حديث: كان رسول الله يطوف على نسائه كل يوم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب العدل بين الزوجات في القسم إلا من وهبت نوبتها لضرتها

عن عائشة قالت: يا ابن أختي، كان رسول اللَّه ﷺ يُفضّل بعضنا على بعض في القسم، من مكثه عندنا، وكان قلّ يوم إلا وهو يطوف علينا جميعًا، فيدنو من كل امرأة من غير مَسيس حتى يبلغ إلى التي هو يومُها فيبيت عندها. ولقد قالت سودة بنت زمعة حين أسنّت، وفَرقت أن يفارقها رسول اللَّه ﷺ: يا رسول اللَّه، يومي لعائشة، فقبل ذلك رسول اللَّه ﷺ منها. قالت: نقول في ذلك: أنزل اللَّه عز وجل وفي أشباهها أُراه قال: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا﴾ [النساء: ١٢٨].

حسن: رواه أبو داود (٢١٣٥) ومن طريقه البيهقي (٧/ ٤٧) والحاكم (٢/ ١٨٦) كلاهما من طريق أحمد بن يونس، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: قالت عائشة فذكرته.

عن عائشة قالت: يا ابن أختي، كان رسول اللَّه ﷺ يُفضّل بعضنا على بعض في القسم، من مكثه عندنا، وكان قلّ يوم إلا وهو يطوف علينا جميعًا، فيدنو من كل امرأة من غير مَسيس حتى يبلغ إلى التي هو يومُها فيبيت عندها. ولقد قالت سودة بنت زمعة حين أسنّت، وفَرقت أن يفارقها رسول اللَّه ﷺ: يا رسول اللَّه، يومي لعائشة، فقبل ذلك رسول اللَّه ﷺ منها. قالت: نقول في ذلك: أنزل اللَّه ﷿ وفي أشباهها أُراه قال: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا﴾ [النساء: ١٢٨].

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه والعمل بها.
هذا الحديث الشريف الذي روتْه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وهو في صحيح البخاري، يوضح لنا جانباً من سيرة النبي ﷺ في معيشته مع أزواجه، ويحتوي على دروس عظيمة في الرحمة والعدل والرفق.

أولاً. شرح المفردات:


● يُفضّل بعضنا على بعض في القسم: أي كان يقسم وقتاً أكثر لبعض زوجاته دون الآخرات في الإقامة عندهن، وليس تفضيلاً في المحبة أو المكانة.
● من مكثه عندنا: أي من حيث المدة التي يمكثها عند كل واحدة.
● يطوف علينا جميعًا: يزورنا ويتفقد أحوالنا واحدة تلو الأخرى.
● يدنو من كل امرأة: يقترب منها ويسلم عليها ويسأل عن حالها.
● من غير مَسيس: من غير جماع أو مباشرة، أي كانت الزيارة للاطمئنان والتودد.
● التي هو يومُها: الزوجة التي نوبتها في تلك الليلة للمبيت.
● حين أسنّت: عندما تقدم بها العمر.
● وفَرقت أن يفارقها: خافت أن يطلِّقها لَكِبَر سنها.
● يومي لعائشة: تتنازل عن يومها ونوبتها لعائشة رضي الله عنها.
● نُشُوزًا: النشوز هو الإعراض وعدم الرغبة في المعاشرة أو المخالفة.

ثانيًا. شرح الحديث:


يصف هذا الحديث نظام القسم الذي كان النبي ﷺ يتبعه بين زوجاته، وهو نظام عادل قائم على المساواة في توزيع الأيام والليالي. ومع ذلك، كان ﷺ يزيد في المكث عند بعض الزوجات لحكمة يعلمها، مثل حاجة إحداهن للعناية أو لسبب آخر، ولكن هذا التفضيل في الوقت لم يكن يعني تفضيلاً في المحبة أو المكانة عند الله.
وكان من هديه ﷺ أنه رغم انشغاله بأمور الدعوة والعبادة، إلا أنه كان يطوف على جميع زوجاته يومياً، يزور كل واحدة في بيتها، ويسأل عن حالها، ويقترب منها لتطييب خاطرها، حتى يصل إلى التي هي نوبتها فيبيت عندها. وهذا من كمال خلقه ورحمته ﷺ، حيث كان حريصاً على إدخال السرور على قلوبهن وعدم إحساس أي واحدة منهن بالإهمال.
ثم تذكر عائشة رضي الله عنها قصة سودة بنت زمعة رضي الله عنها، التي خافت - عندما كبرت في السن - أن يطلقها النبي ﷺ لعدم حاجته إليها، فتنازلت طواعية عن يومها ونوبتها لعائشة رضي الله عنها، التي كانت صغيرة السن ومحبة للنبي ﷺ. فقبل النبي ﷺ منها ذلك، وصار يومها من حصة عائشة.
وتختم عائشة رضي الله عنها بأن هذا الموقف وأمثاله كان من أسباب نزول قوله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128]. أي إذا خافت المرأة من زوجها الإعراض أو عدم الرغبة فيها، فلا حرج عليهما أن يتصالحا على تنازلها عن بعض حقوقها كالنفقة أو القسم، حفظاً للعلاقة الزوجية وتفادياً للفراق. والصلح خير من الشقاق.

ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- العدل بين الزوجات: كان النبي ﷺ قدوة في العدل بين زوجاته في القسم، مع مراعاة الظروف الخاصة.
2- الرحمة والرفق بالزوجة: حرصه ﷺ على الطواف عليهن يومياً يدل على رحمته واهتمامه بإسعادهن وطمأنة قلوبهن.
3- الحكمة في معالجة المشكلات الزوجية: قصة سودة تظهر كيف يمكن حل المشكلات الزوجية بالحكمة والتنازل الطوعي لحفظ كيان الأسرة.
4- شرعية الصلح بين الزوجين: نزول الآية الكريمة يؤكد مشروعية الصلح بين الزوجين إذا خافت المرأة النشوز أو الإعراض، وأن تنازل المرأة عن بعض حقوقها للحفاظ على زواجها أمر جائز بل ومحمود.
5- تقدير ظروف الزوجة: قبول النبي ﷺ تنازل سودة показывает مراعاة ظروف الزوجة وكبرها وعدم إرهاقها بما لا تطيق.

رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث من أبلغ الأحاديث في بيان معاملة النبي ﷺ لأزواجه، وفيه رد على من يتهمه بعدم العدل بينهن.
- القسم بين الزوجات واجب على من له أكثر من زوجة، وهو من كمال الدين وعدالته.
- قصة سودة رضي الله عنها مثال رائع على التفاهم والحكمة وحسن الخلق بين الزوجين، وكيف أن التنازل عن حق شخصي لمصلحة الأسرة هو من الصلح الخير.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا فهم سنة نبيه والعمل بها، وأن يصلح ذات بيننا، ويوفقنا لما يحبه ويرضاه.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢١٣٥) ومن طريقه البيهقي (٧/ ٤٧) والحاكم (٢/ ١٨٦) كلاهما من طريق أحمد بن يونس، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: قالت عائشة فذكرته. قال الحاكم: صحيح الإسناد.
قال الأعظمي: إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن أبي الزناد فإنه حسن الحديث، وحسنه أيضًا ابن حجر في الإصابة (١٣/ ٥٠٦).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 198 من أصل 360 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كان رسول الله يطوف على نسائه كل يوم

  • 📜 حديث: كان رسول الله يطوف على نسائه كل يوم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: كان رسول الله يطوف على نسائه كل يوم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: كان رسول الله يطوف على نسائه كل يوم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: كان رسول الله يطوف على نسائه كل يوم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب