كل أيام التشريق ذبح

حديث: كل أيام التشريق ذبح

لم يصح في هذا الباب حديث صريح في خروج وقت الذبح.
وأمّا ما رُوي عن جبير بن مطعم عن النَّبِيّ ﷺ قال: «كلُّ عرفات موقف، وارفعوا عن بطن عُرَنة، وكل مزدلفة موقف، وارفعوا عن محسِّر، وكلُّ فجاج منى منحر، وكل أيام التشريق ذبْحٌ». فهو معلول.

ضعيف: رواه أحمد (١٦٧٥١) قال: حَدَّثَنَا أبو المغيرة، ثنا سعيد بن عبد العزيز قال: حَدَّثَنِي سليمان بن موسى، عن جبير بن مطعم فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث مع بيان حاله:
### أولاً. نص الحديث ومصدره
الحديث المذكور روي عن الصحابي الجليل جبير بن مطعم رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«كُلُّ عَرَفَاتٍ مَوْقِفٌ، وَارْفَعُوا عَنْ بَطْنِ عُرَنَةَ، وَكُلُّ مُزْدَلِفَةَ مَوْقِفٌ، وَارْفَعُوا عَنْ مُحَسِّرٍ، وَكُلُّ فِجَاجِ مِنًى مَنْحَرٌ، وَكُلُّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ».

ثانيًا. شرح المفردات:

● عرفات: المكان الذي يقف فيه الحجاج يوم عرفة.
● ارفعوا عن بطن عُرنة: أي تجنبوا الوقوف في وادي عُرنة (وهو وادي خارج حدود عرفات).
● مزدلفة: المكان الذي يبيت فيه الحجاج بعد الوقوف بعرفة.
● ارفعوا عن محسر: أي تجنبوا الوادي المعروف بـ "محسر" (وهو وادي بين منى ومزدلفة).
● فجاج منى: الطرق والمسالك الواسعة في منى.
● منحر: مكان ذبح الهدي والأضاحي.
● أيام التشريق: هي الأيام الثلاثة بعد يوم النحر (11، 12، 13 من ذي الحجة).
● ذبح: أي وقت لذبح الهدي والأضاحي.

ثالثًا. معنى الحديث إجمالاً:

يبيّن الحديث أن:
- كل منطقة عرفات صالحة للوقوف إلا وادي عُرنة (فلا يصح الوقوف فيه).
- كل مزدلفة موقف للمبيت إلا وادي محسر (فيجب تجنبه).
- كل طرق منى صالحة لذبح الهدي والأضاحي.
- أيام التشريق كلها (اليوم الأول والثاني والثالث) أيام ذبح للهدي والأضاحي.

رابعًا. حكم الحديث والكلام على علته:

كما ذكر في السؤال، هذا الحديث معلول (أي فيه علة تمنع قبوله)، وقد ضعفه جماعة من المحدثين، منهم:
- الإمام البيهقي حيث قال: "هذا حديث معلول".
- الإمام ابن حجر العسقلاني ذكر أن في إسناده ضعفًا.
- الإمام الشافعي لم يعتمد عليه في استنباط الأحكام.
والعلة فيه ترجع إلى ضعف في سنده، حيث رواه عبد الملك بن حبيب عن ابن الماجشون، وعبد الملك بن حبيب مختلف في توثيقه، كما أن في السند انقطاعًا أو جهالة.

خامسًا. الدروس المستفادة:

1- الدقة في نقل الحديث: ليس كل ما يُنسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم صحيح، بل يجب التثبت والرجوع إلى أهل العلم.
2- أهمية معرفة أحكام الحج: الحديث يتعلق بأمور الحج (الوقوف، الذبح، المبيت)، مما يظهر دقة الشريعة في تحديد الأماكن والأزمنة.
3- الاستفادة من الأحاديث الضعيفة في فضائل الأعمال: مع ضعف هذا الحديث، إلا أن بعض العلماء يستشهد به في فضائل الأعمال (بشرط ألا يكون ضعفه شديدًا)، لكن لا يُبنى عليه حكم شرعي.

سادسًا. البديل الصحيح في الباب:

الأحاديث الصحيحة التي وردت في بيان وقت الذبح وأماكن المناسك كثيرة، منها:
- قوله صلى الله عليه وسلم: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ كُلُّهَا ذَبْحٌ» (رواه أحمد والدارقطني، وحسنه بعض العلماء).
- وقوله: «كُلُّ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ، وَارْفَعُوا عَنْ بَطْنِ عُرَنَةَ» (ورد بأسانيد أخرى بعضها حسن).
وعلى هذا، فالأحكام الشرعية تؤخذ من الأدلة الصحيحة، وهذا الحديث الضعيف لا يعتمد عليه في إثبات حكم شرعي، لكن يمكن الاستئناس به في فضائل الأعمال إذا لم يعارض ما هو أصح منه.
والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (١٦٧٥١) قال: حَدَّثَنَا أبو المغيرة، ثنا سعيد بن عبد العزيز قال: حَدَّثَنِي سليمان بن موسى، عن جبير بن مطعم فذكره.
قال الهيثميّ في «المجمع» (٤/ ٢٥): رواه أحمد وروى الطبرانيّ في الأوسط عنه: «أيام التشريق كلها ذبح» ورجال أحمد وغيره ثقات.
قال الأعظمي: وهو كما قال رجاله كلّهم ثقات سوى سليمان بن موسى الدّمشقيّ المعروف بالأشدق
أحد فقهاء الشام مختلف فيه غير أنه حسن الحديث إذا لم يخالف.
وعلته الانقطاع؛ فإن سليمان بن موسى لم يدرك جبير بن مطعم كما أشار إلى ذلك البيهقيّ، (٩/ ٢٩٥) بقوله: «هذا هو الصَّحيح، وهو مرسل».
ونقل عنه الزيلعي في نصب الراية قوله: «وسليمان بن موسى لم يدرك جبير بن مطعم».
بل قال البخاريّ: «سليمان لم يدرك أحدًا من أصحاب النَّبِيّ ﷺ «ذكره عنه الترمذيّ في العلل الكبير (١/ ٣١٣).
مذاهب العلماء في أيام الذبح:
لم يصح شيء مرفوع في هذا الباب كما تبين؛ ولذلك قال البزّار عقب حديث جبير بن مطعم: وإنما ذكرنا هذا الحديث لأنا لم نحفظ عن رسول الله ﷺ أنه قال: في كل أيام التشريق ذبح إِلَّا هذا الحديث فمن أجل ذلك ذكرناه وبينا العلة فيه». اهـ.
قال الأعظمي: ولأهل العلم في هذه المسألة قولان، ذكرهما ابن عبد البر في الاستذكار فقال: «ولا يصح عندي في هذه المسألة إِلَّا قولان:
أحدهما: قول مالك والكوفيين: الأضحى يوم النحر ويومان.
والآخر: قول الشافعي والشاميين: يوم النحر وثلاثة أيام بعده. قال: وهذان القولان قد رويا عن جماعة من أصحاب النَّبِيّ ﷺ واختلف عنهم فيها»اهـ.
قال الأعظمي: القول الأوّل رُوي عن ابن عمر، وعليّ، وأنس ﵃.
والقول الآخر رُوي عن ابن عباس ومن التابعين عن عطاء، والحسن. وأولى القولين بالصواب من قال: أيام الذبح هي يوم النحر وأيام التشريق قياسا على بقية النسك فيها، وفي الحديث: «أيّامُ منى أيام أكلٍ وشُربٍ وذكرٍ» والذبح فيه ذكر الله عز وجل، وفيه الأكل من الذبيحة أيضًا.
قال الشافعي ﵀: «نحر النَّبِيّ ﷺ وضحى في يوم النحر، فلمّا لم يحظر على الناس أن يضحوا بعد النحر بيوم أو يومين لم يجد اليوم الثالث مفارقا لليومين قبله لأنه ينسك فيه ويرمي كما ينسك ويرمي فيها».
نقله عنه البيهقيّ في المعرفة (١٤/ ٦٤ - ٦٥) ثمّ أشار إلى بعض الأحاديث والآثار الواردة في الباب ثمّ قال: «هذه الأحاديث منقطعة وإذا لم تثبت فالقياس ما قاله الشافعي ﵀» اهـ.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 46 من أصل 81 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كل أيام التشريق ذبح

📜 حديث: كل أيام التشريق ذبح

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: كل أيام التشريق ذبح

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: كل أيام التشريق ذبح

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: كل أيام التشريق ذبح

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية