حديث: بكل شعرة من الصوف حسنة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما روي في فضل الأضحية

رُوِيَ في فضل الضحايا أحاديث لكن لم يثبت منها شيء؛ ولذلك قال أبو بكر بن العربي في «العارضة» (٦/ ٢٨٨): «ليس في فضل الأضحية حديث صحيح، وقد روى الناس فيها عجائب» اهـ.
قال الأعظمي: من ذلك ما رُوي عن زيد بن أرقم قال: قال أصحاب رسول الله ﷺ: يا رسول الله، ما هذه الأضاحي؟ قال: «سنة أبيك إبراهيم»، قالوا فما لنا فيها يا رسول الله؟ قال: «بكل شعرة حسنة» قالوا: فالصوف يا رسول الله؟ قال: «بكل شعرة من الصوف حسنة».

ضعيف: رواه ابن ماجة (٣١٢٧) والإمام أحمد (١٩٢٨٣) من طريق سلّام بن مسكين، ثنا عائذ الله المجاشعيّ، عن أبي داود، عن زيد بن أرقم فذكره.

رُوِيَ في فضل الضحايا أحاديث لكن لم يثبت منها شيء؛ ولذلك قال أبو بكر بن العربي في «العارضة» (٦/ ٢٨٨): «ليس في فضل الأضحية حديث صحيح، وقد روى الناس فيها عجائب» اهـ.
قال الأعظمي: من ذلك ما رُوي عن زيد بن أرقم قال: قال أصحاب رسول الله ﷺ: يا رسول الله، ما هذه الأضاحي؟ قال: «سنة أبيك إبراهيم»، قالوا فما لنا فيها يا رسول الله؟ قال: «بكل شعرة حسنة» قالوا: فالصوف يا رسول الله؟ قال: «بكل شعرة من الصوف حسنة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم والعمل بها.
أولاً: تخريج الحديث ودرجته:
الحديث الذي ذكر ضعيف لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما أشار إلى ذلك المحقق الشيخ الأعظمي ونقله عن الإمام أبي بكر بن العربي. وهذا هو الصواب الذي عليه أكثر المحدثين.
وقد رواه ابن ماجه في "سننه" (٢/ ١٠٤٥) وغيره من طريق: عُبيد الله بن أبي زياد القداح، عن شهر بن حوشب، عن زيد بن أرقم، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي سنده مشكلتان:
1- عبيد الله بن أبي زياد القداح: ضعفه جماعة من أئمة النقد مثل الإمام أحمد ويحيى بن معين وأبو حاتم الرازي.
2- شهر بن حوشب: وهو ثقة في نفسه، لكنه كان يدلس، وقد روى هنا بالعنعنة ("عن زيد بن أرقم") دون أن يصرح بالتحديث، فيحتمل أنه دلسه عن ضعيف أو عن مجهول.
ولهذا حكم على الحديث بالضعف جمع من الأئمة كالإمام البيهقي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والحافظ ابن حجر، والألباني، وغيرهم.
ثانياً: شرح مفردات الحديث (على سبيل الفهم):
* الأضاحي: جمع أضحية، وهي ما يذبح من بهيمة الأنعام (الإبل، البقر، الغنم) في أيام عيد الأضحى تقرباً إلى الله تعالى.
* سنة أبيكم إبراهيم: أي طريقته وشرعته التي شرعها الله له، وهي الإحياء لذكرى فداء الله لإسماعيل بذبح عظيم.
* بكل شعرة حسنة: أي أن لصاحب الأضحية أجراً وحسنة على كل شعرة في جسم الأضحية.
* الصوف: هو الوبر أو الشعر الذي على جسم الشاة أو البعير.
ثالثاً: المعنى الإجمالي (على سبيل الفهم لو صح الحديث):
لو كان الحديث صحيحاً لكان معناه: أن المسلمين سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن حكمية الأضاحي، فأخبرهم أنها من الدين الذي شرعه الله لإبراهيم عليه السلام، ثم سألوا عن الثواب الذي يعود عليهم منها، فأخبرهم أن الثواب عظيم جداً، بحيث تُكتب للحاج حسنة (أي درجة من الدرجات أو ثواباً) على كل شعرة في جسم الأضحية، بل وحتى على الصوف الذي يُحلق منها.
رابعاً: الدروس والفوائد المستفادة (من حيث الجملة):
1- ضعف الحديث لا يعني ترك الأضحية: الأضحية سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم ثابتة بأدلة صحيحة من فعله صلى الله عليه وسلم وأمره، كقوله: (مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا) رواه ابن ماجه وهو حسن. فضعف أحاديث الفضل لا يطعن في أصل مشروعيتها.
2- الحذر من رواية الأحاديث الضعيفة: فيه تنبيه للمسلم عامة والداعية خاصة على تحري الصحيح من الأحاديث وعدم نشر الضعيف منها ولو كان في فضائل الأعمال، لأن الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم من الكبائر.
3- إحياء سنن الأنبياء: الأضحية من سنن النبي إبراهيم عليه السلام التي أتى بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأحيّاها.
4- سعة فضل الله وكرمه: وإن كان هذا الحديث ضعيفاً، إلا أن أصل فضل الأضحية والتقرب إلى الله بها ثابت، والله كريم يجزي على العمل القليل الثواب الكثير.
خامساً: الخلاصة:
هذا الحديث ضعيف الإسناد لا يجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز العمل به في إثبات فضيلة معينة للأضحية غير ثابتة.
والأضحية سنة مؤكدة ثابتة بالأدلة الصحيحة، ويشرع للمسلم أن يحرص عليها إذا كان قادراً، متبعاً في ذلك هدي النبي صلى الله عليه وسلم، متوكلاً على الله طالباً للأجر والثواب منه سبحانه، وهو الكريم الذي يعطي على القليل الكثير.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن ماجة (٣١٢٧) والإمام أحمد (١٩٢٨٣) من طريق سلّام بن مسكين، ثنا عائذ الله المجاشعيّ، عن أبي داود، عن زيد بن أرقم فذكره.
وصحح إسناده الحاكم في المستدرك (٢/ ٣٨٩) من هذا الوجه.
فتعقبه الذّهبيّ بقوله: «عائذ الله قال أبو حاتم: «منكر الحديث».
قلتُ: وشيخه أبو داود واسمه نُفيع بن الحارث أسوأ حالًا منه، فقد كذَّبه ابن معين وقال النسائيّ وغيره: «متروك». وبه أعلّه البوصيري في مصباح الزجاجة (٣/ ٥١).
وكذلك لا يصح أيضًا ما رُوي عن عائشة أن رسول الله ﷺ قال: «ما عمل آدمي من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم، إنه ليأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم ليقعُ من الله بمكان قبل أن يقع من الأرض، فطيبوا بها نفسًا».
رواه الترمذيّ (١٤٩٣)، وابن ماجة (٣١٢٦) كلاهما من طريق عبد الله بن نافع الصائغ أبو محمد، حَدَّثَنِي أبو المثنى، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة فذكرتْه.
قال الترمذيّ: «حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث هشام بن عروة إِلَّا من هذا الوجه«اهـ.
ورواه الحاكم (٤/ ٢٢١) من هذا الوجه وصحّح إسناده فتعقّبه الذّهبيّ بقوله: «سليمان واهٍ، وبعضهم تركهـ».
قلتُ: يعني أبا المثنى ووقع اسمه في سند الحاكم سليمان بن يزيد، وكذلك سمَّاه الترمذيّ وغير واحد. وهو ضعيف كما في «التقريب»، وذكره ابن حبَّان في «المجروحين» وقال: «شيخ يرُوي عن هشام بن عروة، يخالف الثّقات في الروايات لا يجوز الاحتجاج به، ولا الرواية عنه إِلَّا للاعتبار».
ومع ضعَّفه فهو أيضًا لم يسمع من هشام بن عروة قال الترمذيّ في العلل الكبير (٢/ ٦٣٨): «سألت محمدًا عن حديث أبي المثنى، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، عن النَّبِيّ ﷺ في الضحايا فقال: هو حديث مرسل، لم يسمع أبو المثنى من هشام بن عروة» اهـ.
ونقله عن الترمذيّ البيهقيّ في السنن الكبرى (٩/ ٢٦١) ثمّ قال عقبه: رواه ابن خزيمة عن يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب، عن أبي المثنى، عن إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عن هشام بن عروة، عن عائشة ﵂ وعن عمّه موسى بن عقبة أن رسول الله ﷺ قال: «ما عمل آدمي من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إهراق دم» ثمّ ذكره اهـ.
قال الأعظمي: وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة ثقة كما في التقريب، لكن تبقى العلة الأولى وهي ضعف أبي المثنى ولا متابع له، وبه أعلّه ابن حبَّان في كتابه «المجروحين» (٣/ ١٥١).
يُستفاد من مجموع الأحاديث استحباب الأضحية وسُنّيتها، ولا يستحب تركها لمن قدر عليها، وقد قال أحمد: «الأضحية أفضل من الصّدقة بقيمتها».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 5 من أصل 81 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: بكل شعرة من الصوف حسنة

  • 📜 حديث: بكل شعرة من الصوف حسنة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: بكل شعرة من الصوف حسنة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: بكل شعرة من الصوف حسنة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: بكل شعرة من الصوف حسنة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب