حديث: الجذع يوفي مما يوفي منه الثني
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب الأضحية بالجذعة من الضأن
حسن: رواه أبو داود (٢٧٩٩)، وابن ماجة (٣١٤٠)، والحاكم (٤/ ٢٢٦) من طريق عبد الرزّاق، أنبأنا الثوريّ، عن عاصم بن كليب، عن أبيه قال: فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الذي ذكر رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، وغيرهما، عن الصحابي الجليل مُجَاشِع بن مسعود السُّلَمِي رضي الله عنه، وهو حديث صحيح.
أولاً. شرح المفردات:
● كليب الجرمي: هو الراوي عن الصحابي مجاشع، وهو تابعي ثقة.
● مُجَاشِع من بني سُليم: هو صحابي جليل من قبيلة بني سليم، شهد بيعة الرضوان وغيرها.
● عَزَّتِ الغنم: أي قلت وندرَتْ وصارت عزيزة الوجود، وغلا ثمنها. والعَزَّة هنا بمعنى الندرة والقلّة.
● الجذع: هو الصغير من الإبل الذي استكمل سنة ودخل في الثانية، أو هو من الغنم ما له سنة تامة ودخل في الثانية. وهو دون الثني في السن والقيمة.
● الثني: هو الذي له سنتان كاملتان في الإبل، أو سنة كاملة في الغنم، وهو أكبر من الجذع وأعلى قيمة.
● يُوفي: أي يُجزئ ويقوم مقامه في الأداء والكفاية. والمعنى: أن الجذع يوفي ويقوم مقام الثني في أداء الزكاة أو الكفارة إذا تعذر وجود الثني.
ثانياً. شرح الحديث:
يخبرنا التابعي كليب الجرمي أنه كان في صحبة الصحابي الجليل مجاشع بن مسعود السلمي رضي الله عنه، فحصلت أزمة وندرة في الغنم (أي قلت وارتفع ثمنها)، فخاف الناس من عدم قدرتهم على إخراج زكاة أغنامهم لأنهم لن يجدوا الثنيات (وهو السن المطلوب في الزكاة) بسبب غلائها وندرتها.
فأمر الصحابي مجاشع منادياً ينادي على الناس ليعلّمهم ويذكّرهم بهذه السنة النبوية، وهي قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الجذع يوفي مما يوفي منه الثني».
المعنى الإجمالي: أن النبي صلى الله عليه وسلم شرع للأمة رخصة ويسراً، فإذا وجب على الإنسان إخراج ثنية (شاة لها سنة تامة) في الزكاة أو الكفارة أو غيرها، ثم لم يجدها أو كانت نادرة وغالية الثمن بشكل يشق على الناس، فإنه يجوز له أن يخرج بدلاً عنها جذعاً (وهو ما دونها سناً وأقل قيمة)، ويكون ذلك مُجزئاً ومقبولاً، لأنه يوفي ويقوم مقامها.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- يسر الشريعة الإسلامية وسماحتها: فالشريعة جاءت بما يُسهل على الناس أمورهم ولا يضيق عليهم، خاصة في أوقات الشدة والمجاعة وغلاء الأسعار.
2- مراعاة الظروف الاقتصادية: يأخذ الحكم الشرعي في الاعتبار الظروف الطارئة على الناس، فلا يكلفهم ما لا يطيقون.
3- الحكمة من التشريع: المقصود الأعظم من الزكاة والكفارات هو تحقيق المصالح والتكافل، وإخراج الجذع يحقق هذا المقصد عند العجز عن إخراج الثني.
4- سنة الصحابة رضي الله عنهم في التعليم والنصح: حرص الصحابي على إبلاغ الناس هذه السنة ليعلموا بالرخصة ويرفع عنهم الحرج، وهذا من نصحهم للأمة.
5- تفقه الصحابة و aplicación السنة: يدل على أن الصحابة كانوا حريصين على تطبيق سنة النبي صلى الله عليه وسلم وتذكير الناس بها في مواضع الحاجة إليها.
رابعاً. معلومات إضافية:
- هذا الحديث يدخل في باب "إجزاء البدل عند العجز عن الأصل" في الفقه الإسلامي.
- تطبق هذه القاعدة في أبواب متعددة مثل زكاة livestock (الأنعام)، والكفارات، والأضاحي (عند بعض العلماء بضوابط).
- الفقهاء الذين أخذوا بهذا الحديث استدلوا به على إجزاء الجذع من الضأن في الزكاة place of الثني من المعز عند العجز أو الندرة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
ورواه النسائيّ (٤٣٨٤)، وأحمد (٢٣١٢٣)، والحاكم (٤/ ٢٢٦) من طريق شعبة، عن عاصم بن كليب، قال سمعتُ أبي يحدِّث عن رجل، قال: كنا مع النَّبِيّ ﷺ قبل الأضحي بيومين نُعْطي الجذَعتَين بالثنيّة، فقال رسول الله ﷺ: «إنَّ الجذعة تُجزيءُ ما تُجزئ منه الثنية».
ورواه النسائيّ (٤٣٨٣) من طريق أبي الأحوص، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، قال: فذكره بمثل رواية الثوريّ، وفي أوله قصة.
ورواه الحاكم أيضًا من طريق عبد الله بن إدريس، ثنا عاصم بن كليب به بنحو حديث الثوري. والحديث مداره على عاصم بن كليب وهو صدوق حسن الحديث، وقد صحَّحه الحاكم.
ورواه البيهقيّ (٩/ ٢٧٠ - ٢٧١) من طريق أبي حذيفة، ثنا سفيان به، بمثل رواية عبد الرزّاق غير أنه قال: «إن الجذع من الضأن».
وأبو حذيفة هو موسى بن مسعود النهدي البصريّ، صدوق سيء الحفظ وكان يصحِّف كما في التقريب.
وقد تكلموا في روايته عن سفيان الثوري فقال الإمام أحمد: «كأن سفيان الذي يحدث عنه أبو حذيفة ليس هو سفيان الثوري الذي يحدث عنه الناس».
وقال ابن محرز: «سألت يحيى عن أصحاب سفيان من هم«؟ قال: «المشهورون: وكيع، ويحيى، وعبد الرحمن، وابن المبارك، وأبو نعيم، هؤلاء ثقات. قيل له: فأبو عاصم، وعبد الرزّاق، وقبيصة، وأبو حذيفة؟ قال: «هؤلاء ضعفاء» يعني في الثوري.
والحاصل أن هذا الحديث والذي قبله دلا على جواز الأضحية بالجذع من الضأن مطلقًا سواء وجد الثني أم لم يوجد.
أما حديث جابر: «لا تذبحوا إِلَّا مسنة إِلَّا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة» فهو محمول على الأفضلية جمعا بين النصوص أي يجوز ذبح الجذعة والأفضل المسنة.
أما ما رُوي عن أبي كباش قال: جلبت غنمًا جُذعانًا إلى المدينة فكسدت عليَّ، فلقيت أبا هريرة فسألته فقال: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: «نعم الأضحية الجذع من الضأن». قال: فانتهبه الناس، فهو ضعيف.
رواه الترمذيّ (١٤٩٩)، والإمام أحمد (٩٧٣٩) من طريق وكيع، ثنا عثمان بن واقد، عن كِدام بن عبد الرحمن، عن أبي كباش، فذكره.
وإسناده ضعيف لجهالة أبي كباش والراوي عنه كدام بن عبد الرحمن ولذلك أعلّه الترمذيّ بقوله: «حديث غريب، وقد رُوي هذا عن أبي هريرة موقوفًا.
وأورده في العلل الكبير (٢/ ٦٤٦) وقال: سألت محمدًا - يعني البخاريّ - عن هذا الحديث فقال: «روى هذا الحديث عثمان بن واقد فرفعه إلى النَّبِيّ ﷺ، ورُوي عن غير عثمان بن واقد عن أبي هريرة موقوفًا». اهـ.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن أم بلال بنت هلال عن أبيها، أن رسول الله ﷺ قال: يجوز الجذع من الضأن أضحيةً».
رواه ابن ماجة (٣١٣٩)، والإمام أحمد (٢٧٠٧٣) من طريق أبي ضمرة أنس بن عياض، ثنا محمد بن أبي يحيى مولى الأسلمية، عن أمه قالت: حَدَّثَنِي أم بلال بنت هلال، عن أبيها، فذكرته.
وإسناده ضعيف لجهالة أم محمد بن أبي يحيى الأسلمي.
وأم بلال قال الذّهبيّ في الميزان: «لا تعرف، ولكن وثَّقها العجلي».
يقال لها صحبة كما في «التقريب».
ثمّ اختلف فيه على أبي ضمرة فرواه البيهقيّ (٩/ ٢٧١) وفي المعرفة (١٤/ ٢٩) من طريق إبراهيم بن المنذر الحزاميّ، ثنا أبو ضمرة به، وليس فيه «عن أبيها».
قال البيهقيّ في المعرفة: «وهو الصَّحيح».
قال الأعظمي: كذلك رواه أيضًا يحيى بن سعيد القطان، عن محمد بن أبي يحيى به فيما رواه الإمام أحمد (٢٧٠٧٢)، والطَّبرانيّ في الكبير (٢٥/ ١٦٤) بلفظ: «ضحوا بالجذع فإنه جائز».
ومداره على أم محمد بن أبي يحيى وهي علة الحديث.
وأمّا ما رُوي عن أبي زيد الأنصاري قال: مر رسول الله ﷺ بدار من دور الأنصار فوجد ريح قُتار، فقال: «من هذا الذي ذبح؟» فخرج رجل منا فقال: أنا يا رسول الله، ذبحت قبل أن أصلي لأطعم أهلي وجيراني، فأمره أن يعيد فقال: لا والله الذي لا إله إِلَّا هو، ما عندي إِلَّا جذع أو حمل من الضأن قال: «فاذبحها ولن تجزيء جذعة عن أحد بعدك». ففيه نكارة.
رواه ابن ماجة (٣١٥٤) عن أبي بكر بن أبي شيبة، ثنا عبد الأعلى، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي زيد فذكره.
قال أبو بكر: وقال غير عبد الأعلى، عن عمرو بن بُجدان، عن أبي زيد.
ورواه ابن ماجة، وأحمد (٢٠٧٣٤) من طريق عبد الوراث (هو ابن سعيد العنبري) عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن عمرو بن بجدان به فذكره.
وعمرو بن بجدان العامري البصري تفرّد عنه أبو قلابة، لا يُعرف حاله كما في «التقريب»، وكذا قال الإمام أحمد وابن القطان كما في التهذيب والميزان.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 19 من أصل 81 حديثاً له شرح
- 1 العمل في أيام العشر
- 2 من فعله فقد أصاب سنتنا
- 3 من ذبح قبل الصلاة فإنما ذبح لنفسه
- 4 ضَحَّى رسولُ الله ﷺ والمسلمون
- 5 بكل شعرة من الصوف حسنة
- 6 إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من...
- 7 من كان له ذبح فلا يأخذ من شعره ولا أظفاره...
- 8 ذبح الكبشين الأقرنين الأملحين
- 9 أمر بكبش أقرن يطأ في سواد ويبرك في سواد وينظر...
- 10 يُضحي بكبش أقرن فحيل ينظر في سواد
- 11 اشترِ لي هذه كأنه شبّهه بكبش رسول الله ﷺ
- 12 قرنا الكبش في البيت لا ينبغي أن يشغلا المصلي
- 13 سعي النبي بين الصفا والمروة في الحج
- 14 أربع لا تجوز في الأضاحي
- 15 استشرفوا العين والأذن
- 16 لا تُضحَّى بعضباء الأذن والقرن
- 17 لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم
- 18 ضَحَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِجَذَعٍ مِنَ الضَّأْنِ
- 19 الجذع يوفي مما يوفي منه الثني
- 20 ذبح شاة قبل الصلاة
- 21 ذبح قبل الصلاة فأمره النبي بإبدالها
- 22 عندنا عناق جذعة هي أحب إلي من مسنة
- 23 من ذبح قبل الصلاة فليعد
- 24 عنوان الحديث: قسم النبي ﷺ بين أصحابه ضحايا فصارت العقبة...
- 25 ذبح أضحيته قبل النبي وأمره أن يعيد بضحية أخرى
- 26 عنوان الحديث: قسم رسول الله ﷺ في أصحابه ضحايا
- 27 ذبح قبل صلاة العيد فقال النبي: لا يجزئ عنك
- 28 أخذ الشعر والأظفار تمام الأضحية عند الله
- 29 النَّبِيّ ﷺ يقول للحائض: اقضي ما يقضي الحاج غير الطواف...
- 30 عن سبعة البدنة والبقرة
- 31 نذبح البقرة عن سبعة نشترك فيها
- 32 اشحذي المدية بحجر ثم ذبح الكبش
- 33 كان الرجل يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته
- 34 يضحون بالشاة والشاتين
- 35 يُضحّي بالشاة الواحدة عن جميع أهله
- 36 أوصاني رسول الله أن أضحي عنه
- 37 يضحّي النبي بكبشين وأنا أضحّي بكبشين
- 38 هذا عمن لم يضح عن أمتي
- 39 اشترى كبشين عظيمين سمينين أقرنين أملحين موجوءين
- 40 من ذبح قبل الصلاة فليس من النسك في شيء
- 41 لا تذبحوا حتى تصلوا
- 42 من ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى
- 43 إعادة الذبح لمن ذبح قبل صلاة العيد
- 44 من كان نحر قبل النبي أن يعيد بنحر آخر
- 45 ذبحوا قبل الصلاة فليشتروا غيرها ثم ليذبحوها
- 46 كل أيام التشريق ذبح
- 47 يذبح رسول الله ﷺ وينحر بالمصلى
- 48 ضحى النبي بكبشين أملحين وذبحهما بيده
- 49 إذا ذبحتم فأحسنوا الذبح
- 50 أمر بكبش أقرن يطأ في سواد ويبرك في سواد وينظر...
معلومات عن حديث: الجذع يوفي مما يوفي منه الثني
📜 حديث: الجذع يوفي مما يوفي منه الثني
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: الجذع يوفي مما يوفي منه الثني
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: الجذع يوفي مما يوفي منه الثني
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: الجذع يوفي مما يوفي منه الثني
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








