من ذبح قبل الصلاة فليعد

حديث: من ذبح قبل الصلاة فليعد

عن أنس قال: قال النَّبِيّ ﷺ يوم النحر: «من ذبح قبل الصّلاة فليُعِد»، فقام رجل فقال: يا رسول الله، إن هذا يوم يشتهى فيه اللحم - وذكر جيرانه - وعندي جذعة خيرٌ من شاتيْ لحمٍ. فرخّص له في ذلك، فلا أدري أبلغت الرخصة مَنْ سِواه أم لا ... الحديث.

متفق عليه: رواه البخاريّ في الأضاحي (٤٩)، ومسلم في الأضاحي (١٠: ١٩٦٢) كلاهما من طريق إبراهيم ابن علية، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أنس، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الشريف رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وهو يتعلق بأحكام ذبح الأضحية يوم عيد الأضحى، وفيه عظة وحكمة تشريعية عظيمة.
### أولاً. نص الحديث وفهم سياقه
يقول أنس رضي الله عنه: قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر (أول أيام عيد الأضحى): «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلْيُعِدْ» (أي فليذبح بدلاً عنها بعد الصلاة). فقام رجل وقال: يا رسول الله، إن هذا يوم يُشْتَهَى فيه اللَّحْم (أي يوم تكون فيه الرغبة شديدة في أكل اللحم للفقراء والجيران)، وَذَكَرَ جِيرَانَهُ (يشكو من حال جيرانه المحتاجين الذين يتوقون للحم)، وَعِنْدِي جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ (أي لديَّ عنزة صغيرة (جذعة) هي أفضل من شاتين كبيرتين من حيث جودة اللحم). فَرَخَّصَ لَهُ فِي ذَلِكَ (أي أجازه النبي في الذبح قبل الصلاة لهذه الأسباب)، فَلَا أَدْرِي أَبَلَغَتِ الرُّخْصَةُ مَنْ سِوَاهُ أَمْ لَا.
### ثانياً. شرح المفردات
● يوم النحر: هو أول أيام عيد الأضحى (العاشر من ذي الحجة).
● فليُعِدْ: فليعد الذبح، أي يذبح أضحية أخرى مكانها بعد الصلاة، لأن الأولى لا تُعتبر أضحية.
● يُشْتَهَى فيه اللَّحْم: يكون فيه اشتياق الناس لأكل اللحم، وخصوصاً الفقراء الذين لا يقدرون عليه إلا في مثل هذه الأيام.
● جذعة: هي أنثى المعز التي بلغت سنة ودخلت في الثانية، وهي سن جائز للأضحية في المعز عند الجمهور (خلافاً للضأن، فالمسنة أفضل فيه).
● رَخَّصَ لَهُ: أباح له ذلك الاستثناء لحاجته.
### ثالثاً. شرح الحديث وفقهه
1- الحكم الأصلي: الأصل في ذبح الأضحية أنه لا يجوز أن يبدأ بها قبل أن يصلي الإمام صلاة العيد وينتهي من خطبتها. وهذا هو الحكم العام الذي أعلنه النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه. والحكمة من ذلك:
- أن يكون ذبح الأضاحي بعد الصلاة إظهاراً لشعار الإسلام ووحدة الأمة في هذا النسك العظيم.
- تمييز الأضحية عن الذبح العادي للأكل، فهي عبادة وقربة إلى الله تعالى لها وقت محدد.
2- الاستثناء والترخيص: جاء الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وذكر له حاجتين:
● حاجة الفقراء والجيران: حيث إنه يوم عيد، والفقراء في انتظار اللحم ليشاركوا الأغنياء فرحتهم.
● جودة الأضحية: عنده جذعة (عنزة صغيرة) ذات لحم كثير ونوعية جيدة، وهي أفضل من شاتين كبيرتين، فأراد أن يذبحها ليوزع على جيرانه المحتاجين.
3- فقه الرخصة والاستثناء: من هذا الموقف نستفيد:
● مرونة الشريعة: الشريعة الإسلامية جاءت لتحقيق المصالح ورفع الحرج، فإذا وجدت حاجة أو مصلحة راجحة، فإنها تتسع للرخص والتيسير على الناس.
● تقديم المصلحة العامة: الرخصة هنا كانت لأجل إطعام الجيران المحتاجين وإدخال السرور عليهم في يوم العيد.
● أن الرخصة خاصة بهذا الشخص: قول أنس "فلا أدري أبلغت الرخصة من سواه أم لا" يدل على أن هذا الحكم استثنائي وليس عاماً، وأن الأصل هو الذبح بعد الصلاة.
### رابعاً. الدروس المستفادة والعبر
1- التيسير ورفع الحرج: من أعظم مقاصد الشريعة الإسلامية، وهذا الحديث نموذج حي على ذلك.
2- الحرص على إدخال السرور على الفقراء والجيران: خاصة في أيام الأعياد، وهذا من كمال الإيمان وحسن الخلق.
3- استحباب اختيار الأفضل في الأضحية: حيث قدم الرجل الجذعة لأن لحمها أكثر وأطيب، مما يعود بالنفع على المحتاجين.
4- الفهم الدقيق للنصوص: فليس كل رخصة تقال لشخص تكون عامة لكل الناس، بل يجب الرجوع إلى أهل العلم لفهم مدى عموم الاستثناء.
5- مشروعية السؤال عن أحكام الدين: كما فعل هذا الصحابي، حين استفسر عن الحكم عندما وجد حرجاً أو حاجة.

خامساً:

الحكم الفقهي المستفاد
● الأصل: أنه لا يجوز ذبح الأضحية قبل صلاة العيد، ومن ذبح قبلها فإنها لا تُجزئه، وتكون لحماً عادياً يجب عليه إعادة الأضحية.
● الاستثناء: إذا وجدت حاجة أو مصلحة راجحة (كحاجة الفقراء الشديدة للحم، أو خوف فساد اللحم بسبب الحر etc.)، فإنه يجوز الذبح قبل الصلاة للضرورة، ولكن هذا على قول بعض العلماء بناء على هذه الرخصة، والأحوط هو الالتزام بالذبح بعد الصلاة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الأضاحي (٤٩)، ومسلم في الأضاحي (١٠: ١٩٦٢) كلاهما من طريق إبراهيم ابن علية، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أنس، فذكره.
وقول أنس رضي الله عنه: «فلا أدري أبلغت الرخصة من سواه أم لا».
قال النوويّ: «هذا الشك بالنسبة إلى علم أنس ﷺ، وقد صرَّح النَّبِيّ ﷺ حديث البراء بن عازب السابق بأنها لا يبلغ غيره ولا تجزئ أحدًا بعده اهـ. شرح صحيح مسلم (١٣: ١١٦).
وقوله ﷺ: «ولن تصلح لغيرك».
قال البيهقيّ: «وهذه كانت جذعة من المعز، ولذلك لم يجز عن أحد بعده». السنن الصغرى (٤/ ٤٩٧ - مع المنة الكبرى).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 23 من أصل 81 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من ذبح قبل الصلاة فليعد

📜 حديث: من ذبح قبل الصلاة فليعد

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من ذبح قبل الصلاة فليعد

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من ذبح قبل الصلاة فليعد

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من ذبح قبل الصلاة فليعد

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية