حديث: ضَحَّى رسولُ الله ﷺ والمسلمون
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب الأضاحي من شعائر الإسلام
حسن: رواه الترمذيّ (١٥٠٦) عن أحمد بن منيع، قال: حَدَّثَنَا هُشيم قال: أخبرنا حجَّاج بن أرطاة، عن جبلة بن سُحيم فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع:
الحديث:
عن جبلة بن سُحيم أن رجلًا سأل ابن عمر عن الأضحية: أواجبة هي؟ فقال: ضحَّى رسولُ الله ﷺ والمسلمون، فأعادها عليه، فقال: أَتعقِل!؟ ضحَّى رسول الله ﷺ والمسلمون.
[رواه الإمام أحمد في مسنده، والترمذي في سننه، وقال: حديث حسن]
1. شرح المفردات:
● أوَاجبة هي؟: أي هل هي فرض لازم على كل مسلم؟
● أتعقل؟: استفهام إنكاري، بمعنى: هل عندك عقل تفهم به؟ وهي كلمة تقال للتعجب من سؤال سائل عن أمر واضح.
● ضحَّى: أي ذبح الأضحية في يوم عيد الأضحى تقربًا إلى الله تعالى.
2. شرح الحديث:
سأل رجل الصحابي الجليل عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن حكم الأضحية، هل هي واجبة على كل مسلم؟ فأجابه ابن عمر بإجابة حكيمة، لم يذكر فيها الحكم الفقهي بصيغة "واجبة" أو "سنة"، بل أجابه بالعمل العملي للنبي ﷺ وأصحابه، فقال: "ضحى رسول الله ﷺ والمسلمون".
فلما أعاد الرجل السؤال مرة أخرى، انتهره ابن عمر انتهارًا خفيفًا بقوله: "أتعقل؟!" تعجبًا من إصراره على السؤال عن أمر ظاهر واضح، ثم أعاد نفس الجواب: "ضحى رسول الله ﷺ والمسلمون".
المقصود من جواب ابن عمر:
لم يرد ابن عمر أن يخوض في الخلاف الفقهي (هل الأضحية واجبة أم سنة مؤكدة)، بل أراد أن يبين للسائل عظمة هذا العمل وجلالة مكانته، فهو عمل قام به النبي ﷺ وأقامه وأدامه، واقتدى به جميع أصحابه والمسلمون من بعدهم. فكيف يسأل عن وجوبه بعد هذا؟! فالمسلم ينبغي أن يحرص على التأسي برسول الله ﷺ وعدم التخلف عن هديه.
3. الدروس المستفادة منه:
1- بيان مكانة الأضحية في الإسلام: فهي من شعائر الله الظاهرة التي يتقرب بها المسلم إلى ربه في أعظم أيام العام.
2- الحث على التأسي بالنبي ﷺ: فأعظم دافع لفعل الخير هو أن النبي ﷺ فعله، وليس مجرد البحث عن كونه "واجبًا" أم "سنة". فالمؤمن يحرص على اتباع هدي النبي في كل شيء.
3- أدب طلب العلم: ينبغي للسائل أن يتأدب في سؤاله، وأن يفهم أن بعض الأمور التي فعلها النبي ﷺ وأقامها تكون من الأهمية بمكان بحيث لا ينبغي التكاسل عنها أو التشديد في السؤال عن وجوبها.
4- طريقة الإجابة الحكيمة:有时 يجيب العالم بسرد فعل النبي ﷺ وأصحابه كجواب كافٍ وشافٍ، ليربط قلب السائل بالاتباع والاقتداء لا بالجدل والمنطق.
5- الخلاف الفقهي في حكم الأضحية: يستفاد من جواب ابن عمر أنه كان يرى تأكدها وقوة أمرها، وإن لم يصرح بالوجوب. وجمهور العلماء (أبو حنيفة ومالك وأحمد في رواية) على أنها سنة مؤكدة على القادر، وذهب أبو حنيفة إلى وجوبها على المقيم الموسر. وجواب ابن عمر يتفق مع رأي الجمهور في تأكدها.
4. معلومات إضافية مفيدة:
● فضل الأضحية: فيها امتثال لأمر الله، وتذكر لقصة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وإدخال السرور على الفقراء والمحتاجين، والتوسعة على العائلة في يوم العيد.
● حكمة انتهار ابن عمر: لم يكن الانتهار للتوبيخ، بل كان للتأديب والتنبيه على عظمة المسؤول عنه، وأن المسلم ينبغي أن يكون حريصًا على التأسي برسول الله دون تردد.
● الاستنباط: يستنبط من الحديث الحث على المبادرة إلى فعل الخير واتباع السنة، وعدم التكاسل بحجة أن الأمر "غير واجب".
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
قال الترمذيّ: «حسن صحيح».
قلتُ: «بل حسن فقط؛ فإن حجَّاج بن أرطاة صدوق مدلِّس وقد عنعن، ولكن رواه ابن ماجة (٣١٢٤) من وجه آخر عن إسماعيل بن عَيَّاش قال: حَدَّثَنَا الحجاج بن أرطاة، قال: حَدَّثَنَا جبلة بن سحيم قال: سألتُ ابن عمر فذكر الحديث فصرَّح الحجاجُ بالتحديث، لكن فيه إسماعيل بن عَيَّاش مخلط في روايته عن غير الشاميين، وهذا منه؛ لأن الحجاج بن أرطاة من الكوفيين إِلَّا أنه توبع في الإسناد الأوّل، تابعه هُشيم وهو ثقة، وبهذا يرتقي الحديث إلى درجة الحسن.
ولإسماعيل بن عَيَّاش شيخ آخر، رواه ابن ماجة (٣١٢٤) عن هشام بن عمار، عنه، قال: حَدَّثَنَا ابن عون، عن محمد بن سيرين، قال: سألت ابن عمر عن الضحايا أواجبة هي؟ قال (فذكر بقية الحديث مثله) وزاد: «وجرت به السنة».
وابن عون أيضًا ليس من الشاميين، ولعل هذا الاختلاف يعود إلى اختلاط إسماعيل بن عَيَّاش نفسه، والمحفوظ ما رواه هُشيم بن بشير مع متابعة إسماعيل بن عياش.
فالحديث بمجموع هذه الطرق لا ينزل عن درجة الحسن.
وقد جاء ما يدل على أن ابن عمر كان يرى الأضحية سنة، وليست بواجبة، من ذلك ما رواه البيهقيّ (٩/ ٢٦٥ - ٢٦٦) من طريق شعبة - وابن حزم في المحلى (٨/ ٩) من طريق حمّاد بن سلمة - كلاهما عن عقيل بن طلحة، عن زياد بن عبد الرحمن قال: سألتُ ابن عمر عن الأضحية فقال: «سنة ومعروف». واللّفظ لابن حزم، وهو عند البيهقيّ بساق أطول.
ورجالهما ثقات غير زياد بن عبد الرحمن أبي خصيب القيسي لم يوثّقه غيرُ ابن حبَّان، ولم يرو عنه سوى عقيل بن طلحة، ولذا قال الحافظ: «مقبول» لكن لا بأس به في المتابعات، ولذلك لما علّقه البخاريّ في «صحيحه» عن ابن عمر بصيغة الجزم، قال الحافظ في الفتح (١٠/ ٣): «وصله حمّاد بن سلمة في: مصنفه«بسند جيد إلى ابن عمر. ورواه في تغليق التعليق (٥/ ٣) بسنده عن حمّاد بن سلمة به بمثل رواية ابن حزم.
وقال الترمذيّ عقب حديث جبلة بن سحيم: «هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم أن الأضحية ليست بواجبة، ولكنها سنة من سنن رسول الله ﷺ يُستحب أن يُعمل بها، وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك».
وقلتُ: وبه قال أيضًا الشافعيّ، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبو يوسف صاحب أبي حنيفة، وجمع من أهل العلم من الصّحابة والتابعين.
وأمّا ما رُوي عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «من كان له سعة ولم يضحِّ، فلا يقربنَّ مصلانا«ففيه ضعف.
رواه ابن ماجة (٣١٢٣) عن أبي بكر بن أبي شيبة، قال: حَدَّثَنَا زيد بن الحُباب، حَدَّثَنَا عبد الله بن عَيَّاش، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة فذكره.
ورواه أحمد (٨٢٧٣)، والحاكم (٤/ ٢٣١ - ٢٣٢) من طريق عبد الله بن يزيد المقريء، عن عبد الله بن عَيَّاش به.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وليس كما قال؛ فإن عبد الله بن عَيَّاش القتباني قد ضعَّفه أبو داود والنسائيّ، وقال أبو حاتم: «ليس بالمتين صدوق يُكتب حديثُه«ولذا قال الحافظ: «صدوق يخلط أخرج له مسلم في الشواهد».
فهو ضعيف يُعتبر به، لكن لا يُعرف له متابع بل قد اختلف عليه في إسناده فرواه الحاكم (٤/ ١٣٢) من طريق وهب، أخبرني عبد الله بن عَيَّاش، عن عبد الرحمن الأعرج حدَّثه عن أبي هريرة قال: «من وجد سعة فلم يضح معنا، فلا يقربن مصلانا«موقوفًا.
ورواه الدَّارقطنيّ (٤٧٤٣) من طريق ابن وهب، حَدَّثَنَا عبد الله بن عَيَّاش عن عيسى بن عبد الرحمن بن فروة الأنصاريّ، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مثله موقوفًا.
والموقوف أشبه بالصواب؛ قال البيهقيّ في الكبرى (٩/ ٢٦): «بلغني عن أبي عيسى الترمذيّ أنه قال: «الصَّحيح عن أبي هريرة موقوف. قال: ورواه جعفر بن ربيعة وغيره عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة موقوفًا، وحديث زيد بن الحباب غير محفوظ».
وقال البيهقيّ في «الصغرى» كما في المنة الكبرى (٤/ ٤٦١): «والموقوف أصح» وكذا قال الدَّارقطنيّ كما نقله ابن الجوزي في «التحقيق». راجع للمزيد «المنة الكبرى».
وكذلك لا يصح ما رُوِيَ عن مِخنف بن سُليم قال: ونحن وقوف مع رسول الله ﷺ بعرفات قال: قال: «يا أيها الناس، إنَّ على كل أهل بيت في كل عام أُضحية وعتيرة، أتدرون ما العتيرة؟ هذه التي يقول عنها الناس: الرجبية».
رواه أبو داود (٢٧٨٨)، والتِّرمذيّ (١٥١٨)، والنسائي (٤٢٢٤)، وابن ماجة (٣١٢٥)، والإمام أحمد (١٧٨٨٩) من طرق عن عبد الله بن عون، عن عامر أبي رمْلة قال: أخبرنا مخنف بن سُليم فذكره.
وزاد النسائيّ: قال معاذ راويه عن ابن عون: كان ابن عون يَعْتِرُ، أَبْصَرَتْه عيني في رجب«وقال الترمذيّ: «حديث حسن غريب لا نعرف هذا الحديث إِلَّا من هذا الوجه من حديث ابن عون. اهـ.
كذا قال! وفي إسناده عامر أبو رملة، تفرّد عنه ابن عون ولم يوثَّق، لذا قال الذّهبيّ في
«الميزان»: «فيه جهالة» وقال الحافظ في التقريب: «لا يُعرف».
ولكنه توبع فرواه عبد الرزّاق في مصنفه (٨١٥٩) عن ابن جريج قال: أخبرني عبد الكريم، عن حبيب بن مخنف، عن أبيه، قال: فذكر نحوه.
ورواه أحمد (٢٠٧٣٠) عن عبد الرزّاق به، لكن لم يذكر عن «أبيه».
وقد نقل ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٣/ ١٠٨) عن عبد الرزّاق أنه قال: «لا أدري أعن أبيه أم لا؟».
قل: وأيًّا كان فمداره على عبد الكريم وهو ابن أبي المخارق أبو أمية البصري اتهمه أيوب السختياني بالكذب، وقال ابن معين: «ليس بشيء» وقال النسائيّ والدارقطني: «متروك الحديث».
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 4 من أصل 81 حديثاً له شرح
- 1 العمل في أيام العشر
- 2 من فعله فقد أصاب سنتنا
- 3 من ذبح قبل الصلاة فإنما ذبح لنفسه
- 4 ضَحَّى رسولُ الله ﷺ والمسلمون
- 5 بكل شعرة من الصوف حسنة
- 6 إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من...
- 7 من كان له ذبح فلا يأخذ من شعره ولا أظفاره...
- 8 ذبح الكبشين الأقرنين الأملحين
- 9 أمر بكبش أقرن يطأ في سواد ويبرك في سواد وينظر...
- 10 يُضحي بكبش أقرن فحيل ينظر في سواد
- 11 اشترِ لي هذه كأنه شبّهه بكبش رسول الله ﷺ
- 12 قرنا الكبش في البيت لا ينبغي أن يشغلا المصلي
- 13 سعي النبي بين الصفا والمروة في الحج
- 14 أربع لا تجوز في الأضاحي
- 15 استشرفوا العين والأذن
- 16 لا تُضحَّى بعضباء الأذن والقرن
- 17 لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم
- 18 ضَحَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِجَذَعٍ مِنَ الضَّأْنِ
- 19 الجذع يوفي مما يوفي منه الثني
- 20 ذبح شاة قبل الصلاة
- 21 ذبح قبل الصلاة فأمره النبي بإبدالها
- 22 عندنا عناق جذعة هي أحب إلي من مسنة
- 23 من ذبح قبل الصلاة فليعد
- 24 عنوان الحديث: قسم النبي ﷺ بين أصحابه ضحايا فصارت العقبة...
- 25 ذبح أضحيته قبل النبي وأمره أن يعيد بضحية أخرى
- 26 عنوان الحديث: قسم رسول الله ﷺ في أصحابه ضحايا
- 27 ذبح قبل صلاة العيد فقال النبي: لا يجزئ عنك
- 28 أخذ الشعر والأظفار تمام الأضحية عند الله
- 29 النَّبِيّ ﷺ يقول للحائض: اقضي ما يقضي الحاج غير الطواف...
- 30 عن سبعة البدنة والبقرة
- 31 نذبح البقرة عن سبعة نشترك فيها
- 32 اشحذي المدية بحجر ثم ذبح الكبش
- 33 كان الرجل يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته
- 34 يضحون بالشاة والشاتين
- 35 يُضحّي بالشاة الواحدة عن جميع أهله
- 36 أوصاني رسول الله أن أضحي عنه
- 37 يضحّي النبي بكبشين وأنا أضحّي بكبشين
- 38 هذا عمن لم يضح عن أمتي
- 39 اشترى كبشين عظيمين سمينين أقرنين أملحين موجوءين
- 40 من ذبح قبل الصلاة فليس من النسك في شيء
- 41 لا تذبحوا حتى تصلوا
- 42 من ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى
- 43 إعادة الذبح لمن ذبح قبل صلاة العيد
- 44 من كان نحر قبل النبي أن يعيد بنحر آخر
- 45 ذبحوا قبل الصلاة فليشتروا غيرها ثم ليذبحوها
- 46 كل أيام التشريق ذبح
- 47 يذبح رسول الله ﷺ وينحر بالمصلى
- 48 ضحى النبي بكبشين أملحين وذبحهما بيده
- 49 إذا ذبحتم فأحسنوا الذبح
- 50 أمر بكبش أقرن يطأ في سواد ويبرك في سواد وينظر...
معلومات عن حديث: ضَحَّى رسولُ الله ﷺ والمسلمون
📜 حديث: ضَحَّى رسولُ الله ﷺ والمسلمون
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ضَحَّى رسولُ الله ﷺ والمسلمون
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ضَحَّى رسولُ الله ﷺ والمسلمون
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ضَحَّى رسولُ الله ﷺ والمسلمون
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








