النبي لفاطمة بنت قيس بعد طلاقها

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: نصيحة النبي لفاطمة بنت قيس بعد طلاقها

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية