من كان له ذبح فلا يأخذ من شعره ولا أظفاره حتى يضحي

حديث: من كان له ذبح فلا يأخذ من شعره ولا أظفاره حتى يضحي

عن أم سلمة زوج النَّبِيّ ﷺ قالت: قال رسول الله ﷺ: «من كان له ذِبْحٌ يذبَحُه، فإذا أهِلّ هلال ذي الحجة، فلا يأخذن من شعره، ولا من أظفاره شيئًا حتَّى يضحّي».

صحيح: رواه مسلم في الأضاحي (٤٢: ١٩٧٧) عن عبيد الله بن معاذ العنبريّ، حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا محمد بن عمرو الليثيّ، عن عمر بن مسلم بن عمَّار بن أكيمة الليثي قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: سمعت أم سلمة تقول فذكرته.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يتعلق بآداب الأضحية وحكمها. وها هو شرحه على النحو التالي:

أولاً. شرح المفردات:

● ذِبْحٌ يذبَحُه: أي أضحية يعزم على ذبحها في عيد الأضحى تقرباً إلى الله تعالى.
● أهِلّ هلال ذي الحجة: أي ظهر ودخل شهر ذي الحجة، وهو الشهر الذي فيه يوم النحر (عيد الأضحى).
● فلا يأخذن من شعره، ولا من أظفاره شيئًا: أي يمتنع عن إزالة شيء من شعر بدنه (كشعر الرأس، اللحية، الإبط، العانة، إلخ) أو تقليم أظافره.
● حتَّى يضحّي: أي إلى أن يذبح أضحيته.

ثانياً. شرح الحديث:

يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن حكم شرعي مهم لمن نوى أن يضحي. فمن دخل عليه شهر ذي الحجة وهو عازم على أن يذبح أضحية، فيحرم عليه أن يزيل شيئاً من شعره أو يقلم أظافره، ويبقى على هذه الحالة من الامتناع إلى أن يذبح أضحيته يوم النحر أو في أيام التشريق.
والحكمة من هذا النهي -والله أعلم- هي أن يكون المضحي كامل البدن في حالة كاملة من التعبد والتقرب إلى الله، مشابهاً في بعض أحواله للحاج المحرم الذي يمتنع عن أشياء معينة، فيكون هذا الامتناع نوعاً من التعظيم لله وشعائره، وإظهاراً للانتظار والاستعداد للتقرب إليه بالذبح.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- وجوب الامتناع عن أخذ الشعر والأظافر للمضحي: هذا هو الحكم الأساسي المستفاد من الحديث، وهو رأي جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة، واستدلوا بهذا الحديث. وهو المنصوص عليه في المذاهب الأربعة.
2- التوقيت: يبدأ هذا الحكم بدخول شهر ذي الحجة (أي من غروب شمس آخر يوم من شهر ذي القعدة)، وليس من اليوم الثامن (يوم التروية) كما يظن البعض.
3- شروط الحكم: هذا الحكم خاص بمن نوى الأضحية عن نفسه أو عائلته. أما من يضحى عنه (كالأب الذي يضحي عن أولاده الصغار) فلا يلزمهم هذا الامتناع، بل يلزمه هو (النائب).
4- حكم من فعل ذلك ناسياً أو جاهلاً: من أخذ من شعره أو أظفاره في هذه الفترة ناسياً أو جاهلاً بالحكم، فلا إثم عليه، وعليه أن يتوقف فور تذكره أو علمه بالحكم، وأضحيته صحيحة ولا كفارة عليه عند جمهور العلماء.
5- التشبه بالحاج: فيه إشارة إلى تشبه غير الحاج بالحاج في بعض الشعائر، تعظيماً لأيام الله تعالى.
6- النية والعزم: الحكم مرتبط بالعزم والنية على الأضحية، فمن لم ينوِ أصلاً فلا شيء عليه.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

● مصدر الحديث: رواه مسلم في صحيحه، وأبو داود، والنسائي، وأحمد. وهو حديث صحيح متفق على صحته.
● حكم من خالف وأخذ: ذهب جمهور العلماء إلى أن من أخذ شيئاً من شعره أو أظفاره متعمداً بعد دخول ذي الحجة وهو يريد أن يضحي، فقد فعل makruhاً (مكروهاً) وأضحيته صحيحة، ولا فدية عليه. وخالف بعض العلماء فقالوا بوجوب الفدية (كفارة)، ولكن الراجح هو قول الجمهور لعدم ورود دليل على الفدية.
● ما يشمله النهي: النهي يشمل كل شعر البدن (الرأس، اللحية، الشارب، الإبط، العانة) وكذلك تقليم الأظافر وقصها، سواء كان ذلك بقص أو نتف أو حلاقة أو بحرق أو بآلة.
● الاستثناء: إذا كان الشعر مزعجاً جداً (مثل أن تكون هناك شعرة في العين تؤذيه) فله إزالتها للضرورة.
أسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، وأن يبلغنا أيام ذي الحجة ويعيننا على فعل الطاعات فيها.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الأضاحي (٤٢: ١٩٧٧) عن عبيد الله بن معاذ العنبريّ، حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا محمد بن عمرو الليثيّ، عن عمر بن مسلم بن عمَّار بن أكيمة الليثي قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: سمعت أم سلمة تقول فذكرته.
ثمّ رواه من طريق أبي أسامة، عن محمد بن عمرو، عن عمرو بن مسلم بن عمار الليثي قال: كنا في الحمام قبيل الأضحى، فاطّلى فيه ناس فقال بعض أهل الحمام: إن سعيد بن المسيب يكره هذا أو ينهى عنه، فلقيتُ سعيد بن المسيب فذكرت ذلك له، فقال: يا ابن أخي، هذا حديث قد نُسِي وتُرِك حدثتني أم سلمة زوج النَّبِيّ ﷺ قالت: قال رسول الله ﷺ بمعنى حديث معاذ عن محمد بن عمرو. (عمر بن مسلم وعمرو بن مسلم كلاهما واحد).
فقه الحديث:
يستفاد من هذا الحديث أن من أراد أن يضحي فيحرم عليه أخذ شيء من شعره، وأظفاره، حتَّى يضحي وإليه ذهب سعيد بن المسيب راوي الحديث والإمام أحمد، وإسحاق بن راهويه، وأهل الظاهر، وبعض أصحاب الشافعيّ، وقد لخص ابن عبد البر مذاهب الفقهاء فقال:
«ومذهب مالك أنه لا بأس بحلق الرأس، وتقليم الأظفار، وقص الشارب في عشر ذي الحجة، وهو مذهب سائر الفقهاء بالمدينة والكوفة، وقال اللّيث بن سعد: وقد ذكر له حديث سعيد بن المسيب عن أم سلمة أن النَّبِيّ ﷺ قال: «من أهل عليه منكم هلال ذي الحجة وأراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره وأظفاره حتَّى يضحي. فقال اللّيث: قد روي هذا، والناس على غير هذا. وقال الأوزاعي: إذا اشترى أضحيته بعد ما دخل العشر فإنه يكف عن قص شاربه، وأظفاره وإن اشتراها قبل أن يدخل العشر فلا بأس.
واختلف قول الشافعي في ذلك فمرة قال: من أراد أن يضحي لم يمس في العشر من شعره شيئًا، ولا من أظفاره. وقال في موضع آخر: أحب لمن أراد أن يضحي أن لا يمس في العشر من شعره ولا من أظفاره شيئًا حتَّى يضحي لحديث أم سلمة. فإن أخذ من شعره وأظفاره فلا بأس؛ لأن عائشة قالت: «كنت أفتل قلائد هدي رسول الله ﷺ» الحديث.
وذكر الأثرم: أن أحمد بن حنبل كان يأخذ بحديث أم سلمة هذا فقيل له: فإن أراد غيره أن يضحي وهو لا يريد أن يضحي فقال: إذا لم يرد أن يضحي لم يمسك عن شيء، إنّما قال: «إذا أراد أحدكم أن يضحي». التمهيد (١٧/ ٢٣٥).
وقال أبو حنيفة: لا يكره ذلك، لأنه لا يحرم عليه الوطء واللباس، فلا يكره له حلق الشعر وتقليم الأظفار».
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يمسك عن أخذ شعره، وتقليم أظافره إِلَّا إذا دخل عليه العشر، وعنده الأضحية، فإذا لم تكن له الأضحية فلا يجب عليه أن يمسك.
روى مسدد - كما في إتحاف الخيرة المهرة (٦٤٨٠) - عن كثير بن أبي كثير، أن يحيى بن يعمر كان يفتي بخراسان أن الرّجل إذا اشترى الأضحية وأسماها ودخل العشر أن يكف عن شعره وأظفاره حتَّى يضحي، قال قتادة: فذكرت ذلك لسعيد بن المسيب فقال: «نعم» فقلتُ عمن يا أبا
محمد؟ قال عن أصحاب محمد ﷺ. ورجاله ثقات.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 7 من أصل 81 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من كان له ذبح فلا يأخذ من شعره ولا أظفاره حتى يضحي

📜 حديث: من كان له ذبح فلا يأخذ من شعره ولا أظفاره حتى يضحي

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من كان له ذبح فلا يأخذ من شعره ولا أظفاره حتى يضحي

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من كان له ذبح فلا يأخذ من شعره ولا أظفاره حتى يضحي

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من كان له ذبح فلا يأخذ من شعره ولا أظفاره حتى يضحي

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية