حديث: لا تمثلوا بالبهائم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النهي عن صبر البهائم ورميها

عن عبد الله بن جعفر قال: مرَّ رسول الله ﷺ على أناس وهم يرمون كبشا بالنبل فكره ذلك، وقال: «لا تَمْثَلُوا بالبهائم».

حسن: رواه النسائي (٤٤٤٠)، وأبو يعلى (٦٧٩٠) كلاهما من طريق عبد العزيز بن أبي حازم، عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن معاوية بن عبد الله بن جعفر، عن عبد الله بن جعفر فذكره.

عن عبد الله بن جعفر قال: مرَّ رسول الله ﷺ على أناس وهم يرمون كبشا بالنبل فكره ذلك، وقال: «لا تَمْثَلُوا بالبهائم».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الشريف الذي ذكر يُعد من جوامع كلم النبي ﷺ، التي تحمل حكماً عظيماً وأخلاقاً سامية. وإليك الشرح الوافي له على النحو التالي:


1. شرح المفردات:


● مَرَّ: سار واجتاز.
● يَرْمُونَ: يصيبونه بالسهام أو الحجارة.
● كَبْشًا: ذكر الغنم، وهو الحيوان المعروف.
● بِالنَّبْل: جمع نَبلَة، وهي السهام.
● فَكَرِهَ ذَلِكَ: أنكر ذلك واستقبله بوجهٍ متغيرٍ يدل على عدم الرضا.
● لا تَمْثُلُوا: لا تتخذوا الحيوان غرضاً تمثلون به، أي تشوهون خلقه وتُهلِكُه بطريقة مُتعمدة وبطيئة. والمُثلة: هي التشويه أو القطع أو الإيذاء الذي يُغير خلق الله.


2. شرح الحديث:


يخبر الصحابي الجليل عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ مر على قوم قد جعلوا كبشاً (شاة) هدفاً لهم، يرمونه بالسهام ويتدربون على إصابته، مما يتسبب في تعذيبه وإيذائه قبل موته.
فاستاء النبي ﷺ من هذا المنظر جداً، وأنكر عليهم فعلهم هذا، ووجههم توجيهاً تربوياً عاماً بقوله: «لا تَمْثُلُوا بالبهائم».
والنهي هنا ليس عن الصيد للانتفاع، بل عن التعذيب والتشويه الذي لا حاجة إليه ولا فائدة منه سوى اللهو أو إظهار المهارة على حساب تعذيب كائن حي لا ذنب له.


3. الدروس المستفادة منه:


1- تحريم التعذيب وإيذاء الحيوانات: يوضح الحديث حرص الإسلام الشديد على الرحمة بالحيوان وتحريم إيذائه أو تعذيبه بأي شكل من الأشكال، ولو كان الغرض التدريب على الرماية. فالغاية النبيلة (التدريب) لا تبرر الوسيلة القاسية (تعذيب حيوان).
2- الرفق بالحيوان أصل عظيم: هذا الحديث أحد النصوص الكثيرة التي تؤسس لمبدأ الرفق بالحيوان في الإسلام، وهو مبدأ سبق به التشريع الإسلامي جميع المواثيق الدولية الحديثة.
3- تحريم التمثيل (التشويه): النهي عن "المُثلة" يشمل أي تشويه لخلق الحيوان، سواء بالقطع أو الحرق أو الرمي، حتى بعد موته. وهذا تحذير من القسوة والغلظة في القلب.
4- التوجيه النبوي البديل: لم يكتفِ النبي ﷺ بالنهي، بل كان يُوجه إلى البديل الحلال. فلو أراد هؤلاء التدرب على الرماية، فليجعلوا هدفاً غير حي (كهدف من جلد أو قشّ أو غيره)، كما جاء في أحاديث أخرى أمرَ فيها بالتدرب على الرمي.
5- تهذيب النفوس: الإسلام لا يريد فقط مهارة بدنية، بل يريد إنساناً متكاملاً خلوقاً رحيماً. فالمسلم القوي هو الذي يتحلى بالرحمة ولا تكون قوته وسيلة للقسوة.
6- التقويم الأخلاقي المستمر: فعل الصحابة لم يكن بدافع الشر، بل ربما كان عادة جاهلية أو لهواً، فجاء النبي ﷺ ليصحح المفاهيم ويرتقي بأخلاق الأمة.


4. معلومات إضافية مفيدة:


● مصدر الحديث: رواه الإمام أحمد في مسنده، والطبراني في المعجم الكبير، وهو حسن لغيره.
● الحديث في سياقه: هذا النهي جزء من منظومة كاملة من الأحاديث التي تحض على الرحمة بالحيوان، مثل الحديث المشهور: «دخلت امرأة النار في هرة ربطتها، فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض» (متفق عليه)، والحديث: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة» (رواه مسلم).
● التطبيق المعاصر: ينطبق هذا النهي على الكثير من الممارسات الحديثة التي فيها إيذاء للحيوانات، مثل:
- قتلها بطريقة بطيئة ومؤلمة.
- إجراء التجارب المؤلمة عليها دون ضرورة قصوى أو دون تخدير.
- اتخاذها أهدافاً للتدريب على القنص بطريقة غير مضمونة الموت السريع.
- مصارعة الثيران وغيرها من الممارسات التي تتخذ من عذاب الحيوان وسيلة للترفيه.

نسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن نكون رحماء بخلق الله جميعاً. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه النسائي (٤٤٤٠)، وأبو يعلى (٦٧٩٠) كلاهما من طريق عبد العزيز بن أبي حازم، عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن معاوية بن عبد الله بن جعفر، عن عبد الله بن جعفر فذكره.
وإسناده حسن، رجاله ثقات مشهورون غير معاوية بن عبد الله بن جعفر القرشي الهاشمي فقد روى عنه جمعٌ من الثقات، وقال يعقوب بن شيبة: كان مقدما وكان يوصف بالفضل والعلم، وقد وثقه العجلي وذكره ابن حبان في الثقات، ولذلك لم يتردد الذهبي في «الكاشف» في توثيقه.
فهو لا ينزل عن درجة صدوق، وأما الحافظ فقال فيه: «مقبول» والصواب أنه صدوق حسن الحديث. وفي معناه روي عن أبي أيوب قال: نهى رسول الله ﷺ عن صبر الدابة.
قال أبو أيوب: لو كانت لي دجاجة ما صبرتها.
رواه أحمد (٢٣٥٨٩) والدارمي (٢٠١٧) والبيهقي (٩/ ٧١) من طريق أبي عاصم، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، حدثنا يزيد بن أبي حبيب، عن بكير (ابن عبد الله بن الأشج)، عن أبيه، عن عبيد
ابن تِعْلي، عن أبي أيوب، فذكره.
وفي إسناده عبد الله بن الأشج، لم يرو عنه غير ابنه، ولم يوثقه أحد إلا أن ابن حبان ذكره في ثقاته (٥/ ١٤) وهو غير مترجم في التعجيل مع أنه على شرطه.
ورواه أبو داود (٢٦٨٧) وأحمد (٢٣٥٩٠) من طريقين عن عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن ابن تعلي، قال: غزونا مع عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، فأتي بأربعة أعلاج من العدو، فأمر بهم، فقتلوا صبرا بالنبل، فبلغ ذلك أبا أيوب، فقال: سمعت رسول الله ﷺ ينهى عن قتل الصبر.
زاد أبو داود: فوالذي نفسي بيده، لو كانت دجاجة ما صبرتها. فبلغ ذلك عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، فأعتق أربع رقاب.
فأسقط من هذا السند ذكر عبد الله بن الأشج، والصواب إثباته، فقد قال المزي في ترجمة عبيد بن تعلى من تهذيب الكمال: الصحيح قول من قال: «عن أبيه» أهـ. وتبعه ابن حجر في التهذيب.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب

معلومات عن حديث: لا تمثلوا بالبهائم

  • 📜 حديث: لا تمثلوا بالبهائم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا تمثلوا بالبهائم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا تمثلوا بالبهائم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا تمثلوا بالبهائم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب